الوقت - أينما جلنا بنظرنا إقليميا ودوليا نجد اسم فلسطين عاليا وعلمها مرفرفا وكل جرائم الاحتلال الصهيوني وعنصريته وعنجهيته لم تجدِ نفعا، كما لم تجدِ كل عمليات التطبيع في إسكات صوت الشعوب المؤمنة بالحق والمدركة لعدالة القضية الفلسطينية، وانتقل الطوفان من الأقصى إلى الحدود الإقليمية لفلسطين المحتلة، مشكلا طوفانا بشريا مذهلا ولافتا ومتأهبا للدفاع عن فلسطين ومكسرا الحواجز والقيود.
في السياق، أثار التوافد الجماهيري العراقي على الحدود حفيظة وقلق الحكومة الأردنية بعدما لوحظ بأن العشرات من الحافلات تقل عراقيين شيعة تتحرك بشكل دوري باتجاه الحدود مع الأردن وتقام اعتصامات على الجانب العراقي من الحدود منذ أسبوع تقريبا على الأقل تتخللها هتافات لملك الأردن بأن يفتح الحدود.
حيث طالبت هذه الحشود بفتح الحدود الأردنية العراقية للتوجه إلى الحدود مع فلسطين والمشاركة في الحرب والجهاد في حين بدأت شخصيات رسمية وبرلمانية أردنية تجري اتصالات مع قيادات شيعية عراقية بهدف التخفيف من حدة ما تسميه الفوضى على مركز الحدود المشترك وسط تلويح بأن السلطات الأردنية قد تضطر فعلا لإغلاق المراكز الحدودية إذا ما استمر ذلك التحشيد.
ووسط إجراءات أمنية مشددة، نصب متظاهرون خياما ونظموا اعتصاما مطالبين "إسرائيل" بالسماح بدخول المساعدات إلى غزة،
ورددوا شعارات مناهضة لـ"إسرائيل" ورافضة للتطبيع، بينما كانوا يلوحون بالأعلام الفلسطينية.
وتعتبر السلطات الأردنية أن وجود تلك التجمعات على حدودها مجرد رسالة موقف ولفت نظر ليس أكثر لكن استمرار تدفق العراقيين يعني أن المشكلة قد تصبح أمنية لاحقا لأن السلطات الأردنية بصعوبة تسيطر على الشارع الأردني ولأن الوضع أصبح أكثر حساسية.
كما طالبت الاتصالات مع قادة من الشيعة العراقيين بوقف الإعلانات الجماهيرية التي تطالب الشعب العراقي بالتوجه إلى الحدود مع فلسطين المحتلة عبر الأردن كما طولبت حكومة بغداد عبر السفير الأردني في العاصمة العراقية بمراقبة ما يجري والحد من تسهيلات الحافلات والخدمات التي تحرض العراقيين على الجهاد في فلسطين ولكن عبر الأردن.
الموقف أبلغ أيضاً في القاهرة لصديق عمان رئيس الوزراء العراقي الحالي محمد شياع السوداني.
والسلطات الأردنية تعتقد بأن منظمات الحشد الشيعي العراقي هي التي تنشط في هذا الاتجاه وبعض التقرير الأمنية تتحدث عن أكثر من أربعة آلاف عراقي يتواجدون الآن على الأقل على المركز الحدودي ولا يسمح لهم الأردن بالعبور فيما العدد يتزايد.
كما تجمع المئات من أنصار قوات الحشد الشعبي في بغداد بالقرب من الجسر المؤدي إلى المنطقة الخضراء شديدة التأمين، حيث يقع مقر السفارة الأمريكية والبعثات الأخرى في بغداد.
وأصوات هؤلاء وصخبهم وهتافاتهم يتم تسجيلها وتصويرها وتبادلها عبر منصات التواصل الاجتماعي حتى بين الأردنيين، الأمر الذي أصبح مثيرا للقلق وتنشط الدبلوماسية الأردنية بصمت حتى الآن للتعامل معه بعيداً عن الإثارة والإعلام وحتى لا تضطر لإعلان إغلاق مراكز الحدود والعبور مع العراق وخصوصا أن المواطن العراقي تسمح له الاتفاقيات الثنائية بتسجيل العبور بوثائق السفر فقط ودون الحاجة إلى تأثيرات.
حجم المشكلة يزيد والانتباه لها أكثر وأصبحت جزءاً من عناصر أخرى يتسبب بها في الأقليم للأردن العمل العسكري الإسرائيلي المتوحش في قطاع غزة واحتمالات التصعيد وامتداد الصراع عسكريا بين دول الجوار.
وقال رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي، فالح الفياض، إن العراق سيقوم "بكل الواجبات تجاه الفلسطينيين، سواء على صعيد المساعدات، أو على المستوى العسكري" مضيفا إن "مشروع تهجير سكان غزة بائس، ولا يمكن تحقيقه"، مؤكداً أن "من المستحيل أن يكون العراق منطلقاً لإيذاء الفلسطينيين، بل سيكون منطلقاً لدعمهم".
وتابع: عملية طوفان الأقصى أظهرت أن كيان الاحتلال مهزوز، وأمريكا شريكة أساسية له"، لافتاً إلى أن ما تقوم به المقاومة هو رد فعل على جرائم الاحتلال.
وشدّد الفياض على أن العراق سيبقى "السند الأساسي في دعم المقاومة الفلسطينية، ولن يسمح للأمريكيين بإسناد الاحتلال ضد الفلسطينيين.
وبشأن نتائج ملحمة "طوفان الأقصى" قال الفياض إن تبعات ما جرى في قطاع غزة كبيرة، ونتائجه ستظهر قريباً، ولا سيما في مسألة التطبيع.
بدورها أعلنت هيئة الحشد الشعبي في بيان رسمي دعمها الكامل لـ"المقاومة" في فلسطين منذ بدء عملية طوفان الأقصى وهذا هو البيان الرسمي الثاني الذي يصدر عن الجهات الرسمية العراقية عقب بيان المتحدث باسم الحكومة باسم العوادي.
وقالت هيئة الحشد في بيان إن "عملية طوفان الأقصى هي الرد الحاسم والصوت الرافض لكل اعتداءات الاحتلال الصهيوني على المسجد الأقصى وأهلنا في القدس المحتلة".
وأضافت، "إننا وفي هذه اللحظة التاريخية نعلن دعمنا الكامل لإخواننا المقاومين الأبطال، ونشد على أيديهم وندعو لهم بالصمود والثبات، كما ندعو كل شعوب العالم وأحراره إلى مساندة الشعب الفلسطيني في قضيته العادلة ودفاعه عن أرضه ومقدساته".
وفي وقت سابق قال المتحدث باسم الحكومة باسم العوادي، إن "العراق يؤكد موقفه الثابت، شعباً وحكومة، تجاه القضية الفلسطينية، ووقوفه إلى جانب الشعب الفلسطيني في تحقيق تطلّعاته ونيل كامل حقوقه المشروعة، وإنّ الظلم واغتصاب هذه الحقوق لا يمكن أن يُنتج سلاماً مستداماً".
وأضاف، إن "العمليات التي يقوم بها الشعب الفلسطيني اليوم، هي نتيجة طبيعية للقمع الممنهج الذي يتعرض له منذ عهود مضت على يد سلطة الاحتلال الصهيوني، التي لم تلتزم يوماً بالقرارات الدولية والأممية، لهذا ندعو المجتمع الدوليّ أنْ يتحرك لوضع حدّ للانتهاكات الخطيرة وإعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، الذي ما زال يعاني الاحتلال وسياسات التمييز العنصريّ والحصار والتجاوز على المقدسات وانتهاك القيم والمبادئ الإنسانية".
وحذر العوادي من "استمرار التصعيد داخل الأراضي الفلسطينية؛ لأنه سينعكس على استقرار المنطقة، داعياً جامعة الدول العربية إلى "الانعقاد بصورة عاجلة لبحث تطورات الأوضاع الخطيرة في الأراضي الفلسطينية".