الوقت - "نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة" ما قاله الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين وبقيّ راسخاً في السياسة الجزائرية وقلوب الجزائريين، إذ لطالما كان موقف الجزائر ثابتاً وراسخاً تجاه القضايا العادلة ودعهما لها وعلى رأسها القضية الفلسطينية وهو ما جدد تأكيده الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في كلمة له خلال أعمال الدورة الـ 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة في نيويورك، ففي الوقت الذي تسعى فيه "إسرائيل" لتوسيع التطبيع مع الدول العربية للاعتراف بها وبحضور دعاة التطبيع وداعميه طالب الرئيس الجزائري بعقد جلسة استثنائية للجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل التصويت على منح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
وقال تبون: إن بلاده تجدد المطالبة بعقد جمعية عامة استثنائية لمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، مضيفاً: الجزائر متمسكة بالمبادرة العربية لعام 2002 لإنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية والذي يعد سبباً جوهرياً في عدم استقرار المنطقة.
كما دعا تبون مجلس الأمن لإصدار قرار يحمي حل الدولتين وإنهاء الاحتلال الاسرائيلي، مجدداً مطلب إقامة نظام جديد قائم على المساواة وإصلاح (مجلس الأمن الدولي) الذي يعاني ضعفاً في القيام بدوره في حفظ السلم والأمن الدوليين ومنع اللجوء للقوة.
وأيضاً دعا الرئيس تبون أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى تمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره، مغتنماً الفرصة لدعوة محكمة العدل الدولية إلى الاستجابة للجمعية العامة ٣٠ كانون الأول ٢٠٢٠ وإصدار رأي استشاري يمس حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشريف.
وذكّر الرئيس الجزائري بجهود بلاده لتوحيد الصف الفلسطيني، من خلال المبادرة بمؤتمر لم الشمل لتوحيد الفصائل الفلسطينية تكللت بإعلان الجزائر.
سجل الجزائر حافل بدعم القضية الفلسطينية وإعلاء الحقوق الفلسطينية، فلا تزال في مقدمة الدول الداعمة للقضية الفلسطينية، وهو ما أوجد لها الكثير من العداء في العالم، وعلى الرغم من البعد الجغرافي بقيت الجزائر وفلسطين قريبتين جداً بفضل علاقات متينة ودائمة إلى يومنا هذا.
وفي تموز الماضي منحت الجزائر مساهمة مالية بقيمة 30 مليون دولار للمساعدة في إعادة إعمار مدينة جنين الفلسطينية، وذلك على إثر الاعتداء الهمجي الإجرامي الذي شنّته قوات الاحتلال الصهيوني على مدينة جنين ومخيمها في الضفة الغربية، والذي خلف 12 شهيداً وعشرات المصابين، مع إلحاق دمار بالبنى التحتية وتشريد العديد من الفلسطينيين الذين تركوا منازلهم بحثاً عن ملاجئ آمنة، وأعلنت السلطة الفلسطينية أن 429 منزلا ومنشأة تضررت جراء الهجوم الصهيوني، مقدراً تكاليف إعادة الإعمار بمبلغ 12 مليون دولار.
وليست هذه المرة الأولى التي تسارع فيها الجزائر لإغاثة فلسطين، ففي نهاية سنة 2021، أعلن الرئيس تبون تزامناً مع زيارة محمود عباس، أن الجزائر قدمت مساهمة مالية في إطار الجامعة العربية بقيمة 100 مليون دولار، وشدد الرئيس تبون حينها أن القرار جاء وفاءً لتاريخِ الجزائر الثوري والالتزام الثابت للشعب الجزائري برمته، بمساندة القضية الفلسطينية العادلة في كل الظروف.
والتزمت الجزائر منذ سنوات بدفع مساهماتها للسلطة الفلسطينية، إذ أكدت الجامعة العربية في العديد من المناسبات أن الجزائر تُعد من الدول القليلة الملتزمة بمساهمتها لدعم كفاح الشعب الفلسطيني.
وبعيداً عن الأضواء، تضخ الجزائر سنوياً ما قيمته 55 مليون دولار كمساهمة مالية، إضافة إلى مختلف المساعدات المقدمة لفلسطين.
وقد سبق واستضافت الجزائر فصائل فلسطينية على أراضيها، وعلى رأسها حركة فتح، كما أن لها تاريخا من احتضان المؤتمرات الفلسطينية، ومن أبرزها ذلك الذي أفضى إلى إعلان استقلال دولة فلسطين من قبل منظمة التحرير الفلسطينية في عام 1988.
وللإشارة كذلك، فإن فلسطين انضمت إلى اليونيسكو عام 2011 بفضل طلب تقدمت به الجزائر للأمم المتحدة بحيث تم قبولها بعد عام من ذلك بصفة دولة ملاحظ غير عضو يوم 29 تشرين الثاني 2012 ب 138 صوتاً مقابل 9 أصوات رافضة و 41 ممتنعاً عن التصويت.
ولطالما بقيت الجزائر حريصة دوماً على مصالح الشعب الفلسطيني ووحدة قواه السياسية وفصائل المقاومة الفلسطينية، حيث بادرت إلى دعوة الدول العربية للالتقاء حول القضية الفلسطينية وتقديم كامل الدعم المادي والمعنوي للمقاومين في أرض فلسطين وإلى دعم المصالحة الفلسطينية ودرء الانقسام.
كما لا يمكن أن نتجاهل دور الإعلام الجزائري والتجربة الإعلامية المتميزة التي قامت بها الصحف الجزائرية منذ ما يزيد على عقد من الزمان، دعماً للقدس والأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني وعبر كل وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة، وأيضاً الكُتاب والإعلاميين الجزائريين الذين يخصصون مساحات في كتاباتهم وتقاريرهم وعلى صفحات الجرائد المقروءة، لعرض قضية الأسرى وهمومهم ومعاناتهم، وفضح انتهاكات وجرائم الاحتلال.