الوقت - مع انتهاء مهمة الوفد البرلماني الإيراني في أفغانستان والتي استمرت يومين، تظهر تصريحات مسؤولي البلدين أن مفاوضات هذا الوفد مع قادة كابول كانت مفيدةً وبناءةً للغاية، وأن الخطوة الدبلوماسية لممثلي الشعب الإيراني كانت قادرةً على مساعدة جهاز السياسة الخارجية الإيرانية في طريق تعزيز العلاقات بين البلدين.
وبعد عودة الوفد البرلماني الإيراني، قال إبراهيم رضائي، عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني: في هذه الاجتماعات تم طرح ومناقشة أهم القضايا بين طهران وكابول، بما في ذلك مكافحة الإرهاب والمخدرات والمهاجرين الأفغان والمياه الحدودية والمشاريع المشتركة وإغلاق الحدود، ونقل الخبرات والمعرفة التقنية في مجالات الصناعة والزراعة والصحة وغيرها، وتم التأكيد على ضرورة زيادة التفاعلات والاتصالات الثنائية.
وأضاف رضائي: إن اللقاء مع علماء الشيعة وبعض الناشطين السياسيين، كان أحد الأجزاء الأخرى من زيارة الوفد الإيراني إلى كابول.
وجاء في بيان السفارة الإيرانية في كابول: "إن آية الله صالحي (رئيس مجلس علماء الشيعة في أفغانستان)، أعرب عن تقديره لاهتمام إيران وتعاونها مع أفغانستان".
كما أكدت وزارة خارجية طالبان أمس، أن الأمن ومكافحة المخدرات ومنع التهريب وحماية الحدود والتجارة بين البلدين، كانت من بين مواضيع النقاش بين هذه الوزارة والوفد البرلماني الإيراني.
وقال عبد المتين قانع المتحدث باسم وزارة الداخلية الأفغانية: إن وزارة الداخلية تريد تفاعلاً جيداً وعلاقات دبلوماسية واقتصادية وتجارية جيدة، والتفاعل الذي يجري على الخطوط الحدودية يجب أن يكون مبنياً على قواعد ومبادئ.
خلال الأشهر الماضية، ظهرت بعض التوترات الحدودية، إثر قضية الحقوق المائية لنهر هلمند، بعد شكوى أهالي سيستان وبلوشستان الإيرانيين من انخفاض المياه الواردة من أراضي أفغانستان، ما دفع الجانبين إلى التأكيد على تعزيز المشاورات الدبلوماسية لحل المشاكل.
وفي هذا الصدد، التقى الوفد البرلماني الإيراني أيضًا مع أمير خان متقي؛ وقال القائم بأعمال وزير خارجية طالبان، متقي، في الاجتماع: "لن نسمح للأعداء بتعطيل العلاقات الطيبة بين أفغانستان وإيران"، إضافة إلى ذلك، أعرب نور جلال جلالي، النائب الإداري لوزارة داخلية طالبان، في اجتماع مع ممثلي الوفد البرلماني للجمهورية الإسلامية، عن تقديره لاستضافة إيران للاجئين الأفغان لعدة عقود، وقال: "طالبان لن تسمح لأحد باستخدام الأراضي الأفغانية ضد جيرانها".
مشاورات الوفد البرلماني الإيراني لإحياء العلاقات الاقتصادية مع أفغانستان
لكن المحادثات الاقتصادية هي هدف آخر لوجود الوفد الإيراني في كابول، حيث أكدت السفارة الإيرانية في كابول، في بيان أعلنت فيه لقاء وفد أعضاء البرلمان مع "نور الدين عزيزي" وزير التجارة والصناعة في طالبان في كابول، أن أولوية أفغانستان هي تطوير التبادلات التجارية مع إيران، وزيادة تبادل الوفود التجارية والعلاقات التجارية.
وفي هذا الصدد، يقول خان جان الكوزي، أحد أعضاء غرفة التجارة والاستثمار الأفغانية، في دعم المفاوضات مع البرلمانيين الإيرانيين: "إذا استثمرت أي دولة أجنبية في أفغانستان واستثماراتها تخلق القدرة هنا ويحصل الناس على وظائف، وخاصةً في (قطاعي) التصنيع والتعدين، فهذا أمر جيد".
في الوقت الحالي، تعتبر إيران أحد الشركاء التجاريين الخارجيين الرئيسيين لأفغانستان، إلا أن العلاقات التجارية بين البلدين، لم تعد بعد إلى مستواها السابق بعد عودة طالبان إلى السلطة.
مطلع تموز الماضي، أعلن "حسن كاظمي قمي"، الممثل الخاص للرئيس الإيراني لشؤون أفغانستان ورئيس الوفد السياسي الإيراني في كابول، أن العلاقات التجارية بين إيران وأفغانستان بلغت مليار وثمانمئة مليون دولار العام الماضي.
وفي الأسبوع الماضي أيضًا، أعلن أخوند زاده عبد السلام جواد، المتحدث باسم وزارة الصناعة والتجارة في الحكومة الأفغانية المؤقتة: أن "قيمة تجارة أفغانستان مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري بلغت 512 مليون دولار، منها 506 ملايين دولار واردات، و6 ملايين دولار صادرات".
إيران مستعدة لتدريب طاقم الرعاية الصحية في أفغانستان
حسب وسائل الإعلام، فإنه خلال مفاوضات الوفد البرلماني الإيراني في أفغانستان، تم الإعلان عن اقتراح استعداد طهران لتدريب الكوادر الطبية والصحية الأفغانية لـ "قلندار عباد"، وزير الصحة في طالبان.
وفي هذا الاجتماع، قال عباد، وهو يرحب بهذا الاقتراح: "لقد قدمت إيران الكثير من المساعدات لقطاع الرعاية الصحية في أفغانستان حتى الآن، ونحن مهتمون بتعليم وتدريب العاملين الطبيين الأفغان في المراكز التعليمية والطبية ذات الخبرة في إيران".
كما أشار إلى مساعدة إيران في بناء مستشفى في ولاية باميان، وقال: إيران تتعاون دائماً مع أفغانستان في هذا الصدد، وللأسف كان من المفترض أن يتم تفعيل مستشفى باميان منذ 10 سنوات، إلا أنه لم يكتمل لأسباب مختلفة منها عدم تعاون الحكومة السابقة. ومع قدوم الإمارة الإسلامية تمكنا من استكمال عمل هذا المستشفى وتشغيله خلال سبعة أشهر، ونأمل أن يكون الوفد الإيراني حاضراً أيضاً لافتتاح هذا المستشفى.
واعترافًا بنقص الأطباء المتخصصين في قسم النساء، قال وزير الصحة العامة في طالبان: تقوم المرأة الأفغانية بالتدريب وتقديم الخدمات في مجالات مختلفة مثل الطب والتمريض والقبالة؛ كما حققنا إنجازات جيدة في هذا القطاع، والتي يمكن أن نذكر منها انخفاض معدل وفيات الأمهات.
وفي وقت سابق من مايو 2023، أعلن هذا المسؤول الأفغاني، خلال رحلته إلى طهران، عن اتفاق مع وزارة الصحة الإيرانية لزيادة القدرة التعليمية للطلاب، وبموجب هذه الاتفاقية، من الآن فصاعداً، يمكن لطلاب الطب الأفغان في مجالات التمريض والهندسة والطب والصيدلة، إكمال دوراتهم التخصصية في إيران.
وحسب الإحصائيات التي أعلنتها السلطات الرسمية، فإن أكثر من 40% من الطلاب الأجانب الذين يدرسون في إيران هم طلاب أفغان.
وفي هذا الصدد، أعلن مهدي فياضي، نائب وزير العلوم الإيراني للشؤون الدولية، أن أكثر من 40 ألف طالب أفغاني يدرسون في إيران، وأكد أنه لا يوجد حد لاستقبال الطلاب الأفغان في إيران.
اليوم، تقدم العديد من الجامعات في إيران منحًا دراسيةً مجانيةً للطلاب الأفغان الذين حصلوا على درجات جيدة ومعدل نجاح عال، وحسب الإحصائيات، يتم تقديم 500 منحة دراسية سنوياً للطلاب الأفغان في مختلف المجالات.
حتى أن الجامعات الإيرانية توقع بشكل مستقل اتفاقيات تعاون علمي مع الجامعات الأفغانية، على سبيل المثال:
توقيع اتفاقية التعاون بين جامعة "الحرة" الإسلامية الإيرانية، وقسم التعليم التقني والمهني الأفغاني في مارس 2022.
توقيع اتفاقية تقديم الخدمات التعليمية والبحثية لمعهد "إشراق" للتعليم العالي في هراة، من قبل جامعة "فردوسي" بمدينة مشهد الإيرانية في مارس 2014.
توقيع مذكرة تفاهم بين جامعة "مهر البرز" الإيرانية، وجامعة "غالب" بمدينة هراة الأفغانية في أبريل 2023.
توقيع مذكرتي تعاون بين جامعة "بيرجند" الإيرانية وجامعتي "أشنا" و"ميوند" الأفغانيتين في يناير 2022.
توقيع مذكرة تعاون بين جامعة "لرستان" الإيرانية وجامعة "بدخشان" الأفغانية في فبراير 2022.
ومع ذلك، فإن قدرة إيران على تقديم الخدمات لقطاع التعليم في أفغانستان لا تقتصر فقط على التعاون الأكاديمي، والأهم من ذلك، وفقًا لمهدي فياضي، رئيس مركز الشؤون الدولية والمدارس الأجنبية التابع لوزارة التعليم الإيرانية، إن جمهورية إيران الإسلامية تنفق أكثر من 335 مليون دولار سنويًا لتعليم المواطنين الأفغان في البلاد، في حين أنها لا تتلقى سوى 17 مليون يورو سنوياً كمساعدات خارجية لتعليم المهاجرين الأجانب.
ووفقاً لهذا المسؤول في وزارة التعليم الإيرانية، هناك حوالي 22 ألف فصل دراسي في جميع أنحاء البلاد مخصصة لتعليم الأجانب، ويدرس حالياً أكثر من 556 ألف طالب أفغاني في المدارس الإيرانية.
وتجدر الإشارة إلى أنه في المرسوم الصادر في مايو 2015، سمح المرشد الإيراني الأعلى لأبناء جميع الرعايا الأجانب، حتى أولئك الذين ليس لديهم وثائق هوية ويعيشون في إيران بشكل غير قانوني، بالالتحاق بمدارس البلاد.