الوقت - في سياق الاستراتيجية الصهيونية لاختراق الدول الإفريقية وفرض التطبيع عليها، يواصل كيان الاحتلال الصهيوني مساعيه في التغلغل ودق إسفينه بين الدول الإفريقية المجاورة لبعضها، وما أثير مؤخراً حول التطبيع مع تونس في سياق تلك الاستراتيجية، والتي يرى من خلالها البعض خطوة أولى لاستهداف الجزائر.
التقارير والأخبار التي ظهرت خلال الأيام الماضية عن محاولات إسرائيلية لجرّ تونس إلى التطبيع تذكر بتحذيرات الاتحاد العام التونسي للشغل العام الماضي، عندما اتهم أمينه نور الدين الطبوبي، "لوبيات صهيونية بمحاولة محاصرة الجزائر بجرّ تونس نحو التطبيع معها بعد المغرب، مشيراً إلى أن الحملات في شبكات التواصل الاجتماعي تقودها روبوتات إلكترونية من اللوبي الصهيوني ومخابرات أجنبية لمسألة جيوسياسية ولعبة محاور إقليمية تهدف إلى إخضاع تونس للتطبيع من أجل محاصرة الجزائر، عندها نفت وزارة الشؤون الخارجية والهجرة التونسية بالخارج ما تروج له بعض المواقع التابعة للكيان الإسرائيلي المحتل من ادعاءات باطلة عن وجود محادثات دبلوماسية مع تونس.
ورداً على المحاولات الإسرائيلية لضم تونس لمعسكر التطبيع، أعلن البرلمان التونسي في الأول من الشهر الجاري، بدء لجنة الحقوق والحريات دراسة مقترح قانون، يطالب بـتجريم التطبيع مع كيان الاحتلال، وقدمت اللجنة قراءة أولية بخصوص أهمية مشروع القانون بالنسبة إلى الشعب التونسي، ومساندته غير المشروطة للقضية الفلسطينية العادلة، وهذه ليست المرة الأولى التي يُطرح فيها تجريم التطبيع من خلال البرلمان التونسي، فخلال مداولات المجلس التأسيسي لكتابة الدستور عام 2014، طرحت ضرورة أن ينص الدستور التونسي على مناهضة كل أشكال الاحتلال والعنصرية، وعلى رأسها الصهيونية.
وبالعودة إلى قضية استهداف كيان الاحتلال للجزائر ومحاصرتها عبر تونس والمغرب لا بدّ من معرفة الأسباب والخفايا والتذكير بها مجدداً بناء على كثير من المعلومات والتقارير السابقة، فعلى الرغم من أن كيان الاحتلال حصل على صفة مراقب في الاتحاد الافريقي إلا أنه لم ينسَ أن الجزائر لعبت دوراً كبيراً في محاولة حرمانه من صفة مراقب في الاتحاد، كما أن هناك إجماعاً صهيونياً على أن الجزائر تمثل الطرف العربي العصيّ على "إسرائيل" وغير القابل للتطويع، وقد كشفت تقارير صهيونية أن كراهية الجزائريين للكيان الصهيوني تمثل الحالة الأكثر إحراجاً لإسرائيل، كما أن الجزائر تعيق وتجهض المخطّطات الإسرائيلية في إفريقيا والمنطقة العربية.
ومن أسباب استهداف الجزائر، أن عقيدة الجزائريين وموقفهم من فلسطين عقيدة ثابتة وهذا أمرٌ أرعب كيان الاحتلال الصهيوني ودفعه إلى التفكير في كسر شوكة الجزائر عند أول فرصة سانحة
كما أن الكيان راهن على ما سمي زوراً وبهتاناً "الربيع العربي" وعلى الحَراك الشعبي لكي يُحدث انقلاباً في منظومة الحكم في الجزائر حيث يسمح هذا الانقلاب بتأسيس نظام جزائري بديل موال "لإسرائيل" أو على الأقل غير معاد لها، ولكنها خسرت الرهان؛ كما جاء الحَراك الشعبي مؤكداً على استمرارية الدولة واستمرارية الثوابت وبذلك خسر الاحتلال الرهان وازداد قناعة بأن كسر شوكة الجزائر لا يتحقق إلا بصناعة حليف شمال إفريقي وتحريك أذنابها وبيادقها من الداخل، ناهيك عن تناغم الموقف الشعبي والرسمي في الجزائر حيال التطبيع وعدّه خيانة وجريمة بحق الدين وحق فلسطين.
الجزائر ثابتة على نهجها وموقفها وإن بقيت بمفردها، وهي تعتبر "إسرائيل" ضمن دول الاستعمار ولا يمكن أن تكون ضمن عالمنا العربي ذات يوم، وهذا ما أكده نائب رئيس البرلمان الجزائري موسى خرفي، قائلاً: الجزائر تظهر بأنها "الوحيدة التي لم تطبع مع "إسرائيل"، وأنها لن تقبل على الخطوة مهما كانت التكلفة، وأنها تقف ضد أي محاولات للتطبيع، لكونها الدولة التي عانت لعقود من الاستعمار، وتعرف جيداً حقيقة العدو.
وقال نائب رئيس البرلمان الجزائري موسى خرفي، إن الوجود الإسرائيل في شمالي إفريقيا، ومساعيه للتطبيع مع تونس، يهدف لـ"شرعنة الاحتلال".
وأضاف خرفي: إن الجزائر ستبقى صامدة في وجه التطبيع و"إسرائيل" حتى وإن بقيت وحدها على موقفها الحالي.
وأوضح أن الجزائر تظهر بأنها "الوحيدة التي لم تطبع مع "إسرائيل"، وأنها لن تقبل على الخطوة مهما كانت التكلفة، وأنها تقف ضد أي محاولات للتطبيع، لكونها الدولة التي عانت لعقود من الاستعمار، وتعرف جيدا حقيقة العدو"، وفق قوله.
وشدد خرفي على أن التطبيع الذي يحدث بين دول المنطقة و"إسرائيل" يقتصر على المستوى الحكومي، فيما ترفضه الشعوب التي تتمسك بمواقفها، رغم تطبيع حكوماتها".
وتابع: "نحن نعتبر "إسرائيل" ضمن دول الاستعمار ولا يمكن أن تكون ضمن عالمنا العربي ذات يوم".
وفي حوار سابق، قال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون: إن الجزائر لن تبارك ولن تشارك في ما أسماه "الهرولة نحو التطبيع".
وأضاف تبون في مقابلة تلفزيونية بثها التلفزيون الحكومي: إن القضية الفلسطينية بالنسبة للشعب الجزائري "قضية مقدسة"، و"أم القضايا".
وأكد الرئيس الجزائري أنه لا يمكن حل القضية الفلسطينية إلا من خلال قيام دولة فلسطينية في حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشريف، مشددا على أن "مفتاح الشرق الأوسط هو حل القضية الفلسطينية".
وقبل أيام، قال عبد القادر بن قرينة، رئيس حزب حركة البناء الوطني بالجزائر، في فيديو نشرته وسائل إعلام جزائرية، بأن تونس مقبلة على التطبيع مع "إسرائيل".
وأوضح "أتمنى أن تكون أعين الدولة الجزائرية مفتوحة وهي كذلك بعد الزيارات المشؤومة لتونس مؤخرا من أجل شراء تطبيع تونس… قد يكون قريبا وقريبا جدا وأعني ما أقول".