الوقت- في الأيام الأخيرة، قالت مصادر فلسطينية رفيعة المستوى إن رئيس وزراء الكيان الصهيوني قد يغتال قادة المقاومة ويغزو غزة من أجل الهروب من الأزمات الداخلية، في إطار استمرار عدوان هذا العدو على الفلسطينيين، ويسعى اليوم لاستهداف قادة الفصائل الفلسطينية، وعادة لا يكف الإسرائيليون عن إطلاق الدعوات والتهديدات باغتيال قادة المقاومة الفلسطينيّة، في وقت يدركون فيه أن أي مساس بتلك الشخصيات سيؤدي إلى "حرب فورية وكبيرة"، وفي ظل المنهج الصهيونيّ المتطاول على حقوق ومقدسات الشعب الفلسطينيّ وخاصة في الفترة الماضية، تصاعدت الرغبة الصهيونيّة في الفترة الأخيرة باغتيال شخصيات لم تأبه يوماً من موجهة احتلال "إسرائيل"، فيما تتناسى القيادة الصهيونيّة أنّ أيّ مساس بأي رمز مهم سيفتح بالفعل أبواب جهنم على الاحتلال الإسرائيلي الذي أمعن في قتل وتشريد وتعذيب أبناء الشعب الفلسطينيّ.
هروب من الانقسامات الداخليّة
"احتمال اغتيال قيادات المقاومة لإفلات نتنياهو من الأزمة الداخلية"، عنوان عريض وضعته بعض المصادر الفلسطينية عند حديثها عن احتمال أن يقوم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو باغتيال قادة المقاومة في قطاع غزة المحاصر وجر المقاومة إلى جولة جديدة من الصراع بهدف هروب نتنياهو من الأزمات الداخلية، وبالفعل إن الانقسامات الداخلية في كيان الاحتلال تشكل تهديدًا أكبر من خصومها باعتراف الصهاينة، وقد أصدر المسؤولون الأمنيون والعسكريون مرارا خلال الأشهر الفائتة تحذيرات مماثلة، في ظل الهجمات من الجانبين أي المعسكر اليميني واليساري، وتدهور الحكم الفاشي، وتراجع الإيمان بمؤسسات الدولة، والمحاكم، وارتفاع الجريمة، كل هذه هي أكبر التهديدات لمستقبل "إسرائيل"، لأن الضعف الداخلي، وفقدان التماسك، وعدم المساواة، والاحتكاك بين المجتمعات المختلفة، ووجود جماعات كاملة من الصهاينة لا يتم استيعابها أو تقديرها في المجتمع، يؤدي إلى نهاية خطيرة لن يتوقعها أحد.
وبالتزامن مع تواصل الاحتجاجات الشعبية ضد نتنياهو بسبب إصدار بعض القوانين التي يعتبرها المحتجون "انقلابًا على القانون والديمقراطية"، يبدو أن نتنياهو يجد الظروف جاهزة لفتح جبهة صراع جديدة مع المقاومة في غزة لبضعة أيام بهدف الهروب من الضغط وخلق انتصار وهمي إن استطاع، على أمل وقف الاحتجاجات القوية ضد الحكومة، باعتبار الانقسام الداخلي في هذا الكيان أصبح أعمق من أي وقت مضى، في الوقت الذي فشلت فيه الكيانات الإسرائيلية التي تتبنى عدة استراتيجيات في تحقيق وتجسيد الحلم الصهيوني في الأرض الفلسطينية المحتلة، ومن ينسى ما قاله رئيس الاحتلال، إسحاق هرتسوغ ، حول الوضع السياسي المعقد للكيان وما أسماه قبل مدة بـ "التحدي التاريخي" أمام الإسرائيليين.
وحسب هذه المصادر، فقد أبلغت فصائل المقاومة مصر أيضًا أن يد المقاومة على الزناد وسترد فورًا على أي عدوان من قبل كيان الاحتلال الإسرائيلي في غزة والضفة الغربية والقدس، ويعلم العدو الإسرائيليّ وقيادته المتهورة بأن المساس بأي شخصية من قادة المقاومة هو إيذان بزلزال في المنطقة وبردٍّ غير مسبوق وقد جربوا في الفترة الماضيّة أمطار الصواريخ التي ردّت على جرائم الصهاينة، وذلك بالتزامن مع التهديدات الإسرائيلية المباشرة وغير المباشرة باغتيال قادة الفصائل الفلسطينيّة التي تفعل المستحيل لرفع مستوى التغيرات الجذرية على الساحتين الفلسطينية والإقليمية أكثر فأكثر، حيث خلقوا معادلات جديدة أضرت بشكل كبير بمصلحة الكيان في فلسطين، وقد تناسى الإسرائيليون أنّ حملة التهديدات القذرة –الجديدة القديمة- تلك ضد القياديين لن تخيف حركات المقاومة ولا تخيف أيضاً أصغر شبل فيها فمن وضع "روحه على كفه" لإنقاذ فلسطين من الشبح الإسرائيليّ لن يبالي بتصريحات الجبناء، كما يقول المقاومون.
كذلك، حذرت القاهرة أيضًا من أي تصعيد للتوترات، وستكون الساعات القليلة المقبلة حاسمة بالنسبة لغزة، وخاصة أن بعض متطرفي الكيان الصهيوني يريدون القيام بعملية عسكرية كبيرة وقوية ضد قطاع غزة والبدء بمرحلة جديدة من اغتيال قادة المقاومة، ويدرك الصهاينة جيداً مدى صلابة واندفاع أبطال المقاومة الفلسطينيّة الذين لا يأبهون من منهج التهديدات والاغتيالات، وإنّ حصل ذلك –رغم تدني نسبة هذا الاحتمال- فإنّ المعارك السابقة ستكون حدثًا عاديًا مقارنة بما سيشاهده العدو المزلزل داخليا أساساً، وسيكون من يأخذ هذا القرار قد كتب فصلًا كارثيًا في تاريخ الكيان وارتكب حماقة سيدفع ثمنها غاليًا بالدم والدمار، كما تقول الفصائل، في وقت تؤكّد فيه فصائل المقاومة الفلسطينيّة أنّ محاولة فرض أيّ معادلات جديدة من قِبَل الاحتلال على الفلسطينيين باتت وراء ظهورهم، ليبقى المجاهدون –كما يطلق الفلسطينيون عليهم- أبرز مسببات القلق والارتِباك والرّعب والهزائم للعصابات الصهيونيّة الإجراميّة.
حرب مباشرة وممتدة
لا شك أنّ التهديدات التي أطلقها الاحتلال ليست الأولى من نوعها فما من قياديّ فلسطينيّ إلا واسمه على لائحة الاغتيال الصهيونيّة، فكيف يستمر السفاح في الحياة إن لم يكن دوماً متعطشاً للدماء والضحايا، سواء أكان طفلاً في الخامسة من العمر أم قياديّاً طاعناً في التجربة مع الصهاينة، لكن في الوقت ذاته إنّ أيّ هجوم على القيادات الفلسطينية سيؤدي بلا شك إلى "حرب مباشرة وممتدة" لا تحمد عقباها ومن غير المنطقي أن تنسى "إسرائيل" صدماتها مع فصائل المقاومة ونتائج معاركها الفاشلة على مختلف المستويات بعد الرد الحازم للفصائل الفلسطينيّة وإن كانت ترى في كل قيادات فصائل المقاومة أعداء لدودين.
من جهة أُخرى، تشدد الفصائل الفلسطينيّة دوماً في مثل هذه التهديدات أنّها لا تزيدهم إلا إصراراً في الدفاع عن فلسطين، حتى زوال الاحتلال عن آخر شبر من أرضهم، وهي رسالة واضحة ومختصرة للكيان الإسرائيليّ وعصاباته وليست بجديدة أبداً، فيما يعتبر آخرون أن التهديدات الإسرائيلية الأخيرة ذات دلالات ضعف كبيرة، فكلما حاول العدو إخفاء هزائمه في فلسطين أكّد بشكل أكبر حجم ضعفه وانهياره وخاصة داخليا، لأنّه يعتقد أنّه في حال استطاع أن يقضي على بعض القيادات البارزة يمكنه أن ينهي منهجاً مقاوماً لا يمكن أن يميل قيد أنملة عن أهدافه في القضاء على الاحتلال البغيض والعنصريّ، وإنّ المقاومة -كما تقول الوقائع- لن تأبه أبداً من أيّ خطوة إسرائيليّة لأنّها وباعتراف العدو باتت تملك مفاتيح المعركة وأصبحت في قوة رادعة وغير مسبوقة.
لكن بالمقابل، في حال تجرأت القيادات الصهيونية على ارتكاب هكذا حماقة، ستكون تل أبيب ترتكب "غلطة تاريخيّة" في محاولة اغتيال أيّ من قادة المقاومة، ولا شك أنّها ستدفع ثمن فعلتها بأضعاف وستخسر داخليا أكثر بكثير مما تعتقد لأن الهروب من الانقسام لا يمكن أن يكون بموت المستوطنين وإطلاق الصواريخ على رؤوسهم في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وستذوق الآلة العسكرية للكيان طعم الهزيمة التي ذاقتها في المعارك الأخيرة على كل المستويات وفقا للفلسطينيين، لذلك من المستبعد جداً أن تقدم القيادة الصهيونيّة على هذه المُقامرة الخطيرة، ويجب أن تضع في بالها مسألة "الفرق بين الاحتلال ومن هو مُحتل"، وأن تذكر نفسها بأنها هي من تحتل الأرض وتغتصبها، وهي من تصنع المكائد لأبناء هذا الشعب الأعزل الذي يباد على أرضه.
النتيجة، إن أبناء فلسطين بالشراكة المطلقة مع الفصائل الفلسطينية سيفعلون كل ما بوسعهم لإنهاء وحشيّة الاحتلال وعدوانه المتزايد والمنقطع النظير، وخاصة بعد أن وصلت الدموية الإسرائيلية إلى "إعلان الإرهاب" في ظل الإجرام والاستخفاف الصهيوني بأرواح الفلسطينيين، حيث يقوم "الكيان الزائل" بخطأ لا يغتفر لمعاودة تكرار الأخطاء نفسها، متناسيّا أن هذا الشعب لم ولن يألو جهداً في الدفاع عن بلاده واستعادتها، وكلما غيب الكيان الصهيوني القاتل القرارات الدولية بفرضه سياسة الإبادة على الفلسطينيين واستباحته للدم الفلسطيني والعربي وخرقه الفاضح لكل القوانين والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، إضافة إلى مخطط الضم امتداداً لعملية التوسع على حساب الأرض والحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني الأعزل، كلما ازدادت مقاومة أبناء فلسطين في الداخل والخارج.