الوقت - رحل، الأديب والشاعر والكاتب المسرحي السوري عبد الفتاح قلعه جي (1938- 2023)، الأحد بعد أن قضى أكثر من نصف قرن في الكتابة للشعر والمسرح، وفي رصد الكلمات وتسخيرها لكتابةٍ لاذت بالعصامية، وجعلت من التفاني حتى آخر رمق نموذجاً للحكمة، ومثالاً للإنسان الخالد فيها، من غير أن يوقفه المرض ولا العجز، بل بقي حياً وفق ما يمليهِ تاريخ من الصدق والاستقلالية والبساطة.
الأديب الذي ولد في مدينة حلب، ودرس فيها، وتخرج من جامعة دمشق (كلية الآداب) كتب في الشعر والمسرح، وعمل مدرساً وصحافياً. وقاد "فرقة المسرح الشعبي" في حلب تاركاً إرثاً زاخراً من المؤلفات التي أثرت المسرح العربي بنصوص تجريبية من غير أن يحيد عن نهجه الخاص في التجريب واللامعقول.
تميزت نصوصه بالكثافة الفكرية والدرامية، واستخدام تقنيات مزجت بين عوالم محورها الأولُ الإنسان، والفرد الذي يصارع ضد العالم في الدفاع عن الحرية والكرامة ولقمة العيش.
وفي سبيل رصد مؤلفاته التي كتبها في أثناء سنوات الحرب، أصدرت "الهيئة العربية للمسرح" في الشارقة 4 نصوص جمعت الألم الإنساني والمعاناة، وما يتعرض له الفكر الحر والمتنور من القهر والإلغاء تحت سطوة الحروب وقهرها. هي نصوص للدفاع عن العقل أمام جموح الجنون الذي يفرزه الإرهاب، كما في "سيرة مدينة اسمها حلب" من غير أن يخرج عن حنكته في التجريب والتوثيق، معايشاً الأحداث ومطلاً على الخراب الذي ألحقه الإرهاب في مدينته.
وجاء هذا الكتاب ليجسد اهتمام قلعه جي باللغة والكتابة المشهدية في عوالم ساحرة، من دون أن يكف عن تحويل مجرى الماضي ليكون حاضراً ومتنبئاً بالمستقبل، مولّداً بذلك شخصيات استقرت في وجدان النصوص المكتوبة والشفاهية، لتأسر بعوالمها كل قارئ.
"سيّد المسرح"، كما لقبه النقاد، وأحد أهم رموز الكتابة المسرحية العربية، قدم للمسرح السوري والعربي المعاصر ما يزيد على 80 نصاً مسرحياً، قُدم منها ما لا يقل عن 25 نصاً داخل سوريا وخارجها، وصدر له ما يناهز 40 كتاباً في المسرح والأدب والشعر والتراجم.