الوقت- في الفترة الماضية، أفاد مركز الأمن الداخلي الإسرائيلي بأن 80٪ من الفلسطينيين يؤيدون المقاومة المسلحة، وأعلن مركز دراسات الأمن الداخلي للكيان الصهيوني، في خطابه الاستراتيجي الأخير، أن السلطة الفلسطينية ومحمود عباس غير مقبولين لدى الرأي العام الفلسطيني، وأن 80٪ منهم يؤيدون مجموعات المقاومة الفلسطينية مثل "عرين الأسود"، بالتزامن مع الإجرام الإسرائيليّ المنقطع النظير ضد الشعب الفلسطينيّ الرازح تحت نير الاستعمار العسكريّ منذ عقود، وتصاعد أهمية تصعيد المقاومة الشعبية الشاملة في مواجهة تصعيد العدو وعدوانه المستمر على الفلسطينيين، في ظل الزيادة الكبيرة في معدل عمليات المقاومة الفدائيّة في الضفة الغربية المحتلة التي شهدت تفعيل وسائل المقاومة والمواجهة، حيث يتمسّك الفلسطينيون بالحقوق والثوابت الوطنية كاملة، وبالمقاومة خياراً وحيداً حتى التحرير والعودة، وإنّ الأشهر الأخيرة أظهرت مدى إيمان هذا الشعب بتلك العقيدة، بعد مدّة من المقاومة التي وصفها البعض بالفاعلة والقوية، في مواجهة ومقاومة العصابات الصهيونية.
السلطة لم تعد مقبولة
بعد أن بات الفلسطينيون والمقاومة المسلحة بوجه ترسانة الاحتلال العنوان الأبرز في نشرات الأخبار، تحذر مراكز دراسات الأمن الداخلي المحسوبة على الكيان الصهيوني في خطابها الأخير من أن السلطة الفلسطينية لن تكون مقبولة لدى الفلسطينيين، وكثيراً ما يتم الحديث هذه الأيام عن كذب وخداع السلطة الفلسطينيّة في رام الله على الشعب الفلسطينيّ، لكنّ ما يجري على الساحة الفلسطينيّة والتسريبات والوضع الأمني الراهن وضع محمود عباس بموقفٍ مُحرج للغاية وخاصة فيما يتعلق بالملف الأمنيّ الخطير مع سلطات الاحتلال، حيث إنّه على الرغم من كل الإجراءات العدائيّة الاحتلاليّة لحكومة العدو المُتطرفة برئاسة بنيامين نتنياهو، ما زالت حكومة رام الله تفتح كل أبواب التعاون مع تل أبيب وتستخدم جميع الأساليب الإجراميّة ضد شعبها، مستجدية العدو الباغي.
ولأنّها تعتبر مقاومته "أمراً خاطئاً"، في وقت تمتلك الكثير من الأوراق السياسية والأمنية للتعامل مع التصعيد الإسرائيلي الذي لم يترك أخضر ولا يابساً، وزادت حدته بشكل كبير خلال الفترة الماضية، إلا أنّنا لم نشهد أيّ رد من السلطة التي يتم التعامل معها من قبل الإسرائيليين بإذلال واستعباد بل العكس، ومع ذلك كله تؤكد حركة "فتح" على استمرار التنسيق الأمنيّ مع العدو وملاحقة المقاومين في الضفة، وتعلن دوماً سيرها في طريق الخنوع الذي لم يجلب لها سوى الخيبة والهزيمة والاستحقار أمام الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء.
وفي هذا الشأن، كتب هذا المركز البحثي في تقريره الاستراتيجي: "الشعب الفلسطيني متشائم تجاه السلطة الفلسطينية ويعتبرها أداة لإسرائيل لمواصلة الاحتلال الإسرائيلي"، في وقت باتت شرعية السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس هي الأدنى في الرأي العام الفلسطيني، وغالبية الشعب الفلسطيني يعتبرون أن السلطة الفلسطينية عبء مفروض على هذه الأمة، فيما تدل تصرفات السلطة الفلسطينيّة الطائشة على محاولاتها المُستميتة للتغطية على ملف التنسيق الأمني مع "إسرائيل"، ومحاولاتها الفاشلة فرض “تعتيم” إعلامي كامل عليه، وتجاهل الحديث حوله من خلال وسائل الإعلام وتصريحات المسؤولين التابعين للسلطة، لكنّها قد باءت بالفشل ولم تصمد طويلاً.
وقد أثقبت رام الله مسامع العالم بالعبارات التي تتحدث أنّها ستوقف التنسيق الأمني بكل أشكاله، وتُعلق الاتفاقيات السابقة مع تل أبيب وتسحب الاعتراف، مقابل الرد المثير للسخرية مقابل الجرائم التي يرتكبها العدو، لكن في كل مرة تساهم السلطة بشكل أكبر في تطبيق مشاريع الكيان الغاصب التي تهدف إلى تصفيّة القضيّة الفلسطينيّة من خلال التعاون اللامحدود مع الإسرائيليين، في وقت سقطت فيه سقوطاً مدويّاً من قلوب الفلسطينيين وباتت أداة رخيصة تستعمل ضد إرادة الشعب وتطلعاته، في برهان جديد على أنّ السلطة الفلسطينيّة لن تكون في يوم من الأيام ممثلاً شرعيّاً لمطالب الفلسطينيين الذين يعيشون الويلات بسببها على أراضيهم المسلوبة.
ويغيب دور السلطة الفلسطينية في ظل محاولة الكيان "ضرب المقاومة" واقتلاع جذورها وهو هدف استراتيجيّ كبير لسلطات العدو ومن يأتمر بأمرها، ومن منا لا يعلم أنّ الاحتلال الغاصب يحاول بكل ما أوتي من قوة عبر التعاون والتنسيق مع السلطة الفلسطينية القضاء على المقاومة الفلسطينيّة في الضفة الغربية المحتلة، وخاصة في الوقت الذي نشهد فيه تصاعدًا للمقاومة المسلحة وعلى وجه التحديد في الضفة، كما أنّ رهان السلطة على استمرار التنسيق الأمنيّ وضعها في عزلة فلسطينيّة ضد حالة الإجماع على المقاومة ورد الصاع صاعين للمحتلين، ما يضع السلطة في موقف حرج وخطير فرصيدها الشعبيّ بات في حدوده الدنيا حتى قبل انتشار هذه الاستطلاعات، وعلى الأرجح إنّ خوفها العام من ردود الأفعال الشعبيّة هو السبب الأوحد لكذبها في هذا الملف المهم والحساس.
الفلسطينيون والمقاومة المسلحة الشاملة
"80٪ من الفلسطينيين يعارضون طلب السلطة الفلسطينية التخلي عن أسلحتهم ضد عدوان الاحتلال الصهيوني"، خلاصة مهمة يمكن الاستناد عليها لتوصيف الرغبة الشعبية بالمقاومة المسلحة، وخاصة عقب حملات التسليح الإسرائيلية لبعض المتطرفين اليهود، في ظل الانتصارات الأخيرة للمقاومة التي التهبت شعلتها في الفترة الماضيّة، واستمرار القلق الصهيونيّ من انتصار المقاومة الفلسطينية، بما يشكل رعباً حقيقيّاً لتل أبيب وخاصة أنّها تعتبر الفلسطينيين –كل الفلسطينيين- عدواً لها، وأن تصعيد العدو ومستوطنيه وارتكاب المجازر اليومية ضد الشعب الفلسطينيّ وخاصة الاعدامات الميدانيّة، لن يكسر إرادة هذا الشعب المتمسك بحقوقه وثوابته من أجل حريته واستقلاله ونيل باقي حقوقه في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس.
وفي الوقت الذي يضيف فيه التقرير أن التجارب التاريخية تشير إلى أن الانتفاضة الفلسطينية تصل دائمًا إلى نقطة الانفجار، ليس لأسباب وعوامل اقتصادية، ولكن متأثرة بعوامل وطنية ودينية، وذلك بالاستناد إلى قوة الثقل الشعبيّ الذي سطع بشدّة على الساحة الفلسطينيّة بفضل النضج الذي وصل إليه الشعب الفلسطينيّ الذي يتعرض للإبادة، ناهيك عن التجارب الصعبة والقاسية التي خاضها على جميع الأصعدة الاقتصاديّة والمؤسساتيّة والسياسيّة والعسكريّة مع العدو، وعلى كل المستويات الداخليّة والصهيونيّة والعربيّة والدوليّة، في ظل الواقع السيء والمتدهور الذي تعاني منه تل أبيب التي تعيش أصعب أيامها نتيجة تفعيل وسائل المقاومة.
ويشير التقرير الإسرائيلي إلى أن الشعب الفلسطيني لا يملك ولا يثق بالمساعدات الخارجية ويعتقد أن تحريره لن يتحقق من خلال منظمات السلطة أو الحكومات العربية أو الولايات المتحدة، ولقد فهموا أن مصيرهم سوف تحدده أفكارهم، في الوقت الذي لم تترك فيه قوات الكيان الغاصب نوعاً من أنواع "جرائم الحرب" إلا واستخدمتها ضد هذا الشعب، أمام أنظار العالم في جرائم بشعة تتطلب مواجهة الجرائم الإسرائيلية، مع تأكيد الفصائل الفلسطينيّة بشكل دائم على أنّ المقاومة الشاملة هي الطريق المعبّد والسبيل لتحرير الأقصى وفلسطين، بالتشارك مع الأمتين العربية والإسلامية التي تمثل العمق الاستراتيجي للقضية الفلسطينية.
وهذا كله، يتطلب من كل ابناء الشعب الفلسطينيّ الدفاع عن القدس عاصمة فلسطين، وعن المسجد المبارك والأراضي الفلسطينية، فيما يؤكّد أبناء هذا الشعب أنّ الانتفاضة بوجه الاعتداءات الإسرائيليّة كانت وستبقى ملهمة لكل الأجيال في معاني البطولة والانتصار للقدس والأقصى، ناهيك عن إيمانهم العميق بأن الكيان الإسرائيليّ لن يفلح في إخماد جذوة المقاومة المتأصلة في الشعب الفلسطيني لانتزاع حقوقه الوطنية وتحرير أرضه ومقدساته.
وبالاستناد إلى أنّ الكيان الصهيونيّ الفاشي، لا يمكن أن يوفر جهداً في استغلال الخلافات بين الفلسطينيين، لأن تقوية الانقسام في أذهان هذا الشعب وإيهامه بأن التسويات مع العدو ستجلب الراحة والازدهار، ليتمكن بسهولة أكبر من مواصلة خططه التوسعيّة في ابتلاع الأراضي الفلسطينيّة والقدس المحتلة، ومنع كابوس توحيد الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربيّة، لا بد من وحدة الصف في سبيل تحقيق الانتصار وأهمية ترتيب الوضع الداخلي الفلسطيني من خلال الوحدة الوطنية الشاملة.
ختاماً، إن قضية الاجماع على المقاومة المسلحة غير مسبوقة في تاريخ فلسطين والتي أصبحت بركانًا وتنتظر اللحظة المناسبة للوصول إلى الانفجار، وهذا بالتحديد هو رأس المال الكبير لحركة المقاومة، لهذا سنشهد جميعا انتفاضة الشعب الفلسطينيّ بكل أطيافه، وكما أدهشت المقاومة الجديدة تل أبيب وجعلتها في دائرة النار، سينتصر المجتمع الفلسطينيّ لتحرير أرضه وإنقاذ نفسه، في وقت ينتهك فيه الكيان وعصاباته القانون الدولي وكل الأعراف ويغضون الطرف عن تنفيذ أدنى مطالب الفلسطينيين في أرضهم، ويكون الفلسطينيون والمقاومة المسلحة الشاملة عنوان المرحلة القادمة.