الوقت - أكد وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، أن الجزائر ستظل تحت قيادة رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، طرفا فاعلا وجزءا لا يتجزأ من الجهد الإفريقي الجماعي، الرامي لكسب رهانات التنمية الاقتصادية وتحقيق الرؤية الطموحة التي رسمت معالمها ضمن أجندة الاتحاد الافريقي، المعروفة بأجندة 2063.
وجدّد عطاف في كلمة له بمناسبة الذكرى الستين لميلاد منظمة الوحدة الافريقية، التزام وتمسك الجزائر بمبادئ وأهداف الاتحاد الإفريقي في مواجهة التحديات متعددة الأبعاد والأشكال التي لا تزال تهدّد أمن واستقرار دول القارة.
وقال إن هذه الرؤية التي تبنتها الجزائر، تندرج ضمن التوجه الجديد الذي أضفاه رئيس الجمهورية على البعد الإفريقي للسياسة الخارجية الجزائرية، مضيفا إن هذا التوجّه يرتكز على قناعة راسخة بضرورة وحتمية تفعيل العلاقة الترابطية الوثيقة بين التنمية والأمن لتخليص القارة من ويلات النزاعات المسلحة وتمكينها من مواجهة مختلف التحديات العابرة للحدود والأوطان.
وأضاف إن الجزائر تسعى حاليا لتجسيد هذه الرؤية، عبر مشاريع تنموية تم إقرارها لفائدة عديد الدول الإفريقية، وتشرف على إنجازها الوكالة الجزائرية للتعاون الدولي من أجل التضامن والتنمية، بعد أن عزّز رئيس الجمهورية ميزانيتها بغلاف مالي قدره مليار دولار أمريكي.
ولتجسيد هذا التوجه، أكد عطاف أن الجزائر تعمل على تعبئة الموارد وحشد الطاقات لاستكمال إنجاز المشاريع المهيكلة ذات الطابع الاندماجي الإقليمي والقاري، على غرار مشروع الطريق العابر للصحراء، وخط أنابيب الغاز لاغوس-الجزائر، وشبكة الألياف البصرية العابرة للصحراء، فضلا عن مشروع الطريق الرابط بين مدينتي تندوف الجزائرية والزويرات الموريتانية.
وإذ أكد على مواصلة جهودها على رأس الوساطة الدولية للدفع بمسار السلم والمصالحة في جمهورية مالي، حيّا الوزير باسم الجزائر تمسك أطراف هذا البلد باتفاق الجزائر وانخراطها الجدّي في المساعي التي بادرت بها الجزائر في الآونة الأخيرة، لتجاوز الصعوبات الراهنة وضمان الاستئناف السريع للمسعى السياسي الرامي إلى استكمال تنفيذ الاتفاق خدمة لوحدة وأمن واستقرار هذا البلد.
وذكر عطاف في إطار مواجهة التحديات الأمنية في منطقة الساحل والصحراء، بالـمبادرة التي تقدمت بها الجزائر لتفعيل وتنشيط دور لجنة الأركان العملياتية الـمشتركة في مكافحة ظاهرتي الإرهاب والجريمة الدولية المنظمة.
وأشار الوزير في عرضه للإنجازات المشتركة في مجالات نشر السلم والأمن وتعزيز الاندماج الاقتصادي، إلى المعاناة التي مازال يواجهها الشعب الصحراوي في آخر مستعمرة إفريقية في الصحراء الغربية تحديدا، مضيفا إن سكان هذه المستعمرة مازالوا ينتظرون الدعم والمساندة لممارسة حقهم غير القابل للتصرف أو التقادم في تقرير المصير ليتسنى بعد ذلك لإفريقيا طي آخر صفحة من تاريخ الاستعمار المقيت والاحتلال المشين والنهب المخزي لثرواتها بصفة نهائية.
وأضاف إن "الشعب الصحراوي التواق إلى التحرر والانعتاق، شأنه في ذلك شأن الشعوب الافريقية الأخرى التي سبقته في نيل حريتها واستقلالها، يستنجد بنا ولا يحق لنا تجاهل استنجاده، وهو شعب يطالب بالإنصاف ولا يحق لنا رفض انصافه، وهو شعب يطالب بمده بيد تسعفه في رفع الظلم والغبن والهيمنة عنه ولا يحق لنا التخلف عن استعانته بنا".
كما تطرّق ممثل الدبلوماسية الجزائرية إلى معاناة الشعب السوداني من جراء الأزمة المستعرة في هذا البلد الشقيق منذ أكثر من شهر، مؤكدا أن الجزائر تدعو لمضاعفة الجهود وتنسيق المساعي بين جميع الفاعلين الدوليين والإقليميين، من أجل إخراج هذا البلد من دوامة العنف والانقسام والاقتتال التي ألمت به وابتلته شرّ البلية.
وأكد عطاف التزام الجزائر بنشر وترقية السلم والأمن والتنمية والتكامل وفي الدفاع عن قضايا وأولويات القارة في مختلف المجالات، في الوقت الذي تتأهب فيه للترشح كعضو غير دائم في مجلس الأمن للفترة 2024-2025، في الانتخابات المزمع عقدها يوم 6 جوان المقبل بالجمعية العامة للأمم المتحدة.
وقال إن ترشيح الجزائر لهذا المنصب المهم، يندرج في إطار تجسيد التزامها بالمساهمة كفاعل مؤثر في مواجهة التحديات الدولية.
شكلت الفترة الاستعمارية التي تعرضت إليها العديد من البلدان الإفريقية، مرتعا لمختلف التجارب التي تجاوزت حدود القوانين والأعراف، إذ أصبحت الألغام من أخطر التحديات التي تواجه هذه البلدان، سواء كانت تلك الألغام التي خلفها الاستعمار أم التي تم زرعها من قبل المجموعات المسلحة التي تنشط في عدة مناطق بالقارة، ولهذا فقد بذلت البلدان الإفريقية جهودا هائلة لمكافحة هذه الألغام وإزالتها، ولكن التحدي لا يزال ماثلا أمامها.
وفي هذا الصدد فقد برزت الجزائر بجهودها الحثيثة لإزالة الألغام المزروعة خلال فترة الاستعمار، ولا سيما على خطوط شال وموريس في شرق وغرب البلاد، والتي تعود جذورها إلى الفترة الاستعمارية التي استمرت لأكثر من 132 عاما، حيث قامت فرنسا بارتكاب العديد من الفظائع، وعند استقلال الجزائر، تركت خلفها ما يزيد على 11 مليون لغم، تسببت في سقوط آلاف الضحايا من المدنيين.
ولذلك، بدأت الجزائر بعد استقلالها في سباق طويل لإزالة هذه الألغام وتطهير الأراضي الملوثة بها وها هي الآن تعقد ملتقى دوليا لتصدر خبرتها إلى العالم وبشكل خاص إلى البلدان الإفريقية التي تعاني من المعضلة نفسها.
وعلى الرغم من اعتماد المعاهدة التاريخية لحظر الألغام وتأسيس دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام منذ أكثر من عقدين، إلا أن عدة بلدان إفريقية لا تزال تعاني من تداعيات الألغام المزروعة في أراضيها على غرار مالي وبوركينا فاسو والنيجر، حيث تشكل هذه الألغام تهديدا خطيرا للسكان وتعرقل التنمية المستدامة في تلك المناطق.
وتعد الصحراء الغربية واحدة من أكثر الأراضي تلوثا في العالم بالألغام المزروعة من قبل المغرب، ما يشكل انتهاكا فاضحا لجميع الاتفاقيات الدولية.
وفي هذا السياق فقد احتضنت الجزائر، الثلاثاء، ملتقى دوليا حول التجربة الجزائرية في نزع الألغام والموسوم بـ”من أجل إفريقيا آمنة، الجزائر تجربة رائدة في مكافحة الألغام المضادة للأفراد”، وذلك في إطار الاحتفالات بسنوية الذكرى الـ60 لعيد الاستقلال وضمن نشاطات اللجنة الوزارية المشتركة لمتابعة تنفيذ اتفاقية أوتاوا لحظر الألغام.
وشكل الملتقى فرصة لإبراز التجربة الجزائرية في مجال حظر الألغام والإشادة بها وخاصة من خلال إبراز جهودها في مجال تطهير المناطق المملوءة بالألغام وتوفير الإمكانات البشرية والمادية الضرورية للتكفل بضحايا حقول الموت.
وكشف الأمين العام التنفيذي للجنة المشتركة المكلفة بمتابعة تنفيذ اتفاقية حظر الألغام المضادة للأفراد، العقيد رشيد مسعودي، عن إحصاء قرابة 11 مليون لغم غداة الاستقلال.
بدوره قال مدير مكتب تنسيق الأعمال المتعلقة بالألغام بالصحراء الغربية، حيدر طالب إن “الصحراء الغربية من أكثر المناطق في إفريقيا تلوثا بالألغام”، مشيرا إلى أن ” هناك مجهودات محلية لنزع الألغام النظامية الذي يدفنها الغزو المغربي بجانب الحزام الدفاعي الذي هو قائم في الصحراء ويفصلها الى شطرين ” .
وأضاف حيدر طالب إن” هذه الألغام النظامية استطاع الجيش الصحراوي أن ينزع منها العدد المطلوب لكن هناك ألغاما فوضوية مهاجرة من حقول نظامية في اتجاه الصحراء بعامل السيول و الأمطار و أصبحت هذه الألغام عائقا كبيرا أمام الحيوانات و البشر وخصوصا المدنيين العزل الذين يجهلون هذا السلاح الفتاك” .
وفي السياق ذاته يضيف “إنه لديهم منظمة أممية تساعد و تشارك في تطهير الصحراء من الألغام و لكن لمسافات صغيرة، وخاصة أن الصحراء بها 264 ألف كم أغلبتها ملوث ، وهذا ما يدفعهم للبحث عن الدعم و المساعدة في مجلس السلم و الأمن في الاتحاد الافريقي و حتى عند الحلفاء وأبرزها الجزائر من أجل السير في تطهير ذي مردودية على الساحة الوطنية” .