الوقت - نددت حركة النهضة في بلاغ لها الاثنين بالحكم القضائي الصادر ضد رئيسها راشد الغنوشي، الموقوف على ذمة القضاء واعتبرته "حكما سياسيا ظالما"، ودعت "إلى إطلاق سراحه فورا ".
وفي المقابل اعتبرت النهضة في بيانها ان الغنوشي (81 عاما) « معتقل من أجل التعبير عن رأيه على خلفية تصريح » وصفته النهضة بانه » مدلّس » والحال ان الامر يتعلق بتأبين احد الصحفيين وذكر مناقبه في مقارعة الاستبداد والنضال من اجل الحرية والكرامة.
وذكرت اخبار متطابقة ان الدائرة الجناحية في قضايا الإرهاب لدى المحكمة الابتدائية بتونس اصدرت حكما بالسجن لمدة عام وبخطية مالية قدرها ألف دينار في حق الغنوشي بسبب كلمة تأبين القاها بمدينة قابس منذ اشهر.
واشارت النهضة في البيان ذاته الى ان الغنوشي (الموقوف حاليا منذ ابريل الماضي) لم يتردد أبدا في الحضور أمام قاضي التحقيق في مناسبات سابقة، و »لكن لمّا تبيّن له التنكيل المتعمد به قرر عدم المثول أمام قضاء خاضع للسلطة السياسية ولم تعد تتوافر فيه شروط المحاكمة العادلة ».
ولاحظت النهضة ان السلطة مرت الى ما اعتبرتها » المحاكمات السياسية الجاهزة » مع تواصل الإيقافات الظالمة وغير القانونية في حق المعارضين السياسيين وبطاقات الإيداع دون التحقيق مع الموقوفين.
وكانت « جبهة الخلاص » اعتبرت من جهتها ان اصدار الدائرة الجناحية في قضايا الإرهاب لدى المحكمة الابتدائية بتونس حكما بالسجن لمدة عام وبخطية مالية قدرها ألف دينار في حق راشد الغنوشي (رئيس حركة النهضة) بسبب كلمة تأبين يعد » تنكيلا بالمعارضين » ودعت الى الكف عن ذلك.
وتقدم عضو باحدى النقابات الأمنية بشكوى للقضاء ضد الغنوشي اعتبر فيها ان استعماله للفظ « طواغيت » في تابين فقيد لحزبه كان المقصود منه « الأمنيين » .
ومثل الغنوشي سابقا امام قاضي التحقيق للرد على هذه التهمة الكيدية ولكنه رفض المثول امام الدائرة الجناحية معتبرا ان القضية ملفقة ولا سند لها في الواقع والقانون.
وفي سياق متصل دعا 150 أكاديميا ومفكرا في أوروبا وأميركا الشمالية إلى الإفراج عن رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي، وعن جميع المعتقلين السياسيين في تونس، واستعادة الديمقراطية في البلاد.
وقال المفكرون والأكاديميون، في رسالة مفتوحة، إن التهم الموجهة للغنوشي "ما هي إلا محاولة يائسة لاجتثاث واحد من الأصوات الأعلى التي تقاوم تدمير الديمقراطية في تونس، وتحويل الأنظار بعيدا عن الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية العميقة التي تعصف بالبلاد".
وأعرب الموقعون عن "تضامنهم مع الغنوشي وجميع التونسيين الذين سجنوا أو حوكموا ظلما وعدوانا"، داعين إلى استعادة الحريات وحقوق الإنسان في تونس.
واعتبر الأكاديميون والمفكرون أن حرمان "تونس والمنطقة والعالم من أحد أبرز أصوات الاعتدال والديمقراطية يشكل خسارة فادحة تتجاوز حدود تونس إلى أصقاع الأرض".
وذكر الموقعون على الرسالة المفتوحة أن اعتقال رئيس حركة النهضة "جزء من عملية استهداف سياسي واسعة النطاق، تكمن من ورائها دوافع سياسية بحتة"، وأضافوا أن السلطات التونسية تشن "حملة تعسفية" لاعتقال ومحاكمة زعماء الأحزاب وممثلي المجتمع المدني والنقابيين والقضاة والصحفيين، إذ يواجه أغلب هؤلاء تهمة التآمر ضد أمن الدولة.
وأضاف الموقعون على الرسالة أن توجيه هذه التهمة جاء بسبب "دفاع المعتقلين عن الديمقراطية التونسية".
ومن بين الموقعين على الرسالة تشارلز تايلور، وجون إسبوزيتو، وفرانسيس فوكوياما، وفيليب شميتير، وكليمنت إتش مور، وأوليفييه روي، وفرانسوا بورغات، وجوسلين سيزاري، ونعوم تشومسكي، ولاري دايموند، وجون إنتيليس، وبرهان غليون، وإلين لوست، وخالد أبو الفضل، وجون كين وتشارلز تريب.
وعزت أوساط سياسية تونسية الحكم على رئيس حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي بالسجن مدةَ سنة إلى أن السلطات التونسية التي وجدت أن الغنوشي وحركة النهضة باتا في حالة من العزلة الداخلية والخارجية، وأن لا شيء يمنع معاملة رئيس حركة النهضة كغيره من بقية الموقوفين الذين تعلقت بهم قضايا مختلفة يتولى القضاء البت فيها دون ضغوط ولا استعجال.
وقالت الأوساط السياسية التونسية إن السلطات التونسية لمست الوضع الهزيل الذي وصلت إليه النهضة محليا وإقليميا قبل توقيف الغنوشي وبعده، وأن احترازاتها في التعامل معه شخصيا لم يعد لها أي مبرر ولهذا تركت للقضاء مهمة أن يعالج التهم الموجهة إليه، ومن بينها تمجيد الإرهاب، أسوة بآخرين.
وتشير هذه الأوساط إلى أن الغنوشي يتم التعامل معه حاليا كأي متهم تتعلق به قضايا سيتم البت فيها بالحكم له أو عليه دون تدخل سياسي، لا من السلطة التونسية ولا من أيّ جهة خارجية تفكر في الضغط على القضاء تحت عناوين فضفاضة.
وبعد إجراءات 25 يوليو 2021 خسرت حركة النهضة وضعها كحركة نافذة في السلطة ومؤسسات الدولية، وهو ما جعل بعض القوى والشخصيات تنأى بنفسها عن الحركة، كما تخلى عنها من كانوا يتقربون إليها من أجل مصالحهم، وفقدت تحالفاتها التقليدية.
وامتدت العزلة الداخلية لحركة النهضة خارجيّا أيضا بعد أن تخلّى عنها الكثير من الداعمين لها سياسيا وإعلاميا. ومن المتوقع أن تتسع دائرة العزلة أكثر على خلفية الوضع الصعب الذي يعيشه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حليف الحركة المعلن.
ويعتقد محللون سياسيون أن عزلة النهضة والغنوشي مفهومة، وأن الأمر مرتبط بتطورات إقليمية ودولية أفضت إلى بروز خطاب المصالحات إقليميا والسعي لتجاوز أسباب الخلافات السابقة وعلى رأسها الإسلام السياسي.
واعتبر أيمن العلوي، القيادي في حزب الديمقراطيين الموحّد، أن “مشروع الإسلام السياسي الذي أعطي له الضوء الأخضر في العشرية الماضية للهيمنة على المشهد السياسي، يشهد تراجعا كبيرا في الفترة الأخيرة لعدة اعتبارات إقليمية ودولية”.
وقال العلوي إن “الوزن السياسي للغنوشي تراجع بشكل كبير، وحركة النهضة أصبحت هامشية على المستوى السياسي وفقدت مكانتها في المشهد”.
وقال عبدالرزاق الخلولي، رئيس المكتب السياسي لمسار 25 يوليو، إن محاكمة الغنوشي ينبغي لها أن تتم في إطار مبدأ “لا إفلات من العقاب”، وإن “مسار القضاء أصبح مستقلا وله اتجاه واضح وهو إتمام عدد من المحاكمات”.
وأضاف الخلولي إن “تأثير حركة النهضة، ومن ورائها الغنوشي، تراجع كثيرا. وهذه المحاكمة تعلن فعليا نهاية الغنوشي سياسيا، بعد أن انتهى في أذهان الشعب التونسي وعبّر الكثير عن عدم قبولهم له في المشهد منذ فترة”.