الوقت_ مؤخراً، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن تمديد ما تسمى "حالة الطوارئ" بشأن سوريا لمدة عام إضافي، وذلك بعد وقت قصير من إعلان الجامعة العربية عودة دمشق لشغل مقعدها الذي جُمّد عام 2011 نتيجة أحداث ما أطلق عليه "الربيع العربيّ"، وذلك عقب عرقلة أمريكيّة طويلة لمساعدة الشعب السوريّ، الذي تحمل الكثير من الخيبات والألم، وفشل قرار الكونغرس الأمريكي الذي كان بمثابة "صخرة أمام مساعدة سوريا"، واختص بجهود بعض الدول لإعادة ترميم وتطبيع العلاقة مع سوريا، فيما زعم بايدن أنّ تصرفات الحكومة السورية لا تزال تشكل تهديدا غير عاديّ للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة، وذلك ليس بغريب من الدولة التي حاربت دمشق لسنوات طويلة وأرادت إضعاف وتمزيق سوريا لإرضاء بني صهيون، والتي ما زالت تسرق الثروات السورية عقب سنوات من الدمار والحصار وتوجه بها إلى الأراضي العراقية عبر المعابر غير الشرعية لسوريا التي تعيش آثار الزلزال عقب حصار خانق ووضع اقتصاديّ يصفه الناس بـ "المأساويّ"، وذلك في سياق اللعنة الأمريكيّة التي انصبت على هذا الشعب منذ سنوات طويلة ودمرت بلاده ونهبت خيراته وشاركت في قتل كل ما هو جميل فيه بالتعاون مع بعض الجهات الحكوميّة والإرهابيّة التي هي في الأساس صناعة أمريكيّة.
بدل أن تدعو واشنطن لدعم السوريين –كل السوريين- بكل انواع المساعدات، أبدى فيدانت باتيل نائب المتحدث باسم الخارجية الأميركية معارضة لعودة سوريا إلى الجامعة العربية الوقت الحالي، وقال إن بلاده لن تطبع علاقاتها مع الرئيس الأسد وإنها لا تدعم قيام حلفائها بخطوات في هذا الاتجاه، ولم يكن هذا مستغرباً من الدولة التي أصدرت قانوناً جديداً لمنع وعرقلة التطبيع مع سوريا، كي لا تظهر الإدارة الأمريكية كالخاسر في هذه الحرب التي لم تترك أخضر في البلاد، وتأتي تلك الأنباء في ظل الوجود غير الشرعيّ للقوات الأمريكيّة في المنطقة الشرقيّة السوريّة والذي يركّز على "الفوائد الاقتصاديّة والتقسيم" بمزاعم دعم ما تُطلق على نفسها "قوات سوريا الديمقراطية" التي يهيمن عليها بعض القياديين الأكراد الحالمين بدولة قوميّة ضمن سوريا.
وتتهم الولايات المتحدة بغضها الطرف عن الوضع الإنسانيّ المقيت للشعب السوريّ ونهب ثرواته، والحفاظ على سياسة قذره نتيجة معارضة سياسة الرئيس بشار الأسد، وقد عملت الولايات المتحدة على عرقلة مسار المساعدات الإنسانية الدولية المنقذة للحياة والتي تهدف إلى مساعدة ضحايا الزلزال حتى أجبرت على تعليق قانون قيصر شكليّاً، لكنّها لو قتلت كل أبناء هذا البلد بلمحة بصر لما تحرك للأمريكيين ساكن، حيث جاءت تلك التصريحات بعد بيان للجامعة العربية أفاد بأن وزراء الخارجية العرب تبنوا رسميا -في اجتماعهم الأخير- قرارا ينص على عودة سوريا لشغل مقعدها بالجامعة، واستئناف مشاركة وفود الحكومة السورية باجتماعاتها، بعد غياب دام ما يقارب الـ12 عاماً.
من ناحية أُخرى، تعد تلك التصريحات طبيعيّة جداً من الدولة الإرهابية التي تعامت عن أرواح الأبرياء وبلائهم وقتلت ودمرت سوريا وشعبها وما زالت تسرق بوضح النهار قمحهم ونفطهم، وتدعم مشاريع التقسيم والإرهاب والتجويع، رغم الأوضاع المعيشيّة والاقتصاديّة الصعبة التي يعيشها السوريون والتي لا يمكن وصفها بكلمات بعد الزلزال المدمر، في وقت تفرض فيه واشنطن –صاحبة هراء حقوق الإنسان والديمقراطية- أشدّ العقوبات والحصار على السوريين والذي يذيقهم الويلات، فيما ينجو من ذلك المناطق التي يديرها عملاء واشنطن أي المناطق التي تقع خارج سيطرة الدولة السوريّة وبالأخص مناطق ما تُسمى "الإدارة الذاتية"، حيث تؤكّد دمشق كل مدّة أنّ ثرواتها تُسرق أمام الجميع وغلباً ما تتجه نحو الأراضي العراقيّة برفقة مدرعات عسكريّة تابعة لجيش الاحتلال الأمريكيّ.
وعلى ما يبدو فإنّ عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية في محاولات لإصلاح العلاقات من "قلب العروبة النابض" قد صفعت الأمريكيين وسياستهم الفوضويّة في العالم، وخاصة بعد انقطاع دام لسنوات، وبالتالي فإنّ تهافت عودة المياه إلى مجاريها مع دمشق أغضب البيت الأبيض الذي لا يحترم سيادة الدول ولا القانون الإنسانيّ تحت كذبة حقوق الإنسان، بعد أن تحمل السوريون الكثير من المآسي في واحدة من أشد الحروب الدمويّة التي مرت في تاريخ البلاد والتي أطفأت شمعتها الحادية عشر منذ أشهر، كيف لا؟ ، والولايات المتحدة وبسبب تاريخها الدمويّ والقذر في تدمير الدول وحصار الشعوب واغتيال السلام، وباعتراف مسؤوليها هي التي أسست ونظمت وسلحت تنظيم “داعش” الإرهابيّ وقامت بزرعه في المنطقة لتدمير سوريا وغيرها، وسهلت ويسرت لجميع الإرهابيين والمجرمين والمنحرفين فكريّاً وأخلاقيّاً الانضمام لهذا التنظيم، وساعدتهم بقوة في التغلغل داخل الأراضي العراقيّة والسوريّة، بهدف إثارة الفوضى وتفتيت الجيوش النظاميّة واستنزافها، وبعد فشل التنظيم الإرهابيّ رغم عملياته الاجراميّة الكثيرة وتمدده لسنوات على الارض وسيطرته على العديد من المدن، قامت واشنطن بتنفيذ السيناريو الذي وضعته أجهزة مخابراتها، ونشرت قواعدها وقواتها المُحتلة بشكل غير شرعيّ تحت عنوان “محاربة داعش”، لتحقق مؤامراتها في تدمير الدول التي تعتبر معادية لها وللكيان الصهيونيّ المجرم فتنهب خيراتها وتحاصر شعبها وتحاول القضاء على دورها، واستخدمت كل قوانينها "الإرهابيّة" لقتل ما تبقى من حياة في بعض الدول.
ختاماً، يريد البيت الأبيض حرمان الشعب السوريّ من ثرواته ورزقه ومنع أيّ أحد من مساعدته ودعمه، في ظل مواصلة حصار جائر يفرضه الأمريكيّ وحلفاؤه وأدواته في المنطقة ضد هذا البلد، بعد أن تبنّت الإدارة سياسة الاحتلال شمال شرق سوريا، لتحقيق مشاريعها الهدامة في المنطقة، فيما تعتبر دمشق أنّ الحملات المسعورة والمتكررة الخاصة بالوضع الإنسانيّ في البلاد تمثل أبشع أشكال النفاق، ويتجاهل أصحابها أنهم السبب الأساس في معاناة السوريين جراء دعمهم للإرهاب، وقد كذب الأمريكيون ولو صدقوا، لأنّ الغدر الأمريكيّ في شعوب المنطقة ليس جديداً والعراق أكبر الشهود، في ظل قيامهم بتجويع وزيادة مأساة الشعب السوري الذي يعيش أسوأ الظروف في تاريخه، وإنّ الأهداف الأمريكيّة واضحة للجميع، فعقلية الأمريكيّ لم تتغير يوماً، والرغبة الأمريكيّة بإسقاط الأنظمة المخالفة لها وتدمير البلدان وحصار الشعوب التي لا تخنع لإملاءاتها علنيّة، أم نسينا أنّ واشنطن عملت كل ما بوسعها لإسقاط سوريا المقاومة من خلال دعم التنظيمات الإرهابيّة بشكل لا محدود بالتعاون مع دول معروفة، لهذا لم يتبقَ لديها سوى "إرهاب التصريحات" وقوانينها الدمويّة المخادعة التي لم تتبنَ يوماً قراراً لمحاسبة الآلة العسكريّة للعصابات الصهيونيّة الفاشيّة في فلسطين.