الوقت- بدأت عملية تبادل مئات الأسرى بين تحالف العدوان وانصار الله، في خطوة مهمة وسط الجهود المكثفة لإنهاء الصراع المستمر في البلاد منذ 9 سنوات. وتستمر عملية التبادل التي بدأت الجمعة الماضي 3 أيام، في إطار تنفيذ الخطة التي اتفقت عليها الأطراف في الاجتماع الأخير للجنة الإشرافية لتنفيذ اتفاقية تبادل المحتجزين، والذي انعقد في سويسرا في مارس/آذار الماضي. وتعهدت الأطراف بالاجتماع مرة أخرى في مايو/أيار لتنظيم المزيد من عمليات التبادل والإفراج. وتشمل عملية التبادل التي ستستمر لمدة ثلاثة أيام عبر ستة مطارات محلية ودولية، أسرى سعوديين وسودانيين.
وحسب خطة التبادل المتفق عليها، يطلق اليوم سراح 250 أسيراً من انصار الله بنقلهم من مطار عدن إلى مطار صنعاء، في مقابل نقل نحو 70 أسيراً من حلفاء الحكومة المستقيلة من مطار صنعاء إلى مطار عدن، بينهم وزير الدفاع السابق اللواء محمود الصبيحي واللواء ناصر منصور هادي، شقيق الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي. وفي وقتٍ لاحق، أعلن المتحدث الرسمي باسم وفد حكومة صنعاء في مفاوضات الأسرى عبر صفحته الرسمية في تويتر، مغادرة اللواء ناصر منصور هادي إلى الرياض وقال نصر الدين عامر رئيس مجلس إدارة وكالة الأنباء اليمنية "سبأ" المؤيدة لحركة أنصار الله، إن "أسباباً فنية من جانب الحكومة اليمنية أخرت بدء عملية التبادل بنحو 3 ساعات، لكن تلك الأسباب لم تمنع من استمرار عملية التبادل".
وقالت مستشارة الإعلام لدى اللجنة الدولية للصليب الأحمر، جيسيكا موسان، لوكالة الأنباء الفرنسية : "أقلعت أول طائرة من صنعاء وعلى متنها أسرى من قوات الحكومة المستقيلة اليمنية باتجاه عدن، وأقلعت طائرة أخرى تقلّ أسرى من انصار الله من مطار عدن". ووفقاً للجنة الدولية للصليب الأحمر التي تستخدم طائراتها لنقل الأسرى، فسيبلغ عدد الأسرى الإجمالي الذين ستنقلهم الطائرات الأربع اليوم نحو 320 أسيراً
تفاصيل عملية التبادل
نقلت وكالة الأنباء اليمنية عن الفريق الحكومي المفاوض بملف الأسرى، أن اليوم الأول من هذه المرحلة سيكون مخصصاً لنقل وتبادل عدد من الأسرى عبر مطاري عدن وصنعاء. وفي اليوم الثاني ستعمل الحكومة اليمنية على نقل وتبادل دفعة أخرى من الأسرى مع انصار الله عبر مطارات أبها، وصنعاء، والرياض، والمخا. وفي اليوم الثالث والأخير من هذه المرحلة ستتم عملية تبادل الأسرى عبر مطاري صنعاء وتداوين بمحافظة مأرب، بينهم أربعة صحفيين محكومين بالإعدام وكان طرفا النزاع قد توصلا الشهر الماضي، خلال مفاوضات انعقدت في العاصمة السويسرية برن إلى اتّفاق يقضي بتبادل أكثر من 880 أسيراً، بينهم 706 من انصار الله و181 أسيراً من الحكومة المستقيلة، وذلك تحت رعاية الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر بين الطرفين. كما يأتي نقل الأسرى غداة مغادرة وفد سعودي العاصمة صنعاء، ليلة أمس، بعد محادثات مع انصار الله للتوصل إلى تفاهم "مبدئي" حول هدنة في البلاد، وعقد جولة أخرى من المحادثات. وزاد اتفاق تبادل الأسرى الأخير، الآمال في التوصل إلى اتفاق سلام شامل بين الجانبين، إذ أشار عضو المكتب السياسي لحركة أنصار الله، محمد البخيتي، إلى أن الأجواء الإيجابية تخيم على المفاوضات في صنعاء.
خطوة نحو السلام
حسب مصادر حكومية يمنية، فقد وافقت حكومة صنعاء مؤخّراً على تصوّر سعودي بشأن حل النزاع، يقوم على هدنة لمدة ستة أشهر في مرحلة أولى لبناء الثقة، ثم فترة تفاوض لمدة ثلاثة أشهر حول إدارة المرحلة الانتقالية التي ستستمر سنتين يتمّ خلالها التفاوض حول الحلّ النهائي بين كل الأطراف. وعن هذا التصور السعودي، يقول رئيس مجلس إدارة وكالة الأنباء اليمنية "سبأ" المؤيدة لحركة أنصار الله : "المفاوضات الأخيرة والتي دارت بين جماعة انصار الله والسعودية، لم ترتكز على هذا التصور السعودي أبداً، فقد كان الملف الإنساني على رأس كل الملفات الأخرى، وأحرزنا تقدما ملموساً به يرضى جميع الأطراف". ويضيف نصر الدين عامر: "سنشهد في القريب العاجل مفاوضات جديدة مع الطرف السعودي، ما يعني إمكانية تجديد الهدنة والتفاهم على مرحلة ما بعد الهدنة، التي ستمهد للسلام الشامل وإنهاء الحرب".
ورحب المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، ببدء عملية الإفراج عن الأسرى، وأضاف في بيان : " تأتي عملية الإفراج في وقت يسوده الأمل في اليمن كتذكير بأن الحوار البنّاء والتسويات المتبادلة أدوات قوية قادرة على تحقيق نتائج مهمة". وصرح غروندبرغ أنه يأمل أن تنعكس هذه الروح على الجهود الجارية للدفع بحل سياسي شامل. وتمّت آخر عملية تبادل كبرى للأسرى في أكتوبر/تشرين الأول 2020، حيث أُطلق سراح أكثر من 1050 أسيراً، وأُعيدوا إلى مناطقهم أو بلدانهم، حسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وزار وفد سعودي صنعاء الأحد الماضي لإجراء محادثات تمحورت حول إحياء الهدنة وإرساء الأسس لوقف إطلاق نار أكثر استدامة. وغادر الوفد برئاسة السفير محمد الجابر مساء الخميس باتفاق على إجراء مزيد من المحادثات. وقال مسؤول في حكومة صنعاء إنه كان هناك "اتفاق مبدئي على هدنة" قد يجري الإعلان عنها لاحقا، فيما وصف كبير مفاوضي انصار الله محمد عبد السلام المحادثات بأنها "جادة وإيجابية".
من جهتها، أفادت وزارة الخارجية السعودية في بيان السبت بأن اللقاءات هذه اتسمت "بالشفافية وسط أجواء تفاؤلية وإيجابية. ونظراً للحاجة إلى المزيد من النقاشات؛ فسوف تستكمل تلك اللقاءات في أقرب وقت". ويُعتقد بأن الرياض طلبت ضمانات أمنية من الإيرانيين، بما في ذلك وقف هجمات انصار الله بالطائرات المسيرة والصواريخ على الأراضي السعودية. ومع ذلك، حتى لو تمكّنت المملكة من التفاوض على مخرج من الحرب، فقد يندلع القتال مرة أخرى بين الفصائل اليمنية المختلفة داخل اليمن.
السعودية تريد إنهاء حرب اليمن
قالت صحيفة نيويورك تايمز؛ إن اليمن بات أمام بصيص أمل، بعد مقتل مئات الآلاف، والتشريد، نتيجة الحرب المستمرة منذ 8 سنوات، بعد تحقيق انفراجة بين أطراف الحرب، والمحادثات باتت مختلفة عن أي جولات سابقة. وأشارت في تقريرها، إلى أن الفرق بين هذه المفاوضات وتلك التي جرت في السنوات الماضية، أنها ليس في ساحة المعركة ويخشى بعض المحللين من أن المحادثات قد تؤدي ببساطة إلى مرحلة مختلفة من الصراع المعقد. وبدلا من ذلك، فإن العامل الذي يلفت الانتباه هو التقارب المفاجئ الشهر الماضي بين قوتين إقليميتين؛ السعودية وإيران. وظل القتال في اليمن هادئا نسبيا في الأشهر الأخيرة، على الرغم من انقضاء الهدنة في تشرين الأول/ أكتوبر، انخرط الطرفان في محادثات سلام بوساطة عمان المجاورة، لكن تلك الاجتماعات استمرت دون نهاية واضحة تلوح في الأفق حتى هذا الشهر.
وصرح هانز غروندبرغ، مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، لوكالة أسوشيتيد برس يوم الأحد، أن "اليمن هو الأقرب الآن لتحقيق تقدم حقيقي نحو السلام الدائم". أما بالنسبة للمفاوضات هذا الأسبوع، فقد جمعت في العاصمة اليمنية، صنعاء، السعودية التي تقود تحالفا عسكريا داخل اليمن في عام 2015 وانصار الله، الذين يسيطرون على العاصمة والشمال الغربي لليمن. وقال سفير السعودية في اليمن، محمد الجابر، على تويتر؛ إنه جاء إلى صنعاء لإجراء محادثات "لتثبيت الهدنة ووقف إطلاق النار"، و "استكشاف سبل الحوار" التي يمكن أن تصل إلى حل سياسي شامل للبلاد.
وقالت ندوى الدوسري، باحثة غير مقيمة في معهد الشرق الأوسط؛ إن مجلس القيادة الرئاسية اليمني الذي يشرف على الحكومة المستقيلة، قد تم استبعاده في الواقع من تلك المفاوضات. أما الأهداف الفورية فهي أساسية. وقال البخيتي؛ إن المفاوضين يسعون لإعادة الهدنة والانسحاب الكامل للقوات الأجنبية من اليمن. ويريد المفاوضون أيضا تمهيد الطريق لمحادثات أوسع لحل الصراع السياسي، متعدد الأوجه في اليمن وإصلاح الاقتصاد المدمر. ومن المرجح أن تتضمن الاتفاقية إقناع السعودية للحكومة اليمنية المتحالفة معها لتسهيل دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية اليمنيين، الذين ظلوا دون تعويض منذ سنوات، وغالبا ما يكونون المعيل الرئيسي لأسرهم. ومن شأن ذلك أن يرفع العبء على وكالات الإغاثة الإنسانية، التي تكافح من أجل خدمة ملايين اليمنيين الجوعى الذين هم في أمس الحاجة إلى الغذاء.
ويمكن أن يفتح الاتفاق أيضا المزيد من الرحلات الجوية من مطار صنعاء، ما يسمح لآلاف الأشخاص بالسفر للعلاج المنقذ للحياة، ورفع القيود المفروضة على الموانئ، وتوفير المزيد من السلع الأساسية وتخفيف التضخم، كما قد يسمح باستئناف صادرات النفط اليمنية. ويتوق المسؤولون السعوديون إلى إنهاء تدخلهم العسكري في اليمن، الذي كان مكلفا ومضرا بسمعة المملكة الدولية. علاوة على ذلك، تسببت الضربات الصاروخية والطائرات المسيرة التي شنها انصار الله على الحدود الجنوبية للسعودية، في مقتل العشرات من المدنيين وتدمير البنية التحتية.