الوقت - كانت الأزمة في سوريا في العقد الماضي على الدوام إحدى نقاط النقاش والجدل الرئيسية في أجواء التنافس الإقليمية والدولية، لكن بعد اخماد التوترات تهيئت أجواء من التعاون الإقليمي، ولا سيما بعد الاتفاق على استئناف العلاقات بين إيران والسعودية، وسوريا الآن عادت مرة أخرى إلى صدارة القضايا الإقليمية، ويتم الحديث في الاجتماعات والمشاورات الدبلوماسية متعددة الأطراف كثيرا عن إعادة إحياء العلاقات العربية مع دمشق.
وفي هذا الصدد، وبعد الزيارة المفاجئة لوزير الخارجية السوري فيصل المقداد إلى الرياض الأربعاء الماضي، والتي كانت خطوة غير مسبوقة منذ أكثر من عقد، أعلنت المملكة العربية السعودية عن عقد اجتماع تشاوري متعدد الأطراف في هذا البلد، يركز على القضية السورية.
حيث عقد هذا الاجتماع متعدد الأطراف يوم الجمعة بمشاركة وزراء خارجية الدول الأعضاء في مجلس تعاون الخليج الفارسي، إضافة إلى مصر والعراق والأردن، وصدر يوم (السبت) بيان ختامي دعما لاستقرار سوريا.
وشارك في هذا الاجتماع التشاوري وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ووزير الخارجية الكويتي الشيخ سالم عبدالله الجابر الصباح ووزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني.
كما حضر الاجتماع وزير الخارجية المصري سامح شكري ونظيره الأردني أيمن الصفدي والعراقي فؤاد حسين وأنور قرقاش المستشار السياسي لرئيس دولة الإمارات العربية المتحدة.
وفي وقت سابق، أعلنت وكالة الأنباء الفرنسية أنه ستتم مناقشة موضوع عودة سوريا إلى الجامعة العربية بعد تعليق عضوية دمشق في الجامعة منذ 2012. وحسب وكالة رويترز، تعتزم السعودية دعوة الأسد لحضور قمة الدول العربية، المقرر عقدها في 19 مايو في الرياض.
وحسب ما أوردته وكالة الأنباء السعودية "واس" ، جاء في البيان الختامي لاجتماع جدة أن: "الحل السياسي هو الحل الوحيد للأزمة في سوريا، وأهمية أن يكون هناك دور قيادي عربي في الجهود الرامية لإنهاء الأزمة، ووضع الآليات اللازمة لهذا الدور، وتكثيف التشاور بين الدول العربية بما يكفل نجاح هذه الجهود".
وقالت الخارجية السعودية في ختام الاجتماع التشاوري، إنه: "تم التشاور وتبادل وجهات النظر حول الجهود المبذولة من أجل التوصل إلى حل سياسي للأزمة في سوري، ينهي كل تداعياتها ويحافظ على وحدة سوريا، وأمنها واستقرارها، وهويتها العربية، ويعيدها إلى محيطها العربي، بما يحقق الخير لشعبها".
واتفق الوزراء، وفق وكالة الأنباء السعودية "واس"، خلال هذا الاجتماع على: "أهمية حل الأزمة الإنسانية وتوفير البيئة المناسبة لوصول المساعدات إلى جميع المناطق في سوريا، وتهيئة الظروف اللازمة لعودة اللاجئين والنازحين السوريين إلى مناطقهم، وإنهاء معاناتهم، وتمكينهم من العودة بأمان إلى وطنهم"، بالإضافة إلى: "اتخاذ المزيد من الإجراءات التي من شأنها المساهمة في استقرار الأوضاع في كامل الأراضي السورية".
وأكد الوزراء: "أهمية مكافحة الإرهاب بكل أشكاله وتنظيماته، ومكافحة تهريب المخدرات والاتجار بها"، إضافة إلى "أهمية قيام مؤسسات الدولة بالحفاظ على سيادة سوريا على أراضيها، لإنهاء وجود الميليشيات المسلحة فيها، والتدخلات الخارجية في الشأن الداخلي السوري".
وشدد الوزراء، حسب البيان، على أن: "الحل السياسي هو الحل الوحيد للأزمة في سوريا، وأهمية أن يكون هناك دور قيادي عربي في الجهود الرامية لإنهاء الأزمة، ووضع الآليات اللازمة لهذا الدور، وتكثيف التشاور بين الدول العربية بما يكفل نجاح هذه الجهود".
جهود للحد من التعنت القطري
بعد سنوات من العلاقات العدائية مع سوريا، تم في الفترة الأخيرة طرح مبادرات من قبل بعض الدول العربية لاستئناف العلاقات مع دمشق، وفي مثل هذه الأجواء خلال الشهرين الماضيين، زار الرئيس السوري بشار الأسد ، في أول زيارة له لدول الخليج الفارسي منذ بداية الأزمة عام 2011 سلطنة عمان والإمارات.
كما أظهر الاجتماع الأخير في السعودية بعد زيارة وزير الخارجية السوري إلى الرياض أن التطبيع الكامل للعلاقات بين الدول العربية ودمشق في مراحله الأخيرة، واجتماع الشهر المقبل لرؤساء الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية في السعودية سيشهد عودة سوريا. حيث أعلنت وزارة الخارجية السعودية في بيان لها، الخميس، أن وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان ونظيره السوري ناقشا "الخطوات اللازمة لتحقيق حل سياسي شامل للأزمة السورية ينهي كل تداعياتها، وسيساعد في تحقيق المصالحة الوطنية وعودة سوريا إلى المحيط العربي واستئناف دورها الطبيعي في العالم العربي".
وفي هذا السياق، نقلت وكالة فرانس برس عن دبلوماسي عربي أن "السعودية تلعب دورا في عملية إعادة سوريا إلى الجامعة العربية تحت مظلة مجلس تعاون الخليج الفارسي".
وقال هذا الدبلوماسي العربي: إن السعوديين يحاولون ضمان عدم معارضة قطر لعودة سوريا إلى الجامعة العربية إذا تم التصويت على هذه القضية.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية القطرية، الثلاثاء ، إن "موقف قطر تجاه سوريا لم يتغير" و "أي تغيير في الموقف يتعلق بشكل أساسي بالاجماع العربي والتغيرات الميدانية التي تلبي رغبات الشعب السوري".
كما اعتبر الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني رئيس وزراء قطر في مقابلة مع تلفزيون قطر، مساء الخميس، الحديث عن عودة سوريا إلى الجامعة العربية مجرد تكهنات، وأكد أن أسباب تعليق عضوية دمشق مستمرة حتى الآن بالنسبة للدوحة.
وأضاف: "لا يوجد اقتراح على الطاولة وعودة سوريا إلى الجامعة العربية مجرد تكهنات نسمعها في وسائل الإعلام".
ورغم هذا الموقف من الدوحة ، يبدو أن القطريين سيظهرون مواقف أكثر مرونة في الشهر المقبل لتجنب العزلة والتخلف عن الركب المفاجئ لخصومهم تجاه دمشق.
وفي غضون ذلك، ما لا يمكن تجاهله هو دور الاتفاق بين إيران والسعودية في عقد الاجتماع التشاوري في جدة لإحياء العلاقات بين الدول العربية وسوريا.
كما أظهر الاجتماع الأخير في السعودية بعد زيارة وزير الخارجية السوري إلى الرياض أن التطبيع الكامل للعلاقات بين الدول العربية ودمشق في مراحله الأخيرة، و أن اجتماع الشهر المقبل لرؤساء الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية في السعودية سيشهد عودة سوريا إلى مقعدها أيضاً.