الوقت- تطورات متسارعة يشهدها الشرق الاوسط بداية من الحوار السعودي الايراني ووصولا الى الحوار بين الرياض ودمشق، هذه التطورات المتسارعة يبدو وكانها نسفت معها خلافات الماضي بين القيادتين السعودية والسورية، حيث تسعى الرياض الى عودة دمشق للجامعة العربية، وخصوصا بعد ان اكدت وكالة رويترز للانباء ان الرياض تعتزم دعوة الرئيس السوري بشار الاسد لحضور القمة العربية التي ستستضيفها في ايار - مايو المقبل، وهي خطوة من شأنها تذويب الجليد بين الجانبين، وانهاء مواجهة استمرت اكثر من 12 عاما.
واضافت الوكالة ان وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان سيتوجه إلى دمشق في الأسابيع المقبلة لتسليم الأسد الدعوة بشكل رسمي. واوضحت ان هذا التطور يأتي بعد محادثات في الرياض أجراها مسؤول استخباراتي سوري رفيع المستوى وحسب المعلومات فإن هذا المسؤول هو رئيس المخابرات السورية حسام لوقا، حيث تشير المعلومات الى انه مكث عدة ايام في الرياض، وتم التوصل خلالها إلى اتفاق لإعادة فتح السفارتين في القريب العاجل بين البلدين.
هذه التطورات تأتي بعد ان صرح وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان في 19 شباط - فبراير الماضي في منتدى ميونخ للأمن، ان إجماعا بدأ يتشكل في العالم العربي على أنه لا جدوى من عزل الدولة السورية، وأن الحوار مع دمشق مطلوب في وقت ما، حتى تتسنى على الأقل معالجة المسائل الإنسانية، بما في ذلك عودة اللاجئين.
وأضاف إنه في ظل غياب سبيل لتحقيق الأهداف القصوى من أجل حل سياسي، فإن نهجا آخر بدأ يتشكل لمعالجة مسألة اللاجئين السوريين في دول الجوار ومعاناة المدنيين، وخاصة بعد الزلزال المدمر في سوريا وتركيا. وخلال شهر رمضان المبارك، اقام السفير الايراني في العراق محمد كاظم آل صادق، وليمة افطار حضرها السفيران السوري والسعودي، فيما استضاف السفير العراقي لدى سلطنة عمان قيس العامري، سفراء السعودية وإيران وسوريا، وبحثوا الفرص الكبيرة التي تنتظر دول المنطقة في ضوء السلام الإقليمي.
الرئيس السوري بشار الاسد، اكد خلال زيارته الى موسكو، بانه عودة سوريا للجامعة ليست من أولويات السياسة الخارجية للدولة، لكن الأولويات تكمن في العلاقات الثنائية العربية، وسوريا تريد أن تشكل بعودتها نقطة التقاء لا أن تكون عودتها نقطة خلاف عربي جديد، أو فراق. وسابقا كانت السعودية احد اكبر موانع عودة دمشق للجامعة العربية، أما الآن فقد تغيرت الظروف والمعطيات السياسية، وتقديم الرياض دعوة لسوريا للحضور سيكون تقدما كبيرا في تحريك المياه الراكدة بين البلدين، ومن المتوقع ألا ترفض دمشق هذه الدعوة وإمكانية مشاركتها، باعتبارها دولة عربية تفاخر بعروبتها، وهي لن تقطع علاقاتها مع أي دولة من الدول العربية بل هم من قاموا بقطعها. ودمشق لم تطرد من الجامعة أو تفقد مقعدها، إنما القرار الذي صدر في عام 2011 كان تعليق مشاركة الوفود الرسمية السورية في الجامعة. ومن المهم عودة سوريا للجامعة وأخذ دورها العربي والإقليمي، وهذه العودة هي مقدمة لكسر الحصار الغربي الذي تم فرضه على دمشق، فعودة العلاقات العربية السورية تكسر الحصار الاميركي، والمفروض في الأصل بأياد عربية، وفتح صفحة سياسية جديدة بين الاقطار العربية وخصوصا الصفحة الاقتصادية.
السعودية تدرك اهمية عودة دمشق لمكانها الطبيعي في العالم العربي، لان العداء مع سوريا لم يؤدِ لشيء ايجابي في المنطقة ابدا، بل على العكس جلب المخاطر والجماعات الارهابية وخسائر مادية كبيرة سواء للدول الداعمة او لسوريا نفسها، وهذه الجماعات هددت الأوضاع في المنطقة والدول المجاورة، والعداء لم يأت بأي نتيجة إيجابية، ولم يترك فرصة لإحداث عملية سياسية توافقية ما بين الحكومة السورية والمعارضة في الداخل او في الخارج، وإنما زادت الأوضاع سوءا.
السعودية ادركت بأن قطع قنوات التواصل مع سوريا على مدار السنوات الماضية، لم يحقق أي فائدة للدول العربية، حتى على مستوى إيصال المساعدات الإغاثية، ما دفع إلى بدء التقارب العربي مع سوريا، كما حدث مع مصر والإمارات والاردن وغيرها من الدول. وعودة العلاقات السعودية الإيرانية كان لها كبير الأثر في عودة العلاقات ما بين الرياض ودمشق.
الرياض لا تريد أن تكون خارج العلاقات مع دمشق في الوقت الذي تتمتع فيه إيران بعلاقات مهمة معها. إضافة إلى أن تركيا تريد تصحيح هذه العلاقات أيضا، وفيما يتعلق بالرياض فعلاقاتها الإيجابية مع دمشق تعني بوابة لضبط النفوذ التركي في المنطقة وضمان الاستقرار في عدد من الدول كلبنان على سبيل المثال. من جهة أُخرى السعودية باتت دولة صاحبة مشروع ورؤية إقليمية خاصة بها، وهي بحاجة إلى تصفير المشاكل لتعوم مشاريعها، ولا يمكن نجاح تلك الرؤية مع الأحقاد الشخصية مع سوريا وقيادتها. وحسب المعلومات، فقد شهدت الأسابيع الأخيرة عدداً من اللقاءات السورية – السعودية، أجريت من دون أي معلومات عن مستوى اللقاء ومكانه وموعده، لكنها وصفت باللقاءات رفيعة المستوى حسب الأوسط السياسية.