الوقت- بعد عقد كامل من القطيعة وفوقها عامان من الحرب انطلقت المباحثات بين سوريا والسعودية بشأن استئناف الخدمات القنصلية بين البلدين، في خطوة كبيرة تقرب عودة دمشق إلى الحضن العربي. وذلك بعد نحو اسبوعين من اتفاق بين طهران والرياض على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما وإعادة فتح السفارات المغلقة منذ عام الفين وستة عشر.
وزارة الخارجية السعودية اعلنت أنها تجري محادثات مع سوريا لاستئناف الخدمات القنصلية بين البلدين وذلك بعد أن أفادت وكالة رويترز بأن البلدين اتفقا على إعادة فتح سفارتيهما. وكانت ثلاثة مصادر مطلعة قالت لرويترز إن الاتفاق جاء نتيجة محادثات في السعودية مع مسؤول مخابرات سوري رفيع كان قد مكث اياماً في الرياض حيث جرى التوصل إلى اتفاق لإعادة فتح السفارات قريباً جداً، بينما ذكر مصدر آخر حسب رويترز أن موعد إعادة فتح السفارتين هو بعد عيد الفطر.
وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان اشار في وقت سابق من هذا الشهر الى أن التواصل مع الرئيس السوري بشار الأسد قد يؤدي إلى عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، لكن من السابق لأوانه في الوقت الحالي مناقشة مثل هذه الخطوة، حيث شهدت سوريا في الاونة الاخيرة نشاطا دبلوماسيا وتطورات ملحوظة في علاقاتها مع الدول العربية كان قد بدأ التمهيد لها قبل كارثة الزلزال المدمر وتسارعت بعد وقوعه مثل زيارات وزيري خارجية مصر والاردن ووفد برلماني عربي من ثماني دول الى دمشق اضافة الى اعلان تونس نيتها تعزيز تمثيلها الدبلوماسي في سوريا كما تخلل هذه الفترة زيارة قام بها الرئيس السوري بشار الاسد الى عمان كانت الثانية عربياً للاسد بعد زيارته الامارات في اذار/ مارس العام الماضي.
هذه التطورات تأتي في وقت تؤكد فيه مصادر ان وزير الخارجية السعودي سيزور دمشق بعد عيد الفطر المبارك في خطوة تعتبر مفصلية في اعادة العلاقات بين البلدين، وتعتبر روسيا لاعبا اساسيا في اعادة العلاقات الايجابية بين البلدين وخصوصا في ظل جولات الحوار التي قام بها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في الرياض، او التي قام بها نظيره السعودي فيصل بن فرحان في موسكو، واتت خلاصتها في زيارة الرئيس السوري بشار الاسد الى روسيا والتي طرح فيها ملف عودة العلاقات بين دمشق والرياض وكان المطروح ايجابيا على القيادة السورية التي ردت هي الاخرى بايجابية، وباتت موسكو تشبه بكين، حيث باتت العاصمتان مركزا للحوار بين الدول الاقليمية، كما وقع في الصين اتفاق عودة العلاقات بين ايران والسعودية، وروسيا كانت بوابة لعودة العلاقات بين سوريا والسعودية.
السعودية تريد الحوار وعودة العلاقات مع دمشق لأسباب عدة، أبرزها أن الرياض لا تريد أن تكون خارج العلاقات مع سوريا في الوقت الذي تتمتع فيه إيران بعلاقات مهمة معها. إضافة إلى أن تركيا تريد تصحيح هذه العلاقات أيضا، وفيما يتعلق بالرياض فعلاقاتها الإيجابية مع دمشق تعني بوابة لضبط النفوذ التركي في المنطقة وضمان الاستقرار في عدد من الدول كلبنان على سبيل المثال.
من جهة أُخرى السعودية باتت دولة صاحبة مشروع ورؤية إقليمية خاصة بها، وهي بحاجة إلى تصفير المشاكل لتعوم مشاريعها، ولا يمكن نجاح تلك الرؤية مع الأحقاد الشخصية مع سوريا وقيادتها.
وحسب المعلومات، فقد شهدت الأسابيع الأخيرة عدداً من اللقاءات السورية – السعودية، أجريت من دون أي معلومات عن مستوى اللقاء ومكانه وموعده، لكنها وصفت باللقاءات رفيعة المستوى وفق الأوسط السياسية.
أما فيما يتعلق بدمشق فشروطها واضحة بخصوص الحوار وفتح صفحة جديدة، وهذه الشروط تتمثل بضمانات أمنية واقتصادية، وجدول زمني واضح لخروج القوات الأجنبية من البلاد، مع ضمانات بعدم دعم الجماعات المسلحة وعدم الضغط على الدولة في قضية النظام السياسي الجديد. وهنا يجب ألّا ننسى ما قاله الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، عندما أراد الانسحاب من سوريا عندما صرح علانية أن الرياض هي من طلبت بقاء قواته في سوريا وأنها ستمول هذا البقاء، وبالتالي يمكن للرياض أن تستخدم نفوذها لخروج الأميركي من سوريا.
العلاقات الايجابية بين الثلاثي الايراني والسوري والسعودي ستنعكس بصورة واضحة على المنطقة التي ستنعم بالهدوء لفترات طويلة والذي سيؤدي الى استقرار بعد سنوات من الحرب، وهي امور تحتاجها المنطقة بهدف قطع الطريق على الولايات المتحدة وكيان الاحتلال الاسرائيلي اللذين يسعيان لاشعال التوترات بهدف البقاء في امان بالمنطقة.