الوقت - في الآونة الأخيرة، قامت بعض الدول بتقليص عدد الموظفين والدبلوماسيين في سفاراتها في أفغانستان.
وفي آخر حدث بهذا الصدد، أكدت مصادر دبلوماسية إجلاء جميع الموظفين الدبلوماسيين وعائلاتهم من السفارة السعودية في كابول، عاصمة أفغانستان. كما أن الإمارات هي ثاني دولة خليجية بعد السعودية تغلق سفارتها في كابول.
وحسب المراقبين، فإنه بسبب التهديدات الكبيرة والفشل الأمني لطالبان، قد تقلص دول أخرى وجودها الدبلوماسي في أفغانستان. كما ذكرت وكالة الأنباء الروسية سبوتنيك، أن تركيا تخطط لتقليص بعثاتها الدبلوماسية في كابول.
كما أكد مسؤول كبير في طالبان، أن السفارة التركية لديها خطة لتقليص أنشطتها الدبلوماسية في كابول. وقال عدد من موظفي يوناما(بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان) إنهم يتلقون رسائل تهديد أمنية منذ يوم الجمعة الماضي، ما دفع البعثة إلى السعي لزيادة مستوى الحماية الأمنية لديها.
أعلنت السعودية أن سبب انسحاب قواتها من سفارة كابول هو متابعة قضية خاصة طويلة الأجل، لكنها لم تقدم مزيدًا من التفاصيل. ولم يذكر دبلوماسيو الرياض على وجه التحديد هذه الخطة وأسباب تقليص وجودهم في كابول، لكن يبدو أنهم أيضًا غير راضين عن الوضع الحالي في أفغانستان.
طبعاً، ذُكرت أسباب أخرى حول إمكانية إخلاء السفارة السعودية في أفغانستان، ونقلت وكالة سبوتنيك الروسية للأنباء عن بعض المصادر الدبلوماسية المقربة من الرياض قولها، إن طالبان قيدت وجود وأنشطة الدبلوماسيات في السفارة السعودية.
ونقل موقع "هشت صبح" الأفغاني عن مصادر مجهولة، أن السعوديين أخلوا مبنى السفارة رداً على حظر دخول موظفات سفارتهم في كابول، لكن هذا الأمر لم يعلنه مسؤولو الرياض.
انعدام الأمن؛ السبب الأكثر ترجيحًا لرحيل الدبلوماسيين
يبدو أن انعدام الأمن هو السبب الأكثر ترجيحًا لمغادرة بعض الدبلوماسيين والإغلاق المفاجئ للسفارات في أفغانستان.
منذ أن سيطرت طالبان على أفغانستان في صيف عام 2021، قبل أكثر من عام بقليل، وقعت العديد من الانفجارات في البلاد أسفرت عن مقتل العشرات من المدنيين والمسؤولين. وكان آخر حادث انفجار استهدف وزارة الخارجية الأفغانية في يناير الماضي، وخلّف سبع ضحايا.
وقال حسن أبو هنية الخبير في الحركات والجماعات لـ "الخليج أون لاين"، إن حركة طالبان لم تنجح في إرساء الأمن منذ سيطرتها على كابول، ولم تتمكن من منع الهجمات الإرهابية.
وأضاف أبو هنية في مقابلة مع الخليج أونلاين: "داعش خراسان" كجماعة إرهابية تابعة لداعش، استهدفت بشدة المقرات الدبلوماسية للصين وروسيا في المنطقة الخضراء، ما يعني مخاطر على البعثات الدبلوماسية.
وأشار هذا الخبير إلى أن التهديدات الأمنية لا تزال قائمةً في أفغانستان، ولهذا فهي تثني الدول عن مواصلة بعثاتها الدبلوماسية، وخاصةً أن هذه الحركة غير معترف بها دوليًا ولا شرعية لها.
كما يعتقد أبو هنية أن فشل طالبان في إرساء الأمن تسبب في قلق وخوف دول أخرى، ويخلص أبو هنية إلى أن التهديدات المتكررة قللت من الوجود الدبلوماسي للعديد من الدول في كابول، وحتى الدول التي لديها سفارات نشطة ستقلل من وجودها.
طالبان غير قادرة على توفير الأمن لنفسها
في الواقع، منذ سيطرة طالبان على أفغانستان، شهدت البلاد سلسلةً من التفجيرات التي أودت بحياة مئات الأشخاص، والعديد منهم من ضحايا تنظيم داعش الإرهابي.
والأسوأ من ذلك أنه من بين الضحايا، يمكن رؤية أسماء مسؤولي طالبان والحكومة المؤقتة في كابول، وأدى هذا الموضوع إلى طرح سؤال مفاده بأنه عندما تكون طالبان غير قادرة على توفير الأمن لمسؤوليها وقواتها، فكيف يمكنها توفير الأمن للسفارات الأجنبية؟
کذلك، وقعت خلال الأشهر الماضية عدة تفجيرات دامية في مساجد في مدن مختلفة في أفغانستان، كان بعضها بمسؤولية تنظيم داعش الإرهابي.
على سبيل المثال، في 23 سبتمبر 2022، وقع تفجير في مسجد وزير أكبر خان في المنطقة الخضراء بالعاصمة كابول، قُتل فيه 19 شخصًا وأصيب 42 آخرون. وبعد أسبوع، قتل أكثر من 50 شخصاً وأصيب 100 آخرون في هجوم انتحاري في مركز تعليمي غرب العاصمة كابول.
بعد ذلك، في 4 فبراير 2023، قبل أقل من أسبوع، أصيب شخصان جراء انفجار سيارة مفخخة بالقرب من طريق باشتونستان، بالقرب من القصر الرئاسي الأفغاني وعدد من المقار الحكومية في كابول.
كما أسفر انفجار وقع في 11 يناير الشهر الماضي بالقرب من مقر وزارة الخارجية الأفغانية في كابول، عاصمة هذا البلد، عن مقتل 21 شخصًا، من بينهم 3 عناصر من حركة طالبان.
كل هذه الهجمات خلقت تحديات أمنية للحكومة التي شكلتها طالبان، وأظهرت طالبان عمليًا أنها لم تحقق شيئًا لضمان أمن أفغانستان، حتى في عاصمة هذا البلد.
هذه الحوادث المستمرة وفشل طالبان في توفير الأمن مع استمرار العقوبات الغربية ضد أفغانستان، يعني أن هذا البلد أكثر عزلةً عن العالم بغض النظر عن الحرب، والدول الأخرى لا تريد أن تبقى في ظل التهديدات والعزلة العالمية في هذا الوضع.
من ناحية أخرى، لم تعترف دول العالم بعد بالحكومة التي شكلتها طالبان، وطالبت دائمًا بشروطها المسبقة بما في ذلك ضمان الحريات واحترام حقوق المرأة والأقليات، لكن طالبان أظهرت أنها لا تولي اهتماماً بالمطالب الدولية وتتبع المسار الذي تريد.
وتشير القيود التي فرضتها طالبان مؤخرًا على تعليم النساء والفتيات، إلى أن حرکة طالبان لا تختلف كثيرًا عن ماضيها ولا تزال لا تريد تشكيل حكومة شاملة.