الوقت- يحاول المكون الكردي في الشمال السوري العودة للسكة الصحيحة التي كان عليها قبل الحرب في سورية، هذه السكة التي مهدت العودة لها القوات الحليفة في سورية، وفتحت دمشق باب الحوار لها، الا أن الأوساط الكردية ورغم الانفتاح الذي أبدته الحكومة السورية تشهد انقساماً كبيراً ما بين مؤيد لهذه المصالحة ومعارض لها، فيما جرى الحديث عن لقاء كردي سوري من شأنه أن يحسم هذا الجدل، وفي هذا الصدد أجرت مراسلة موقع الوقت الاخباري التحليلي مقابلة مع المحلل السياسي الدكتور أسامة دنورة تناولت فيها الجوانب التالية:
الوقت: هل صحيح أن هذا الوفد التقى بالسلطات السورية؟
دنورة: لم يتم الاعلان رسمياً من قبل الحكومة السورية أو من قبل ما تسمى "الادارة الذاتية" عن هذه الزيارة التي تحدثت تسريبات صحفية عن أن وفداً من الادارة الذاتية قام بإجرائها الى العاصمة دمشق برئاسة بدران جياكرد مسؤول العلاقات الخارجية في الادارة الذاتية، ولكن في المقابل لم يصدر اي نفي لها، الامر الذي يمنح هذه التسريبات مساحة من المصداقية، وطبعاً غياب التعليق الرسمي من قبل كلا الطرفين يجعل التسريبات الصحفية هي المرجعية الوحيدة المتوافرة حول هذه الزيارة في حال لم تتحدث مصادر رسمية لاحقاً عن نتائجها.
الوقت: هل هذا الاجتماع لقاء رسمي مع الممثلين الرئيسيين للمجموعات الكردية أم هم جزء من الكرد؟
دنورة: لا یوجد اي جهة او طرف يمكنه ان يدعي التمثيل الصحيح سواءً للمواطنين السوريين من الشريحة الكردية، او للمواطنين السوريين من عموم الشرائح ضمن المناطق الخاضعة للاحتلال الامريكي، فوجود الاحتلال بحد ذاته كافٍ ليحجب الصفة التمثيلية التي لا يمكن اكتسابها الا في انتخابات ضمن الاطر الدستورية، وفي ظل السيادة الكاملة للدولة السورية، ولكن بالتأكيد نحن نتحدث هنا عن قوى أمر واقع تسيطر على هذه المناطق تحت حماية الاحتلال الامريكي، أما كون هذه القوى تمثل ارادةً منفصلة عن ارادة الاحتلال ام لا، فإثبات ذلك يتعلق بقدرتها على تكريس اولوية المصلحة الوطنية السورية في اجندتها السياسية، وتقديم هذه المصلحة على أوامر قوى الاحتلال، وهو امر لا توجد إشارات مشجعة إليه حتى الآن.
الوقت : هل الاتفاقات المحتملة مع الأكراد السوريين فاعلة في عملية المفاوضات بين تركيا وسوريا أم لا؟
دنورة: من الواضح ان قوى الاحتلال التركي تتخذ من القوى الانعزالية في مناطق الشمال الشرقي السورية ذريعة لاستمرار التلويح بالعدوان، كما تجعل من التفاهم حول مصير هذه المجموعات عائقاً امام تفكيك المجموعات الارهابية التي ترعاها في ادلب وما حولها، وحائلاً امام انسحاب قوى الاحتلال التركي من الارض السورية، وهنا لا بد من التأكيد على ان الدور الامريكي الذي يمنع "قسد" و"الادارة الذاتية" من التفاهم مع دمشق بما ينسجم مع معايير السيادة الوطنية والمواثيق والاتفاقيات الدولية يعمل كمخرب للحلول المحتملة التي يعمل عليها الروس والايرانيون بين سورية وتركيا، حيث يعمل الامريكيون على استدامة الوضع الشاذ الموجود في مناطق الشمال الشرقي سعياً لاطالة عمر اوراق الضغط التي يمتلكونها ضد الدولة السورية وضد التواصل السوري - العراقي، وضد سياق الحلول الذي يعمل عليه الروس والايرانيون وبالمحصلة يستمر استرهان سكان هذه المنطقة وثرواتها وجغرافيتها للمصالح الامريكية ولو على حساب مواطنيها ومكوناتها السياسية.
الوقت: هل يضمن الأكراد عدم ارتباطهم بحزب العمال الكردستاني وغيره وأن دمشق ستعيدهم للحاضنة السورية مثل الجماعات والقوميات السورية الأخرى؟
دنورة: ان اظهار المشكلة على انها خاصة بالسوريين من الشريحة الكردية يجافي الواقع، فالواقع انه توجد تنظيمات سياسية وتنظيمات مسلحة لا شرعية يدخل في قوامها أشخاص من جميع الشرائح والمكونات الموجودة في المنطقة التي يحتلها الامريكي، ولكن هؤلاء لا يعبرون حقيقةً عن أي من هذه المكونات او الشرائح الاثنية، بل يعبرون عمن قبل بالعمل تحت إمرة الامريكي.
فالحديث هنا ليس عن اقلية عرقية او مكون اثني بقدر ما هو عن اقلية سياسية تنتمي الى جميع الاطياف الاثنية، ولكنها لا تنتمي حقاً الى وطنها الأم سورية طالما وضعت نفسها تحت امرة الاحتلال. وبالتالي فعودة هؤلاء الى النسيج الوطني السوري مرهونة بقرارهم الخاص، وعودتهم لا تختلف من حيث النتيجة عن مسار المصالحات والتسويات الذي اثبت نجاحه باستعادة عشرات الآلاف من السوريين الى انتمائهم الوطني، واستعادة الدولة السورية لمواطنيها ولثروتها البشرية وتماسك نسيجها الوطني هو هدف مؤكد للدولة السورية، وقد اثبتت سعيها لتكريس هذا الهدف عبر العديد من مراسيم العفو التي صدرت عن اعلى السلطات السياسية في سورية، اما فيما يتعلق بحزب العمال او سواه، فالثابت والمؤكد ان الحدود السورية - التركية لم تشهد اي احداث منذ ابرام تفاهم اضنة وحتى عام ٢٠١١ ، عندما بدأ خرق تفاهم اضنة من قبل الاتراك بتسريبهم ودعمهم وتسليحهم للمجموعات الارهابية، وهذا الالتزام السوري يشير الى مصداقية التعهدات السورية في ضبط الحدود.