الوقت- فرضت أمريكا على ايران ولأعوام حصاراً بكافة الأشكال بحجة أنها تستفيد من الطاقة الذرية لصناعة قنبلة نووية، و اليوم يتحرك البعض في مجلس الشيوخ الأمريكي لتوجيه الأمور إلى فرض حصار جديد على نشاط ايران في صنع الصواريخ البالستية الدفاعية، الإدعاء الأمريكي حيال ايران لطالما افتقد للإنصاف قبل أن يكون فاقداً للمصداقية، فالسياسة الأمريكية كما كانت سابقاً هي اليوم أيضاً تتعامل بنظرة أحادية الجانب. فضلاً عن هذا كله فإن الإدعاء الأمريكي يناقض حق الدول في امتلاك قدرات دفاعية تتناسب و التهديدات المطروحة في العالم، في هذا السياق سنطرح جملة من التناقضات في السياسات و الإدعاءات الأمريكية حيال المسألة النووية ككل.
أولاً: تدعي الولايات المتحدة بأنها تعمل للحد من انتشار السلاح النووي في العالم في مسعى لحصره بمجموعة من الدول التي تستحوذ عليه وهي أمريكا و روسيا و بريطانيا و فرنسا و الصين و الهند و باكستان و كوريا، هذا المسعى يأتي بحسب الإدعاء من أن السلاح النووي يعد خطراً و تهديداً لأمن العالم، في المقلب الآخر فهي وضعت 700 مليار دولار لإستخدامها خلال السنوات القادمة في مشروع تحسين الأسلحة النووية و حواملها، وهي ترصد سنويا 620 بليون دولار امريكي لصناعة الصواريخ و بناء الترسانة العسكرية، هذه الترسانة و التي يذهب جزء كبير منها في صفقات بيع لأنظمة دول تشن حروباً و تقمع شعوباً كالعدوان على اليمن و غيرها الكثير، يضاف إلى ذلك انفاقها 74 مليار دولار سنوياً على عملياتها العسكرية في الخارج، هذه العمليات والتي لم ينتج عنها سوی احتلال افغانستان ومن ثم العراق، و دعم جماعات الفكر التدميري و تمويلهم، و تمويل مشاريع فتنوية.
ثانياً: السياسة الأمريكية في نشر السلاح النووي هو ما كُشف عنه مؤخراً، وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو خلال الأيام القليلة الماضية من أن قرابة 200 قنبلة نووية أمريكية نشرت في كل من بلجيكا و ايطاليا و هولندا و ألمانيا و تركيا، هذا و كُشف عن عملية لنشر قنابل نووية أمريكية جديدة في قاعدة عسكرية للقوات المسلحة الألمانية، كما صرح نائب وزير الدفاع البولندي "توماس شاتكوفسكي"، قبل بضعة أيام من أن وزارته تعتزم النظر في تقديم طلب إلى حلف الناتو لنشر قنابل نووية أمريكية في بلاده ضمن البرنامج المعروف بـ "البعثات النووية المشتركة". برنامج البعثات النووية المشتركة يعد انتهاكا مباشراً لاتفاق منع انتشار الأسلحة النووية والذي التزمت بموجبه الدول النووية و من ضمنها أمريكا بعدم منح الدول غير النووية هذا السلاح، و تلتزم الأخيرة بموجبه أيضاً عدم استلام الأسلحة النووية سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
ثالثاً: سياسة أمريكا الداعمة للكيان الاسرائيلي و الحامية له و لإنتهاكاته في المنطقة، هذا الكيان و بالإضافة إلى عدم مشروعيته على الأراضي الفلسطينية فإنه يمتلك 200 قنبلة نووية وفق تقديرات العام 1986، و من غير المعلوم ما يمتلكه اليوم إذ لا رقابة و لا حتى إدانة، هذا الكيان و الذي يشكل خطراً و تهديداً كبيراً على أمن المنطقة. و تعد أمريكا الدولة الوحيدة التي استخدمت القنبلة الذرية في العام 1945 عندما القتها على مدينة هيروشيما اليابانية و التي راح ضحيتها أكثر من 140 ألف شخصاً فضلاً عن الاف الجرحى و المعوقين و التي آثارها لا زالت ملازمة حتى اليوم، و القنبلة الأخرى التي ألقيت أيضاً على مدينة ناكازاكي اليابانية و راح ضحيتها 70 ألف شخصاً، فضلاً عن الالاف من ضحايا أمراض الأشعاع نتيجة التجارب التي تجريها أمريكا بين الفنية والأخرى و التي تعطي قوة 1000 ضعف من قنبلة هيروشيما. و تأتي أمريكا في المرتبة الثانية عالمياً من حيث أمتلاكها للقنبلة النووية، حيث يبلغ حجم مخزونها 10500 قنبلة، جزء كبير منها معد للإستخدام و الإطلاق خلال دقائق معدودة إذا ما أعطى القرار السياسي هذا الأمر.