الوقت - فيما شدد ملخص أجهزة المخابرات والأمن الإيرانية على دور الدول الغربية في إشعال الحرب وتقسيم البلاد كخطة نهائية لهذه الحكومات، في أحدث مظهر من مظاهر هذا الجهد، وافقت اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الأربعاء الماضي على قرار كندا بشأن "حالة حقوق الإنسان في إيران".
تمت المصادقة على هذا القرار، الذي اتهمت فيه إيران بالتمييز ضد الأقليات، بأغلبية 79 صوتًا، مقابل 28 صوتًا، وامتناع 68 عن التصويت. وسيرفع هذا القرار إلى الجمعية العمومية للموافقة النهائية الشهر المقبل.
في هذا الاجتماع المثير للجدل، أعرب الدبلوماسيون الغربيون جميعًا عن ادعاءاتهم بشأن أوضاع حقوق الإنسان والحوادث والاضطرابات الأخيرة في إيران تماشياً مع هذا القرار الكندي، والذي قوبل برد فعل مغاير من الدبلوماسيين الشرقيين.
ممثل كندا في الأمم المتحدة ومن خلال دعم أعمال الشغب والأعمال الإرهابية لمثيري الشغب والجماعات الانفصالية في إيران، قال إن مطالبهم مشروعة وهذا يتطلب دعماً دولياً.
قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، على عكس قرارات مجلس الأمن، ليست قرارات تأديبية أو ملزمة، ويشار إليها على أنها تدابير استشارية. ومع ذلك، تحاول واشنطن وحلفاؤها تحريض المجتمع الدولي ضد إيران من خلال اتخاذ مثل هذه الإجراءات في مقر الأمم المتحدة، وبهذه الطريقة تشجيع الإرهابيين والمشاغبين على مواصلة أعمالهم في إيران.
ورداً على الموافقة على القرار الخاص بوضع حقوق الإنسان في إيران، قال ناصر كنعاني، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إن قرار حقوق الإنسان ضد إيران يفتقر إلى الشرعية القانونية ومرفوض، وهذا الإجراء لا يساعد فقط في تحسين حالة حقوق الإنسان على المستوى العالمي، بل يتسبب أيضًا في الاستمرار في اللجوء إلى الصور النمطية السلبية، وتوجيه الاتهام السياسي ضد الدول المستقلة.
لقد ركز الغرب، بقيادة الولايات المتحدة، كل اهتمامه على هذه الاضطرابات منذ بداية الأحداث الداخلية في إيران في الشهرين الماضيين، وأطلق حملة دعاية سياسية وإعلامية ضد استقرار إيران. في غضون ذلك، أصبحت كندا أحد رواد الجبهة السياسية الغربية لتأجيج نيران الاضطرابات في إيران.
كندا... الجهة التي تؤجج نيران الاضطرابات
إضافة إلى صياغة قرار ضد إيران، في أوائل أكتوبر سمحت كندا أيضًا لمعارضي إيران بعقد مسيرة مناهضة لإيران في هذا البلد، وحسب ادعائهم كان هناك 50 ألف شخص حاضرين في هذه التظاهرة ورددوا شعارات معادية لإيران دون أي عائق من قوات الأمن، وفي النهاية أصدروا بيانًا يؤيد الاضطرابات والمشاغبين ويدين قمع هؤلاء الأشخاص.
جاستن ترودو، رئيس وزراء كندا، الذي رفع علم حقوق الإنسان ضد إيران هذه الأيام، قد تحدث مرارًا وتكرارًا عن طهران بسوء، ومن خلال دعم المشاغبين فهو يحاول إبقاء الاضطرابات مشتعلةً. حتى أن ترودو ظهر في المسيرة المناهضة لإيران في كندا والتقط صورةً تذكاريةً معهم، لإظهار أن عداءه لإيران لايعرف حدوداً.
يوفر ترودو مساحةً لتنظيم احتجاجات مناهضة لإيران، بينما يأمر قوات الأمن الكندية بالتعامل بحزم مع شعب بلاده الذي ينظم احتجاجات ضد السياسات الأمريكية والبريطانية، وخاصةً العائلة المالكة في هذا البلد، حتى لا ينزعج مسؤولو البيت الأبيض ولندن، وبهذا الإجراء يُظهر علانيةً معاييره المزدوجة في التعامل مع الأصدقاء والدول غير الصديقة.
كما فرضت كندا عقوبات على مسؤولين ودبلوماسيين إيرانيين في الأسابيع الأخيرة، على الرغم من عدم وجود علاقة سياسية بين البلدين، وبطبيعة الحال لم يسافر أي مسؤول أو دبلوماسي إيراني إلى كندا خلال هذه الفترة.
كثير من الناس في إيران، الذين ذاقوا حقوق الإنسان الغربية على موائدهم خلال السنوات الماضية بسبب العقوبات الاقتصادية الغربية، يعتقدون أنه إذا كانت حكومة جاستن ترودو مهتمةً حقًا بالشعب الإيراني، بدلاً من تمرير القرار والانضمام إلى العقوبات الاقتصادية الأمريكية، فمن الأفضل تسليم المفسدين الاقتصاديين الإيرانيين الذين يقيمون في هذا البلد منذ سنوات إلى طهران.
هؤلاء الأشخاص أخذوا مئات الملايين من الدولارات من البلاد وفروا من إيران، وعلى الرغم من مطالبات الجمهورية الإسلامية بإعادة هؤلاء الأشخاص عبر شرطة الإنتربول، إلا أن أوتاوا رفضت تسليمهم بل تحمي هؤلاء المفسدين الاقتصاديين جيدًا.
كندا أكبر منتهك لحقوق الإنسان في العالم
تنتقد كندا سياسات إيران في مجال حقوق الإنسان، بينما تفوقت هي علی كل مجرمي التاريخ في جميع أنحاء العالم.
هذه الدولة التي تتبع سياسات أمريكا وبريطانيا في العالم، وتنسق سياستها الخارجية مع أسيادها، هي شريكة للغربيين في قتل أبناء أفغانستان وأماكن أخرى، وبالتالي فهي من أكبر منتهكي حقوق الإنسان.
وحسب موقع "Canadian Dimension"، فإن كندا متورطة في فضيحة تعذيب المحتجزين في أفغانستان منذ عام 2005. وكان من عواقب ذلك ضرر بالغ الخطورة لصورة كندا الدولية، وهناك أدلة على أن هذه الفضيحة تصل إلى أعلى مستويات الحكومة الكندية.
وبناءً عليه، خلال تدخل الجيش الكندي في أفغانستان، قامت القوات الكندية عمداً بتسليم الأسرى الأفغان إلى وكالة الأمن الوطني الأفغانية، الخدمة السرية الوطنية، رغم أن كبار المسؤولين العسكريين والحكوميين الكنديين كانوا يعرفون أنهم يستخدمون التعذيب بشكل منهجي.
وفي عام 2009، قدر مكتب اللجنة الأفغانية المستقلة لحقوق الإنسان في قندهار، أن واحدًا من كل ثلاثة سجناء سلمهم كنديون، قد تعرض للضرب أو حتى التعذيب في السجون المحلية.
ولهذا الغرض، طلبت فاتو بنسودة، المشرعة الكندية السابقة، قبل بضع سنوات، من محكمة لاهاي التحقيق في جرائم كندا أثناء التحقيق في جرائم الحرب المرتكبة في أفغانستان. ومؤخراً، قالت محكمة لاهاي إنها ستحقق في جرائم الحرب التي ارتكبها أعضاء الناتو في أفغانستان، باستثناء أمريكا، وربما يتم الكشف عن وثائق سرية أخرى عن جرائم هذا البلد في أفغانستان.
إضافة إلى ذلك، في العقد الماضي، تم اكتشاف العديد من المقابر الجماعية للسكان الأصليين الكنديين في القرون الماضية، ما يدل على الجرائم التي ارتكبها الحكام السابقون لهذا البلد ضد السكان الأصليين في هذا البلد.
ففي أبريل 2019، تم اكتشاف ثلاث مقابر في مدرسة داخلية للسكان الأصليين في كندا، حيث دفن عشرات الأطفال. وبين مايو ويونيو 2021، تم اكتشاف رفات أكثر من 1000 من السكان الأصليين، بما في ذلك مئات الأطفال، في المدارس الداخلية الكندية.
کانت الكنيسة قد سيطرت على هذه المدارس في القرون الماضية، ويقال إنه على مدار 120 عامًا، التحق بهذه المدارس حوالي 150 ألف طفل كندي من السكان الأصليين، قُتل الآلاف منهم سراً. وقدَّر تقرير لجنة الحقيقة والمصالحة عدد القبور غير المميزة في كندا بـ 3200.
وإضافة إلى غضب أهالي هذا البلد، فإن الكشف عن هذه المقابر الجماعية أثار أيضًا استياء الأمم المتحدة. حيث قال المتحدث باسم الأمين العام لهذه المنظمة، إن هذا الموضوع صادم ويشبه نكأ الجراح المؤلمة.
حتى البابا فرانسيس، الذي زار كندا قبل بضعة أشهر، اعتذر لسكان هذا البلد عن هذه الجرائم المروعة. وكان اكتشاف هذه المقابر كارثيًا، لدرجة أن جاستن ترودو أعرب أيضًا عن خجله من هذه القضية.
کما أن كندا تزعم أنها تدافع عن حقوق الأقليات في إيران، بينما لا توجد حرية للأقليات الدينية في هذا البلد، وقد تعرض المسلمون لهجمات قانونية عدة مرات. والقيود المفروضة على النساء المحجبات والمسلمات في كندا واسعة وتمييزية، لدرجة أنهن محرومات من العديد من الخدمات الاجتماعية والحكومية.
بالنظر إلى حالة حقوق الإنسان في كندا فيما يتعلق بالأقليات الدينية والعرقية، يجب القول إن هذا البلد ليس فقط لا يمكنه الحكم على حقوق الإنسان في البلدان الأخرى، بل يجب أيضًا أن يكون مسؤولاً عن الجرائم التي ارتكبها في هذا الصدد، وفي الأساس يجب أن يوضع في موضع المتهم وليس المدعي.