الوقت - هنالك عدة تحلیلات حول فشل حكومة منصور هادي، لكن أهمها هي أولاً اعتمادها على القوى الأجنبية وخاصةً السعودية، والثاني خلق أزمات داخلية، ونذکر فيما يلي بعضاً منها:
1. أزمة الشرعية: فيما یتعلق بشرعية أي نظام، یقال إن الشرعية يمكن أن تقوم علی قاعدتين. 1. في الداخل، 2. في الخارج، وبالنسبة للبلدان التي لديها حكومة شعبية، والشعب یقف وراء قیادته، فإن الشرعية تتأمّن من الداخل، وليس هناك حاجة إلى الدعم الخارجي.
ولكن البلدان التي تعاني من داخلها وليس لها أي شرعية داخلية وشعبية، فتستعین بالخارج والقوى الأجنبية من أجل اكتساب الشرعية والبقاء على قيد الحياة، ومثالها الملموس في حكومة منصور هادي هو اعتمادها على السعودية.
وبالنسبة إلی الحكومة اليمنية، فتجدر الإشارة إلى أن الحكومة اليمنية السابقة لم یکن لديها شرعية شعبية، ولم یکن هناك توافق في الآراء بين المواطنين اليمنيين حول شرعية نظام منصور هادي، أو في حال وجود أي شرعية سابقة، فبعد فترة من الزمن تم التشکيك بشرعية حکومة الهادي من قبل المواطنين اليمنيين. وبالتالي فإن اليمن یلجأ إلی الخارج والقوى الكبرى بحثاً عن الشرعية، والولايات المتحدة والسعودية تلعبان هذا الدور لليمن.
2. أزمة المشارکة: في ظل حکومة منصور هادي، لم تستطع الجماعات السياسية المختلفة المشاركةَ في السلطة، هذا في حین أن هناك أكثر من عشرين حزباً كان ینشط في اليمن، ولكن معظم هذه المجموعات کانت تواجه مشاکل للمشارکة في السلطة، وکانت هنالك جماعات مختلفة ترید المشاركة في السلطة السياسية، لکنّ الحكومة كانت تعرقل دخول النخب إلی هيكل السلطة في هذا البلد.
3. أزمة الهویة: کان لدی مختلف الجماعات والأحزاب اليمنية اعتراضات حول هيكل وشكل الحكومة، فعلى سبيل المثال ذُكر في الدستور أن الشريعة هو مصدر القانون، لکنّ بعض الجماعات الاسلامية کانت تعتقد أنه یجب أن يقال إن الشريعة هو المصدر الوحيد للتشريع.
هذا الفرق الأساسي یشير إلی أن المجتمع الیمني له نسیج تقليدي من جهة، ومن جهة أخرى لأنه يريد أن يدخل العصر الحديث، فلا یقبل حكام اليمن اعتبارَ الشريعة الإسلامية هي المصدر الوحيد للتشريع، ویریدون فتح الباب أمام تغریب المجتمع.
4. أزمة التوزیع: إن أزمة التوزیع تعني عدم التوزيع الأمثل للموارد والإمکانات في جغرافيا البلد، وهذا يعني أن جميع المناطق تستفید بشکل عادل من الإمکانات، لا أن تتمتع بعض المناطق الحضرية والساحلية بإمکانات أكثر بكثير من المناطق الريفية والمركزية، في حين أن معظم سكان اليمن هم من غير المقيمين في الحضر والعشائر.
5. أزمة الفساد الإداري والمالي: کان هناك فساد واسع النطاق في حكومة منصور هادي، وکانت الرشاوی تجري علی نطاق واسع في الدوائر الحکومیة. ولذلك فإن الفساد المالي والإداري قد حدّ إلی درجة کبیرة من شرعية وفعالية الحكومة، وخلق لها أزمةً خطيرةً في الشرعية والمقبولية.
وبوجه عام إن الفساد الإداري والمالي وفساد الموظفين الحکوميين أياً كان نوعه، یعرّض استقرار المجتمعات وأمنها للخطر، ویعدّ تهديداً للأمن القومي في أي بلد، ناهيك عن بلد فقير مثل اليمن.
6. الفقر والبطالة علی نطاق واسع: المشاکل الناشئة عن البطالة خاصةً بالنسبة للشباب في اليمن، تشمل المشاكل الصحية والمعيشية، ومشاكل الصحة العقلية، ومع توسیع رقعة التعليم العالي في هذا البلد، فإن الكثير من الشباب اليمني المثقّف، لا یجدون وظائف لائقة تتناسب مع دراستهم، ویعملون في وظائف دنيا مع رواتب زهیدة.
إن ارتفاع معدل النمو السكاني في اليمن، لا يتفق مع خلق فرص العمل في هذا البلد، الأمر الذي سیؤدي إلی یأس الشباب من المستقبل، ومن ثم اعتبار النظام السياسي عدیم الفعالية في تلبية هذه الحاجة الأساسية، فعلى سبيل المثال، تشير التقارير الدولية إلى أن نسبة الفقر في اليمن قد وصلت إلى 5.54 في المئة، بینما بلغ معدل البطالة بين الشباب إلى60٪.