الوقت-أقر البرلمان البريطاني بأغلبية كبيرة مشاركة بريطانيا في الغارات الجوية على مواقع تنظيم "داعش" الارهابي في سوريا.
وجاءت موافقة البرلمان البريطاني بعد مناقشات ماراثونية استمرت حوالي عشر ساعات، وقد صوت 397 عضوا لصالح القرار، بينما رفضه 223 نائبا، وقد صوت 66 عضوا في حزب العمال المعارض لصالح القرار الذي اقترحته الحكومة، بعد أن قرّر الحزب المعارض منح أعضائه في البرلمان حرية التصويت حول دعم الغارات الجوية البريطانية في سوريا . وبينما أشارت معظم التوقعات وإستطلاعات الرأي إلى أن أغلبية النواب سيصوتون لصالح مشروع قرار الحكومة، إلا أن إتهام رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون معارضيه بـ"المتعاطفين مع الإرهابيين"، ورفضه التراجع والإعتذار عن تصريحه المثير للجدل، إدّى إلى إحتدام النقاش وإستياء كثير من النواب الذين لم يحسموا موقفهم.
وواجه رئيس الوزراء اعتراضا قويا من قبل حزب العمال بعدما ذكرت تقارير إعلامية أنه طالب أعضاء البرلمان من حزبه المحافظ، في اجتماع خاص مساء أول من أمس، بعدم الوقوف في خندق واحد مع كوربن «وحفنة من المتعاطفين مع الإرهابيين». وطالب عدد من الأعضاء البرلمان من كاميرون الاعتذار عن هذا
التصريح. ولكن كاميرون اكتفى بالقول إن «الأمر يتعلق بمكافحة الإرهاب، وأي صوت يدلي به الأعضاء الموقرون (سواء لصالح أو ضد القرار) لهو شرف لصاحبه «.
وأوضح كاميرون في كلمته الافتتاحية أمام نواب البرلمان أن «مقترح الحكومة في تمديد نطاق الضربات الجوية البريطانية لتشمل سوريا قانوني وضروري»، وأن «الشيء الصحيح الذي ينبغي فعله هو الحفاظ على البلاد آمنة «.
وربط كاميرون التدخل في سوريا بمسؤولية بريطانيا تجاه حلفائها، وقال:«علينا أن نلبي نداء حلفائنا. الأمر الذي نقترحه قانوني وضروري، وهو الأمرالصحيح الذي يجب القيام به من أجل الحفاظ على أمن بلدنا»، مضيفا: «يجب أن نتحمل مسؤولياتنا وألا نعتمد على الآخرين في أمننا». كما اعتمد لهجة قوية في وصف أعضاء تنظيم داعش بـ«مغتصبي النساء، وقتلة المسلمين، ووحوش القرون الوسطى «.
وفي حين أقرّ كاميرون أنه في حال وقوع هجوم إرهابي في البلد في الأسابيع أوالأشهر المقبلة سيحاول البعض أن يعزوه للغارات الجوية، استبعد هذه الفرضية معتبرا أن «(داعش) حاول شن هجوم علينا منذ اعوام وتمكنّا من إحباط سبع مؤامرات «.
في المقابل، قاد رئيس حزب العمال المعارض، جيرمي كوربن، الحملة المعارضة لتوسيع الضربات الجوية إلى سوريا. وشدّد على أن «الحل في سوريا يجب أن يأتي من الشعب السوري نفسه، وليس من التدخل الدولي». وتساءل عن كيف ستساهم الضربات الجوية في التوصل إلى «حل سياسي شامل متفاوض عليه للأزمة السورية»، كما صرّح كاميرون .
وقال كوربن إن «توسيع الضربات الجوية البريطانية لن يحدث فرقا على الأرجح»، مشككا في شرعيتها ومتخوفا من تسببها في سقوط ضحايا بين المدنيين. وأضاف: «التأكيد بأن تفوق الصواريخ البريطانية سيحدث فرقا يصعب تصديقه، في حين تجد الولايات المتحدة ودول أخرى صعوبة في ضرب أهداف مناسبة»، معلّقا على عزم كاميرون على استخدام «صواريخ بريمستون»، أحد أكثر الصواريخ دقة .
وتعليقا على الجلسة البرلمانية، أكد النائب العمالي، بيتر فلين، أن «بريطانيا تخوض الحرب الخاطئة، ولا يمكن الانتصار في هذه المعركة على تنظيم داعش بالرصاص والقنابل»، وتابع: «استراتيجية تنظيم داعش هي إشاعة حرب إقليمية إلى حرب عالمية، ورفع مستوى التدخل البريطاني بقصف سوريا هو المصيدة لتطوير مهمة تنظيم داعش، ولا يمكن أن نسقط في هذا الفخ ».
من جهتها، رأت البارونة سميث، زعيمة الكتلة العمالية في مجلس اللوردات، أن مجابهة «هذا الشر ضروري ومبرر»، ولكنها شككت في مزاعم الحكومة بوجود 70 ألف «مسلح معتدل» على الأرض في سوريا. كما شككت في «قدرة هؤلاء المسلحين على العمل بفعالية، خصوصا أنهم يفتقرون إلى هيكل قيادي عسكري». وبينما عبرت عن تحفظها بشأن مشروع قرار الحكومة، لمحت إلى القرار الذي أصدره مجلس الأمن،
وقالت: «يجب أن نكون جزءا من هذا التحالف الساعي إلى إضعاف تنظيم داعش وأن يكون لنا صوت ذو مصداقية ونفوذ في مفاوضات فيينا من أجل إحلال السلم والاستقرار في سوريا والمنطقة» .
يذكر أن مصادر حكومية بريطانية أشارت إلى أن لندن شنت أولى غاراتها على تنظيم داعش الإرهابي في سوريا صباح الخميس 3 ديسمبر/كانون الأول، بعد وقت قصير من موافقة البرلمان على قصف أهداف للتنظيم الإرهابي .