الوقت- اصدرت المحكمة الاتحادية العراقية، الاربعاء الماضي، قرارها بقضية حل مجلس النواب، ورغم أنها واجهت ردود فعل متباينة من قبل الاحزاب والتيارات السياسية، فإن لها نقاط وجوانب مختلفة سنبحثها في هذه المقال.
علاقة الاحتجاجات في المنطقة الخضراء بقرار المحكمة الأخير
في الواقع، إذا عدنا إلى الوراء، فإن قرار المحكمة الأخير لم يكن بعيدًا عن الأحداث الأخيرة في بغداد، فأحد أسبابه هو تحرك بعض أنصار التيار الصدري لحصار مقر مجلس القضاء الاعلى بعد أن تلقوا أنباء عن إمكانية صدور حكم من المحكمة الاتحادية ضد حل البرلمان. وبعد انتهاء الاحتجاجات والصراعات كان من الطبيعي في أحسن الأحوال أن تصر هذه المحكمة على قرارها أكثر، وإلا كان هناك احتمال أن تحكم المحكمة ضد حل مجلس النواب وعدم شرعية بعض الأحزاب السياسية. ولهذا السبب، لم يولِ قادة التيار الصدري الكثير من الاهتمام لهذا الأمر بشكل عام سواء في الأيام القريبة من الحكم أو بعده، لأنهم كانوا يعرفون أنه مهما كان حكم المحكمة، فبالنظر إلى الأحداث الأخيرة، لن تكون التيارات السياسية المتحالفة مؤيدة بالكامل للتيار الصدري.
قرار المحكمة الاتحادية جاء بمساعدة الإطار التنسيقي
القرار الأخير لهذه المحكمة، رغم أنه تسبب في بقاء البرلمان الحالي، إلا أنه لا يمكن أن يكون فصلاً بلاغياً سواء من الناحية السياسية أو القانونية (سيتم توضيح سبب ذلك في بقية المقال)، ومع ذلك، فإن هذا القرار نفسه هو أيضًا مساعدة للإطار التنسيقي في طريقه لتشكيل الحكومة، أما حل البرلمان فسيكون وفقًا للآلية القانونية وفق الدستور. والسبب في هذا الموضوع أن آلية حل مجلس النواب وإجراء انتخابات مبكرة هو أن البرلمان يستأنف جلساته أولاً ثم ينتخب الرئيس والحكومة، وبعد ذلك تحدث تغييرات واسعة في تكوين أعضاء المجلس، مثل التحضير للانتخابات وإقرار قانون الموازنة، وبعد ذلك يتم إجراء الانتخابات بين ستة أشهر وسنة بعد ذلك. في كل هذه العمليات، فإن أهم خط أحمر في الإطار التنسيقي هو إجراء انتخابات من قبل حكومة غير حكومة الكاظمي، لأن أعضاء الإطار التنسيقي لا يثقون بهذه الحكومة في إجراء انتخابات شفافة.
لكن يأتي ذلك على عكس الآلية التي اقترحها التيار الصدري لحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، حيث قال إنه يجب حل البرلمان فوراً وبشكل مباشر من قبل المحكمة الاتحادية، واستبدال قانون الأمن الغذائي بقانون الموازنة، وإجراء انتخابات مبكرة من قبل الحكومة الحالية دون تغييرات واسعة في قانون الانتخابات وأعضاء اللجنة المنظمة. والتي قد ذكرها مقتدى الصدر بوضوح في رسالته الأخيرة الصادرة عن حساب المستخدم الخاص بصالح العراقي. لكن ما حدث في الحكم الصادر عن المحكمة الاتحادية هو أن موضوع حل مجلس النواب رُفض عملياً، ونتيجة لذلك لم يعد هناك مانع قانوني لاستئناف الجلسات البرلمانية أمام الإطار، وتبقى فقط عقبة سياسية ألا وهي نفس الاتفاق مع الصدر وكذلك الاتفاق مع الاحزاب الكردية والسنية على استكمال النصاب القانوني للاجتماع ما زال قائما.
تأخر قرار المحكمة بعدم حل مجلس النواب
في الواقع، على الرغم من أن الحكم الصادر عن هذه المحكمة أدى في الواقع إلى عدم حل مجلس النواب، إلا أن هذا الأمر في الواقع لم يحل هذه المشكلة، وقد أثار ذلك انتقادات من بعض القانونيين العراقيين. لتوضيح ذلك، لا بد من القول إن المحكمة الاتحادية في الحقيقة لم تصوت على عدم حل مجلس النواب، لكن قرار المحكمة هو أنها غير مختصة بالنظر في الشكوى المقدمة من الأمين العام للفصيل الصدري "نصار الربيعي" بشأن حل مجلس النواب.
لكن هذه القضية تسببت في انتقاد بعض الفقهاء لأداء المحكمة الفيدرالية، لأنهم يرون أنه إذا كانت نية المحكمة الفيدرالية هي الإعلان عن عدم اختصاصها للنظر في شكوى الصدريين، لكان عليها الإعلان عن هذه القضية منذ زمن اختصاراً للوقت، لا أن تستغرق هذه القضية أسابيع! لأن سماع هذه الدعوى لعدة أسابيع يعني أن المحكمة مختصة بالنظر فيها، وبعد البحث ستقرر قبول الدعوى أو رفضها، ويصدر الحكم بعد أسابيع.
دراسة بنود الحكم الصادرة عن المحكمة الاتحادية
كان قرار المحكمة الفيدرالية بشأن هذه الشكوى في الواقع في ست فقرات، وهنا سنقوم بمراجعة موجزة لبعض هذه الفقرات.
في الفقرة الأولى من هذا الحكم، أثارت المحكمة الاتحادية بالفعل قضية جديدة من وجهة نظر وسائل الإعلام، مفادها أن "أعضاء البرلمان بعد انتخابهم لا يمثلون أنفسهم ولا يمثلون فصائلهم السياسية، لكنهم يمثلون الأمة". إحدى نتائج هذا الجزء من قرار المحكمة يثير احتمال إلغاء استقالة ممثلي التيار الصدري، لأن هذه الاستقالة لم تكن من قبلهم بصفتهم ممثلي الشعب، بل قدمها حسن العذاري، بصفته ممثل رئيس الفصيل ونيابة عنهم للحلبوسي.
في الفقرة الثانية، تلزم هذه المحكمة مجلس النواب بالالتزام بالمواعيد التي حددها الدستور وتعتبر عدم الامتثال انتهاكًا للدستور، ومن بين هذه المواعيد تعيين الرئيس، أي بعد 30 يومًا من أول جلسة للبرلمان ونحن نرى أشهراً قد مرت منذ الجلسة الاولى للبرلمان الحالي ولكن الرئيس لم ينتخب بعد.
في الفقرة الثالثة اعتبرت المحكمة الاتحادية أن عقوبة هذا الانتهاك هي حل مجلس النواب، لكنها تضيف شرطًا جديدًا وتفسيريًا للغاية، وهو "وجود مبررات للحل"، وأخيراً، في الفقرة الرابعة أوكل تنفيذ هذا الحكم الجزائي إلى مجلس النواب ونأت بنفسها عنه، وفي الفقرة الخامسة يقول صراحة أن حل المجلس ليس من صلاحيات هذه المحكمة (رغم إدانة البرلمان بارتكاب المخالفة القانونية)!
كما هو مذكور في بداية المقال، فإن قرار المحكمة ليس ملزمًا قانونياً لأنه تجنب عمليًا تنفيذ الجزاء القانوني، وبدلاً من ذلك، فقد أضاف بندًا غامضًا ويفسر كدعوة لحل البرلمان؛ وبالفعل ترك موضوع الحل للاتفاقات السياسية. من الناحية السياسية، هذا ليس جزاء قانوياً إلا أنه تسبب بجدل في الأجواء السياسية العراقية: "كيف يمكن لمثل هذا البرلمان الذي ارتكب مخالفة للدستور أن يقرر الرئيس والحكومة ويصدر القوانين؟!"
وعلى الرغم من بعض الانتقادات لقرار المحكمة الاتحادية، كما قيل، فإن هذا القرار أزال العقبة القانونية أمام استئناف الجلسات البرلمانية من الإطار التنسيقي، إلا أن هذا القرار تسبب في مزيد من التفسيرات والقراءات والغموض في المجالين السياسي والداخلي. البيئة القانونية للعراق. لهذا السبب استطاعت المؤسسات القانونية والقضائية أن تلعب دوراً في حل المشكلة السياسية الحالية في العراق، وستلعب هذه التطورات السياسية مرة أخرى دوراً أكبر في توضيح مهمة الآلية السياسية العراقية، وفي هذا الصدد، فإن موعد 20 سبتمبر مهم، لأنه من الممكن أن يحاول الإطار التنسيقي عقد جلسة مجلس النواب في هذا التاريخ، كما أن موعد الأول من تشرين الأول (أكتوبر) سيكون مهماً لأنه في هذا التاريخ هناك امكانية اجراء تظاهرات تشرين وسينضم اليها انصار التيار الصدري.