الوقت_ في ظل العدوان المستمر على اليمن الذي كان يوصف بالسعيد يوماً، من قبل قوات التحالف بقيادة السعودية والإمارات خدمة للعدو الصهيوني ولدول الاستكبار العالمي، لقتل أبناء اليمن ومنع اليمنيين من استثمار ثرواتهم الطبيعية والعيش بسلام، بحث قائدان عسكريان بارزان في السعودية والإمارات، مؤخراً، بالرياض "سير العمليات العسكرية في الداخل اليمني"، وذلك خلال استقبال قائد القوات المشتركة السعودية نظيره الإماراتي بالعاصمة السعوديّة عقب اشتباكات في عدة جبهات باليمن، حيث تسعى قوات الاحتلال الإماراتية ومرتزقتها للسيطرة على كل الموانئ في خليج وعدن والبحر الأحمر، إضافة إلى مناجم الذهب، بينما تحاول قوات الاحتلال السعودية ومرتزقتها السيطرة على محافظات عدّة غنيو بالنفط بينها المهرة وشبوة وحضرموت ومأرب ومناطق أخرى، حيث إنّ دول العدوان لم تشبع عقب سبع سنوات من تشريد وقتل ونهب اليمنيين وسرقة الثروات من نفط وذهب وثروات معدنيةـ في وقت يعيش فيه 80 % من الشعب اليمني تحت خط الفقر ويعانون من المجاعة.
اجتماع خطير
في الوقت الذي مزقت الصراعات هذا البلد منذ بدء العدوان السعودي على الشعب اليمني قبل سبع سنوات، بكل ما يحمله من جرائم ومجازر بشعة لم تستثن الأطفال والنساء والشيوخ وكوارث يندى لها جبين الإنسانية وتجاوزات خطيرة للقوانين الدوليّة ما تسبب بأكبر كارثة إنسانيّة وفق المنظمات الدوليّة، اجتمع قائد القوات المشتركة نائب رئيس هيئة الأركان السعودية، الفريق الأول الركن مطلق بن سالم الأزيمع، مع قائد العمليات المشتركة بالإمارات اللواء الركن صالح بن محمد العامري، في الرياض، حيث جرى خلال اللقاء وفقاً لوسائل إعلام البلدين، استعراض سير العمليات العسكرية في الداخل اليمني، والاطلاع على الموقف العام ومختلف التفاصيل الميدانية لمسرح العمليات التي تسببت باستشهاد عدد كبير من اليمنيين.
وعلى الرغم من أنّ أبوظبي وحليفتها الرياض لم تتحدثا عن المؤامرة الجديدة التي تخوضانها ضد اليمن ولم تذكرا تفاصيل أكثر عن المحادثات أو مدة زيارة المسؤول الإماراتي، إلا أنّ العمليات العسكريّة الأخيرة في أكثر من جبهة تكشف حجم خطر الاجتماع الجديد على أرواح اليمنيين، وخاصة أنّ قواتهم المشتركة لم تأل جهداً في تصعيدها المستمر بعد أن أشبعت اليمنيين قتلاً ودماراً، والعالم يشهد أنّها لم تكف عن مجازرها هنا وهناك بحق الأبرياء رغم الظروف العصيبة التي يعيشونها نتيجة العدوان الهمجيّ بقيادة السعودية والإمارات، مع تفاقم الكارثة الإنسانيّة الناتجة عنه والتي أصبحت الأسوأ في القرن الحادي والعشرين، فقد باتت تلك الدولتان وفقاً لهذا الشعب الطيب "أداتين قذرتين" للولايات المتحدة والكيان الصهيونيّ الغاصب.
ويعتبر مراقبون للوضع هناك، أنّ تصعيد جرائم تحالف العدوان السعودي ضد المدنيين في اليمن واحد من أهم العوامل التي تظهر مدى رفض تلك العواصم لإحلال السلام في اليمن، على الرغم من أنّ حركة المقاومة اليمنيّة "أنصار الله" عبرت عن استعدادها لوقف كل عملياتها العسكرية مقابل وقف العدوان في إشارة إلى العمليات الإجراميّة للتحالف العربيّ بقيادة الرياض، ورفع الحصار وانسحاب القوات الأجنبية من الأراضي اليمنيّة، في ظل استمرار العدوان على اليمن منذ 2015 وتصاعد محاولات القوى المشاركة في العدوان لإخضاع الشعب اليمني لما تريده من إملاءات عبر الاستهداف المباشر لكل مكونات اليمن وارتكاب جرائم إنسانيّة تعامت عنها دول غربيّة وعربية ومنظمات دوليّة كبرى مقابل محسوبيات وصفقات ملطخة بدماء اليمنيين.
تحذيرات كثيرة
ويحذر خبراء من تعمد التحالف الإماراتيّ السعوديّة على وجه التحديد من التعتيم الإعلاميّ على الجرائم التي يرتكبها في اليمن، وتحويل اليمن إلى أزمة منسية على الرغم من أنها الأزمة الأسوأ في العالم، وكانت حركة أنصار الله قد شدّدت في وقت سابق على أنّها لن تقف مكتوفة الأيدي في حال استمرت تلك الدول في اعتداءاتها، في وقت تطالب فيه منظمات كثيرة دوليّاً بوقف التعاون الاستخباراتيّ واللوجستيّ مع الرياض، ووقف بيع الأسلحة لها، وممارسة ضغوط على الحكومة السعوديّة لوقف قصفها الجويّ وانهاء حصارها لليمن إضافة إلى استئناف المساعدات الإنسانيّة لليمنيين.
وباعتبار أنّ اليمنيين باتوا أصحاب تجربة طويلة ومريرة مع سياسات تلك الدول التي دمرت بلادهم وتحاول تفكيكها، وإضافة إلى أنّ أنّ العدوان العربيّ والغربيّ على اليمن أظهر ارتكاب أبشع الجرائم بحق اليمنيّين، ناهيك عن أسلوب الحصار الخانق على الشعب اليمنيّ الأعزل الذي يعاني أسوأ ظروف صحيّة واقتصاديّة، لم يؤمن أبناء اليمن بهدنة القتلة وأكّدوا على لسان أكثر من مسؤول في الحركة أنّ الأسلحة التي خيض بها العدوان "نعرفها ونفهمها ولدينا ما يواجهها"، مشدّدين على أنّ لدى القوات المسلحة اليمنية "أسلحة الردع التي بإمكانها أن تحدد ميزان الردع والانتصار قريباً"، وهذا أيضاً ما قاله قائد حركة "أنصار الله" عبد الملك الحوثي الذي أكّد، منذ مدّة، أنه يجب "البقاء على درجة عالية من الجهوزية، والانتباه لكل مخططات الأعداء" في ظل الهدنة القائمة، وهذا ما حدث بالفعل.
وبالتالي، لجأت قوات العدوان السعوديّ - الإماراتيّ إلى خدعة طلب وقف إطلاق النار لتعزيز وضعها الداخلي ولتحكم سيطرتها على مناطق النفط بعد ان تعاظمت قوة مرتزقتها، ولتسرح وتمرح أكثر في سلب ثروات اليمن والتي تقدر ببلايين الدولارات في وقت تفرض فيه حصارًا جائرًا على كل المنافذ اليمنية البرية والبحرية والجوية ولا تزال ترتكب جرائم يندى لها جبين الإنسانيّة بالرغم من بنود اتفاق وقف إطلاق الذي التي يُفترض أن ينهي العمليات العسكريّة ويخفف من الحصار.
ويشير اليمنيون إلى أنّ وجود قوات الإحتلال في بلادهم تحت أي مسمى يريد فقط تحويل اليمن إلى "فلسطين ثانية" تحت ستار ما يسمى "التحالف العربيّ" خدمة لأجندة الصهاينة والأمريكيين، وإن تجربة وقف إطلاق النار مع الاحتلالين السعوديّ والإماراتي أكدت وبالبراهين التي ذُكرت، أنّ الاحتلال مهما تغير اسمه وشكله فإنه لا يلتزم بالعهود والمواثيق كما يقول أبناء اليمن على مواقع التواصل الاجتماعيّ، بل ينتهز فترة الهدوء لتعزيز مواقعه وتثبيتها بما يخدم مصالح واستراتيجية احتلاله، وقد أثبتت تجارب السنوات السبع العجاف التي تسببت فيها أبو ظبي والرياض في اليمن أنّ العدو لا يمكن أن يخرج إلا بالسلاح والقوة، وإنّ تلك العواصم لا تفهم إلا "لغة الصواريخ" ودفاع المقاومين في اليمن عن أراضيهم التي تنعم بالخير والسلام مقابل إحلال الجحيم والموت والدمار على أراضي الغير، وبالتالي فإن التاريخ اليمني تحدث بإسهاب كبير عن أنّ الشعب اليمني قاوم الغزاة والمستعمرين بكل ما استطاع من قوّة بسبب موقعه الإستراتيجي على مر الزمان، حتى أصبح اليمن يعرف بمقبرة الغزاة، وهذا الدرس لم تتعلمه بعض الدول حتى اللحظة رغم تجربتها الطويلة مع اليمنيين.
نتيجة لكل ذلك، لا شك أنّ اليمنيين باتوا أصحاب تجربة سياسيّة أقوى بكثير عقب الحرب التي خاضوها على كل الجبهات والمحافل، وإنّ معادلات الحرب بأكملها باتت بين أيديهم ضد التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات ومن معهما، لذلك فالحرب مستمرة حتى التحرير، وإذا رغبوا بالهدنة لابدّ أن تُطبق الشروط التي وضعوها لحماية البلاد وشعبها من غطرسة وطمع ودمويّة بعض الدول التي عاشت على دماء المستضعفين، بما من شأنه أن يعدل حسابات تلك الدول تجاه جرائمها الشنيعة بحق الأبرياء، حيث تبدو جماعة "أنصار الله" جادة في حربها التحريريّة وفي رسائلها وشروطها فهي التي أسقطت نظريات ومشاريع محمد بن زايد ومحمد بن سلمان التخريبيّة، وخاصة أنّ اليمن يعيش حرباً وحشيّة، وحصاراً خانقاً، وتدميراً ممنهجاً منذ سنوات، ولا يمكن لأيّ لغة في العالم أن توصف المشهد هناك، حيث إنّ الآلة العسكريّة لدول العدوان قصفت بنيته التحتية بشكل شبه كامل، واليوم يعول الجميع على شجاعة ومقاومة اليمنيين التي تستند إلى أخلاقهم الإنسانيّة والعربيّة والإسلاميّة في كل الميادين، لطرد الغزاة الطامعين من هذا التراب الطاهر.