الوقت- بينما بذلت سلطات النظام الصهيوني كل جهودها في الأشهر الأخيرة لإقناع الدول العربية بالسماح لطائرات هذا النظام بالمرور في أجوائها، إلا أن هذه الجهود باءت بالفشل. وفي هذا الصدد، أفادت وسائل الإعلام الصهيونية بأن عمان لم تسمح لطائرات هذا النظام بالمرور في أجوائها. لذلك، فإن هذه المعارضة تعني أن فتح المجال الجوي السعودي أمام الطائرات الإسرائيلية لا يمكن استخدامه لتقصير مسافة الطيران إلى وجهات شرق آسيا. حيث كشفت صحيفة "إسرائيل هيوم" أن سلطنة عُمان رفضت طلبًا لسلطات الاحتلال الصهيوني، بفتح أجوائها أمام الرحلات الجوية لطيران العدو الصهيوني.
وعزت الصحيفة الصهيونية رفض سلطنة عُمان للطلب الصهيوني إلى ما وصفته بـ"ضغوط مكثفة" زعمت أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تمارسها على دول الخليج الفارسي، ومن بينها السلطنة. وأشارت الصحيفة إلى أن المسؤولين في وزارة الخارجية الصهيونية أكّدوا أنه تمّ التوجه عبر قنوات تقنية ومهنية إلى عُمان في موضوع الرحلات الجوية. موضحة أن "معنى هذا الأمر حتى الساعة هو أنّه من غير الممكن الاستفادة من فتح المجال الجوي السعودي أمام الطائرات "الإسرائيلية" من أجل تقصير المسافة في الطيران إلى الشرق الأقصى".
ولفتت الصحيفة الصهيونية إلى أن السلطات السعودية سبق أن منحت "كل الموافقات المطلوبة للشركات الإسرائيلية للمرور فوق أراضيها"، وقالت إن فرضية العمل في "إسرائيل" كانت أن فتح المجال الجوي العماني مسألة شكلية فقط، على ضوء الواقع وأن بين "إسرائيل" وعُمان علاقات طبيعية، حتى لو أنها غير رسمية".
ويأتي تحرك عمان فيما ادعى الرئيس التنفيذي لشركة طيران "العال" الصهيونية أنه في الأيام القليلة المقبلة ستفتح عمان أجواءها أمام طائرات هذه الشركة على غرار السعودية. وحسب هذا المسؤول الصهيوني، على الرغم من السماح لهذه الشركة بالتحليق في سماء المملكة العربية السعودية، من أجل تقصير الرحلات إلى وجهات شرق آسيا، إلا أن الطائرات الإسرائيلية تحتاج إلى التحليق في سماء عمان أيضًا. هذا بينما أعلنت المملكة العربية السعودية قبل شهرين أنها ستفتح سماءها أمام الطائرات الإسرائيلية كمقدمة لتطبيع العلاقات في المستقبل، لكن بما أن الطائرات الصهيونية يجب أن تمر عبر الأجواء العمانية للسفر إلى الدول الآسيوية، فإن تحرك مسقط يمكنه أن يجعل طريق الصهاينة أطول.
وكان فتح سماء السعودية لتل أبيب إحدى نتائج زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الأخيرة إلى المنطقة. لذلك، إذا سُمح للطائرات الصهيونية بالمرور في سماء عمان، فسيتم تقصير رحلاتها إلى دول مثل الهند وتايلاند بمقدار ساعة ونصف الساعة إلى ساعتين. إضافة إلى وقت الرحلة، يمكن لهذه الشركات أيضًا توفير الوقود. حاليًا، تطير الشركات الإسرائيلية جنوبًا فوق البحر الأحمر لهذه الوجهات وبعد تجاوز اليمن، تصل إلى المحيط الهندي وبقية آسيا.
اصطدام سهم تل أبيب بالحجر
كان التوسع في النقل الجوي للصهاينة أحد الأهداف الرئيسية للتطبيع مع العرب حتى يتمكنوا من تسهيل توسيع التجارة والتواصل مع دول شرق آسيا، لكن رفض عمان منح الإذن للطائرات الصهيونية هو في الواقع السبب الذي أدى إلى فقدان الأمل في تقصير المسافة للطيران الصهيوني إلى الشرق. ولقد أثر ذلك على آسيا، كما أن عدم سماح سلطنة عمان باستخدام مجالها الجوي للصهاينة يبطل مساعي السعودية التي كانت تهدف إلى إظهار خدمتها الجيدة لسلطات تل أبيب من خلال فتح مجالها الجوي أمام الطائرات الصهيونية. بعبارة أخرى، يمكن لعمل عمان أن يعطل مسار التطبيع للسعوديين والنظام الصهيوني ويطيل عملية التضامن بين الجانبين.
ونظرا لوقوع عمان على طريق الاتصال بين النظام الصهيوني وشرق آسيا، فإن قادة تل أبيب يحاولون منذ سنوات جذب عمان لبناء علاقات معهم، وعلى الرغم من اللقاءات الثنائية بين مسؤولي الجانبين، لم يوافق العمانيون بعد على إقامة علاقات مع إسرائيل وتعتبر السلطات العُمانية أي تطبيع للعلاقات مع النظام الصهيوني طعنة في الظهر لهدف تحرير القدس والفلسطينيين، واعتبارًا لحساسية الرأي العام في العالم العربي تجاه هذه القضية، فهي ترفض التفاوض حول هذه القضية في ذلك. لقد حاولت السعودية في الأشهر الأخيرة إعلان التطبيع مع تل أبيب بأي طريقة ممكنة، وكانت تتطلع إلى وساطة جو بايدن، لكن مسار التطورات في الشرق الأوسط لم يسر وفق رغبة السعوديين، ولهذا السبب تم استبعاد هذا السيناريو في الوقت الحالي.
من ناحية أخرى، زعمت بعض وسائل الإعلام الصهيونية أن عمان لم تسمح لإسرائيل باستخدام مجالها الجوي بضغط من إيران. هذا بينما تتصرف عمان بشكل مستقل في سياستها الخارجية وتحدد مصالحها بناءً على احتياجاتها الوطنية، ولم تقدم إيران أي طلبات بهذا الصدد حتى الآن. إضافة إلى حقيقة أن النظام الصهيوني ينوي تقصير طرقه إلى شرق وجنوب آسيا باستخدام المجال الجوي لدول مثل عمان، فإنه يسعى أيضًا لتحقيق أهداف أخرى في هذه الأثناء. ومع فتح الأجواء العربية لطائرات هذا النظام، يريد الصهاينة التزود بالوقود في هذه الدول من حين لآخر وتقديم مقدمة لتفاعل المواطنين والسلطات الصهيونية مع الدول العربية وزيادة نفوذهم في المنطقة بمثل هذه الاتصالات. نفس الشيء الذي فعلته السعودية في الأشهر الأخيرة وخاصة أثناء مناسك الحج، وأصدرت تأشيرات لبعض المواطنين الإسرائيليين للسير بسهولة ودون أي إزعاج في شوارع مكة والمدينة، وهذا المشروع يمكن أن يتحقق أيضًا في عمان، ولكن العمانيون رفضوا هذا البرنامج وهذا الامر.
ويعتبر إرسال مواطني إسرائيل كسائحين إلى الدول العربية خطوة تل أبيب الأولى لدخول الدول العربية، ولقد انطلقت سياسة التطبيع الإماراتية والبحرينية من هذا المسار، وانتهت الزيارات السرية للمسؤولين والمواطنين من الجانبين أخيرًا بالتطبيع الرسمي. ومثلما تم الإعلان عن تطبيع العلاقات العربية مع الكيان الصهيوني على الملأ، تم نشر العديد من التقارير حول الرحلات العديدة للمسؤولين الصهاينة إلى الإمارات والبحرين في السنوات الماضية وأظهرت أن عملية التطبيع لم تحدث بين عشية وضحاها وانما خلال عملية طويلة الأمد. وعلى الرغم من الجهود المكثفة التي يبذلها النظام الصهيوني لإدخال الدول العربية إلى معسكره وعزل إيران، إلا أن هذه الجهود باءت بالفشل، وأدركت دول المنطقة النوايا الشريرة للصهاينة ولهذا فهي غير مستعدة للدخول في لعبة تل أبيب الخطيرة.