الوقت- بحث معهد أبحاث "اراء استراتيجية" التابع لمركز الفكر الإنجليزي "المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية" في مقال بعنوان "العواقب الإقليمية لمقتل سليماني" نُشر في العدد الثاني من المجلد 26 من هذه المجلة، الأحداث الحالية والأحداث المرتبطة بها، وخاصة ما حدث مع الجنرال قاسم سليماني في المنطقة، وفي العراق، كما شرح السياسات التي أنتهجتها الولايات المتحدة تجاه إيران، بما في ذلك سياسة "الضغط الأقصى" التي قادت في النهاية ترامب إلى مهاجمة قاسم سليماني.
يشرح كاتب المقال كيف بدأت قصة اغتيال الجنرال سليماني: بعد الهجوم الأمريكي على منشآت "كتائب حزب الله" في العراق في ديسمبر 2019، اندلعت احتجاجات ضد الولايات المتحدة في العراق، ما أدى إلى تجمع أمام السفارة الأمريكية في هذا البلد، كانت أمريكا خائفة للغاية من سفارتها بسبب التجربة المريرة للاستيلاء على عش التجسس عام 1979 وفشل حكومة "جيمي كارتر" بعد ذلك.
وسط ذلك، حمّل ترامب إيران مسؤولية الأحداث في العراق وهدد هذا البلد بدفع "ثمن باهظ". في هذا السياق، قرر ترامب اغتيال الجنرال سليماني. بالطبع، كانت خطة اغتيال الجنرال سليماني موجودة في البيت الأبيض منذ فترة طويلة، وخلال إدارتي جورج بوش وباراك أوباما كانت موجودة على مكتبيهما، لكن لم يكن لدى أي منهما الشجاعة لتحقيق ذلك؛ حتى قرر دونالد ترامب تحمل المسؤولية عن هذا العمل العدواني.
ويعتقد كاتب المقال أن هذا القرار كان متسرعًا ومتسلطًا لدرجة أنه لم يتم التفكير في عواقبه القانونية والدولية. ادعاء الولايات المتحدة بأن عملها العدائي كان شكلاً من أشكال "الدفاع عن النفس" ضد الهجمات المحتملة لإيران والعراق لم يقبله خبراء الأمم المتحدة ووسائل الإعلام. من ناحية أخرى، كان هذا العمل الأمريكي لا يمكن الدفاع عنه لدرجة أن حتى حلفاءهم في المنطقة حاولوا النأي بأنفسهم عن اتهام الولايات المتحدة بالتعاون مع الولايات المتحدة وأكدوا لإيران أنه لا دور لهم في هذه الكارثة.
خصصت "آراء استراتيجية" جزءًا من مقالها لوصف شخصية الجنرال سليماني وموقعه السياسي في إيران والمنطقة، ووصفته بحق بأنه "مستشار أمين لآية الله السيد علي خامنئي". الشهيد سليماني هو من أيد الاحتجاجات المناهضة لأمريكا في العراق. وساعد حزب الله اللبناني، وخاصة في الحرب مع إسرائيل عام 2006. وأيضاً خلال هجوم داعش على سوريا، ساعد الرئيس السوري بشار الأسد في السيطرة على الجماعات الإرهابیة.
وقد وصف آية الله خامنئي الجنرال سليماني بـ "الشهيد الحي" في مناسبات مختلفة. ويفسر "آراء استراتيجية" تفسيره بالقول إن مهمة الحرس الثوري وفيلق القدس ليست مشروطة بوجود الجنرال سليماني. بعبارة أخرى، فإن خلفاءه في الحرس الثوري الإيراني قادرون أيضاً على مواصلة طريقه. لكن بعد ذلك، جعل اغتياله الخلافات التي كانت قائمة بين بعض المسؤولين وقادة قوات الجمهورية الإسلامية الإيرانية تتنحى جانباً واتحد الجميع ضد أمريكا.
ولهذا يبدأ المقال بالإشارة إلى أن "إيران حققت هدفها". على الرغم من أن إيران فقدت قوة فريدة لعبت دورًا مهمًا في تعزيز مصالح البلاد، إلا أنها لم تقم بتوحيد قواتها ضد الولايات المتحدة، بل قامت أيضًا بالتحضيرات لانسحاب الولايات المتحدة من العراق.
اعتقدت أمريكا أنه من خلال اغتيال الجنرال سليماني، يمكن أن تكتسب نفوذاً لإجبار إيران على تنفيذ سياساتها؛ بعد اغتيال الجنرال سليماني، قال بعض المسؤولين في إدارة ترامب: "الآن يمكننا التفاوض مع إيران". لكنهم لم يكونوا على علم بحقيقة أنهم باغتيال سليماني انتهكوا شروط وجودهم في العراق. لذلك فإن ما اعتقده الأمريكيون أنه رافعة ضغط على إيران تحولت إلى رافعة ضغط عليهم. الآن أمريكا هي التي تخاف من إيران، لأنه حسب شمخاني، سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي، يمكن لإيران أن تهاجم مواقع أمريكية متعددة في المنطقة، بما في ذلك القوات الأمريكية في العراق وسوريا، أو السفن والمنشآت الأمريكية في الخليج الفارسي.
في النهاية المقال التحليلي "آراء استراتيجية" يعتبر إيران المنتصرة في هذه الحرب، رغم أن إيران تشعر أنها خسرت قوة فريدة لكنه اغتيال الجنرال سليماني استطاع أن يقود إيران إلى أحد أهم أهدافها وهو انسحاب القوات العسكرية الأمريكية من العراق. من ناحية أخرى، استطاعت إيران ترهيب أمريكا وحلفائها في المنطقة من خلال الوعد بالانتقام لدماء الجنرال سليماني واتخاذ موقع القوة.