الوقت- وفق منظمة مبادرة الحرية أصدرت محكمة سعودية حكما تعسفياً بالسجن لمدة 34 عاما، بحق الناشطة و الأكاديمية في مجال حقوق المرأة "سلمى الشهاب" يتلوها حظر سفرٍ لمدة 34 عامًا؛ بسبب تغريدات نشرتها تطالب بالحقوق الأساسية في البلاد. وقالت المنظمة: إنّ هذا الحكم هو أطول عقوبة سَجن تَصدر بحقّ مدافِعة سعودية عن حقوق المرأة ، ما يُمثل تصعيدًا في حملة محمد بن سلمان على المعارضين.
يذكر أنه وحسب منظمة العفو الدولية فإن السعودية تحتجز لفترة طويلة المدافعين من رجال ونساء عن حقوق الإنسان، كما تحتجز عددا من النشطاء والناشطات السلميين تعسفيًا ويمنعون من السفر.
وتواجه النساء عموما خلال السنوات الأخيرة حملة اعتقالات واسعة في السعودية. وحسب منظمة هيومن رايتس ووتش، تقبع العديد من الناشطات في السجون دون محاكمة ومن ضمنهن "لجين الهذلول، وعزيزة اليوسف، وإيمان النفجان، ونوف عبد العزيز، ومياء الزهراني، وهتون الفاسي، وسمر بدوي، ونسيمة السادة، وأمل الحربي".
هؤلاء الناشطات يتم اتهامهن أحيانا "بالتخابر مع العدو" أو "التآمر على الدولة"، وهي كلها عبارة عن اتهامات فضفاضة ولا يتم إثباتها قضائيا. بل تستعملها "هيئة التحقيق والادعاء العام" لإسكات أصوات المعارضين و كل من يغرد خارج السرب.
احتجاز الناشطة سلمى الشهاب
أشارت منظمة مبادرة الحرية في بيان لها قامت بنشره على موقعها الرسمي على الانترنت إلى أن سلطات آل سعود قامت في يناير من عام 2021 باحتجاز والدة لطفلين يبلغان من العمر (4 و 6 سنوات) خلال قضائها إجازتها في المملكة العربية السعودية و ذلك قبل أيام من التخطيط للعودة إلى محل إقامتها في المملكة المتحدة حيث كانت طالبة لنيل درجة الدكتوراة في جامعة المملكة المتحدة. و من الجدير بالذكر أن سلمى الشهاب تنحدر من الأقلية الشيعية التي طالما واجه أبناؤها التمييز و التفرقة العنصرية في المملكة العربية المتحدة.
وكانت الشهاب تغرد بشكل مستمر دفاعاً عن القضية الفلسطينية، وحقوق النساء في السعودية، إضافة إلى مطالبتها المتكررة بالإفراج عن معتقلي الرأي و استشهد الحكم الصادر بحق سلمى الشهابي بحسابها على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث كانت داعمة للناشطة في مجال حقوق المرأة ( لجين الهذلول) ودعت إلى إطلاق سراحها. واللافت أن الحكم الأولي ضد الشهاب كان بالسجن ست سنوات، بيد أن محكمة الاستئناف قررت رفع الحكم إلى 34 سنة.
و تعقيباً على الخبر قالت الدكتورة بيثاني الحيدري مديرة الحالة السعودية في منظمة مبادرة الحرية: "لطالما تفاخرت المملكة العربية السعودية للعالم بأنها تعمل على تحسين حقوق المرأة وإحداث إصلاح قانوني ، ولكن لا شك في هذه الجملة المقيتة بأن الوضع يزداد سوءاً. ليس من المستغرَب للأسف أن يشعر محمد بن سلمان بالسلطة أكثر من أيِّ وقت مضى في تولِّي مثل هذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. دون أي خطوات حقيقية نحو المساءلة ، يجب أن تشعر رحلة بايدن إلى جدة واحتضان المجتمع الدولي بأنها ضوء أخضر. يجب على السلطات السعودية الإفراج عن سلمى والتأكد من أن أطفالها الصغار لا يكبرون دون أم لمجرد أنها طالبت بالحرية لحقوق الإنسان.”
و طالبت المنظمة المجتمع الدولي من اجل العمل على الافراج عن الشهاب و محاسبة السعودية على انتهاكاتها لحقوق الانسان و اختتمت بيانها بالقول " ندعو السلطات السعودية إلى إطلاق سراح سلمى ، والسماح لها بالعودة لرعاية الأطفال، وإكمال دراستها بأمان في المملكة المتحدة. كما ندعو المجتمع الدولي إلى رفع قضيتها ومواصلة الضغط على المملكة العربية السعودية من أجل إصلاح حقيقي في مجال حقوق المرأة. التغريد تضامناً مع نشطاء حقوق المرأة ليس جريمة، ويجب محاسبة السعودية”.
و في هذا السياق أطلق مغردون وناشطون وسم الحرية لسلمى الشهاب تضامناً مع الناشطة الحقوقية
حملة اعتقالات و التهمة كتابة تغريدات
في السياق ذاته أفادت مصادر حقوقية مؤخرا بأن قوات الامن السعودي قامت بشن حملة اعتقالات واسعة بحق عددد من المغردين.
من جهته قال مركز الخليج لحقوق الإنسان إن السعودية تستخدم أساليب مختلفة لاعتقال ومضايقة نشطاء الإنترنت أو إسكات الحوار عبره، لوقف أي حالة معارضة لها. وذكر المركز في بيان له أن نشطاء الرأي باتوا عرضة لخطر الاختراق في السعودية، وإمكانية التعرض لخطر السجن والموت، مشيرا إلى أن السعودية تلجأ لاستخدام الذباب الإلكتروني، والمراقبة، وهو ما يثير قلقًا.
يذكر أن المديرية العامة للمباحث دشنت بأوامر ولي العهد محمد بن سلمان لجان استخبارات إلكترونية مؤلفة من أعداد كبيرة من الذباب الإلكتروني. وتستخدم هذه الأعداد حسابات تويتر لمهاجمة الأصوات المستقلة الداعية للإصلاح، والمطالبة باعتقال مستخدمي تويتر المعروفين ومن جرت مراقبتهم. وطالب المركز شركات وسائل التواصل وتحديدًا تويتر وفيسبوك، برفع مستوى الحماية لنشطاء الإنترنت الذين يروجون لحقوق الإنسان في المناطق المضطربة. ودعا إلى وضع صمامات أمان للتأكد من أمان حسابات النشطاء، وسرية معلوماتهم الشخصية بأنه لا يمكن لأي شخص الوصول إليها. وناشد السعودية لإطلاق سراح نشطاء الإنترنت، وأبرزهم عبد الرحمن السدحان، المسجون في انتهاكٍ مباشر لحقه في حرية التعبير. وبقيت الإمارات والسعودية على سلم أسوأ عشر دول عالميًا من حيث حرية استخدام الإنترنت والوصول للمعلومات عبر الإنترنت، وفق منظمة “فريدوم هاوس” التي تعنى بمراقبة حرية الرأي والتعبير في العالم.
سجل آل سعود الأسود
لم تكن قضايا لجين الهذول أو سلمى الشهاب قضايا استثنائية أو غير مألوفة في السجل السعودي الحافل بانتهاك حقوق الناشطات المدافعات عن حقوق الانسان في السعودي، فالسجون السعودية تضج بالمعتقلات الناشطات في مجال حقوق الانسان و كانت السلطات السعودية في عام 2018 قد نفذت حكم الاعدام ضربا بالسيف في منطقة القطيف ضد الناشطة السياسية اسراء الغمغام البالغة من العمر 29 عاما لأنها انتقدت نظام الحكم السعودي في حين لم تسمع لديمقراطيات الغرب الرأسمالية أي صوت تنديداً لهذه الجريمة التي نفذتها سلطات ال سعود بسبب دفاع الغمغام عن المعتقلين ومطالبتها بالحقوق المدنية ومشاركتها في تظاهرات سلمية وتعبيرها عن رأيها في شبكات التواصل”
فيما اعتبرت حينها مديرة برنامج الشرق الأوسط في منظمة العفو الدولية سماح حديد أن إعدام إسراء الغمغام سيشكل تهديدا لناشطين آخرين بسبب عملهم في مجال حقوق الإنسان وتظاهرهم السلمي".
وإن الهدف من محاكمة الغمغام هو "إسكات المعارضة في المنطقة الشرقية بالمملكة"، مضيفة إن السعودية "هي أكثر بلدان العالم تنفيذا لحكم الإعدام"، وإن "على العالم عدم تجاهل سجلها السيئ في مجال حقوق الإنسان، ووضع حد لتلك المحاكمات السياسية والممارسات المخالفة للقانون الدولي".
ورغمَ سياسة القمع والتعتيم تتسرب بعض القصص بتفاصيل مرعبة تبدو أنها جزء من سياقٍ سعوديٍ طبيعي ومن يوميات عادية في العلاقة بين الأسرةِ الحاكمة وكلِ من يعارضُها إنْ كانَ داخلَ البلاد أم خارجَها. ابرزُ هذه القصص وأكثرُها غموضاً تحمل اسم ناصر السعيد صِحفي وكاتب شجاع سعودي من مدينة حائل تم تعذيبُهُ ورمي جثته من الطائرة لكتابتهِ الكتابَ الشهير 'تاريخ آل سعود بعد فرارِه من البلاد اثرَ مضايقاتٍ تعرضَ لها بعد مطالبتهِ بتحسينِ الظروف المعيشية لأهالي مدينتهِ.
القصةُ الأخرى التي تصدّرتْ عناوينَ الاخبار لأشهر كانتْ قتلَ الصِحفي جمال خاشقجي داخلَ قنصليةِ بلادِه في اسطنبول قبلَ نحوِ ثلاثةِ اعوام، وتقطيعَ أوصالهِ، وإخفاءَ جثتهِ حتى يومِنا هذا. جريمةٌ لم يمضِ عليها عامٌ واحد إضافة إلى جريمةٌ غامضة أخرى كانَ ضحيتَها الحارسُ الشخصي للملك سلمان، عبدالعزيز الفغم، لكونه لا يحظى بثقةِ محمد بن سلمان الذي يسعى لإبعادِه أو تغييبهِ. الفضيحةُ الاخرى التي دوّت عالمياً تهديد الناشطِ الحقوقي السعودي عمر بن عبدالعزيز الذي يعيش في المنفى بكندا والذي هددتْهُ الرياض بأنه سيكون هدفاً لها كخاشقجي، ومارستْ ضغوطاً عليه لتسليمِ نفسهِ كاعتقالِ اثنين من إخوتهِ وعددٍ من أصدقائهِ، ولا تخفى على أحدٍ جريمةُ اعدام رجل الدين الشيعي نمر باقر النمر على خلفيةِ آرائهِ ومواقفهِ السياسية عامَ 2016، فيما لم يتمَّ تسليمُ جثمانهِ الى عائلتهِ، ومن ثم إعدامُ اكثرَ من ثمانين من نشطاء الرأي قبل أشهر قليلة. وفي تاريخ هذا النظام منذُ دولته الاولى والثانية والثالثة وحتى اليوم، أكثرُ من مليوني عربيٍ ومسلم قُتلوا في مجازرَ مدونة بالتفصيل في كتابِ التاريخ وموثقة عبرَ صفحاتِ الانترنت ارتُكبت بحقِ القبائل والدولِ المجاورة للحجاز. وصولاً الى ما يرتكبُه اليومَ هذا النظام من مجازرَ في اليمن وسوريا والعراق وليبيا والسودان وغيرِها.