الوقت_ أعادت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” مؤخراً ملف الأسرى إلى الواجهة من جديد في ظل الانتهاكات التي يقوم بها العدو الصهيونيّ العنصريّ بحق القانون الدوليّ وغضه الطرف عن تنفيذ مطالب الفلسطينيين المحقة وبالأخص فيما يتعلق بقضيّة الأسرى التي دائماً ما تربطها تل أبيب بقضايا أخرى لتعقد المسألة وتطيل من أمد حلها، وإنّ حماس تسعى منذ أيام عبر الكشف عن معلومات تتعلق بالأسرى الصهاينة في غزة إلى الضغط على الرأي العام الإسرائيلي بشأن ملف الجنود الإسرائيليين الأسرى لديها لإنجاز صفقة تبادل مقابل أسرى فلسطينيين.
بالتزامن مع استعداد حماس لصفقة تبادل أسرى مع العدو الإسرائيليّ الغاصب، يؤكّد المتحدث باسم الحركة فوزي برهوم في بيان أنّ ما ينشره الجناح العسكري للحركة كتائب القسام يُعد بمثابة خطاب موجه أولا إلى الجمهور الإسرائيليّ بأن كل ما تسوقه لهم حكومتهم حول مصير الجنود مجرد أكاذيب للتغطية على ضعفها وفشلها في إدارة هذا الملف، فيما يعلم الجميع حجم المعاناة التي يعيشها الأسرى الفلسطينيون داخل سجون العدو بدءاً من ظروف الاعتقال وليس انتهاءً عند مسألة انعدام البيئة الصحية داخل الزنازين المكتظة بالأسرى، إضافة إلى الانتهاكات الجسيمة بحقهم وسلوك الاحتلال الساديّ وتعامله اللاإنسانيّ مع المضربين عن الطعام.
"استراتيجية كتائب القسام تعكس قدرتها على اللعب بالأوراق المهمة، وإحداث تحول استراتيجيّ في هذا الملف بإعادة الكرة مجدداً إلى مربع الحكومة الإسرائيلية كي تتحمل مسؤولية وتبعات وأثمان إبرام أيّ صفقة جديدة لتبادل الأسرى"، هذا ما لب ما أرادت حماس إيصاله بعد تمسكها لأشهر طويلة برفض ربط القضايا ببعضها، لمنع فرض الإرادة الصهيونيّة الخبيثة على هذا الملف المهم والحساس بعد عرقلة إسرائيليّة طويلة لهذا الملف ومساومات فاشلة في الغذاء وإعادة الإعمار.
وعقب لغة التهديد والوعيد الإسرائيلية التي استمرت لأشهر طويلة في هذه القضية، والتي لم تنفعها مع المقاومة والفلسطينيين إضافة إلى المساعي الصهيونيّة الحثيثة لتدمير حياتهم وعزلهم عن أراضي بلادهم المحتلة، ناهيك عن المتغيرات العسكريّة الأخيرة، التي لقّنت تل أبيب درساً لن تنساه، ودفعت بها لتغيير مواقفها نسبيّاً تجاه تلك القضيّة وفضحتها أمام مجتمعها المفتت، كشفت كتائب القسام مؤخراً بأنّ موقعاً كان يحتجز أحد الإسرائيليين الأسرى فيه تعرض إلى قصف إسرائيلي خلال موجة التوتر الأخيرة مع "إسرائيل" في أيار/مايو من العام الماضي، وقال الناطق باسم الكتائب الملقب "أبو عبيدة" في بيان مقتضب أنّ القصف الإسرائيليّ أدى إلى مقتل عنصر من وحدة الظل التابعة لها والمكلفة بحماية الأسرى الإسرائيليين وإصابة 3 آخرين.
وفي الوقت الذي لم تكشف فيه حركة حماس عن أيّ تفاصيل بشأن مصير الجنديّ الإسرائيليّ الذي كان تحت حماية عناصر القسام خلال استهدافهم، يؤكّد الفلسطينيون أنّ تل أبيب وضعت العصي في عجلات تلك القضية، إضافة إلى عقبات وشروط طويلة ومعقدة شلت إتمام أي صفقة أو حتى التوصل لأرضيّة مشتركة تبنى عليها مفاوضات جادة وحقيقيّة، باعتبار أنّ حصول صفقة لتبادل الأسرى سيؤدي إلى حلحلة في باقي الملفات، حيث إنّ حكومة العدو العنصريّ قررت تجميد ملف الأسرى كي لا تدفع ثمن تنازلاتها أمام مطالب حماس وفصائل المقاومة، فيما وعد الوسطاء أكثر من مرة بتحريك هذا الملف عبر إجراء اتصالات ولقاءات من أجل معرفة الشروط الفلسطينيّة ووضعها على طاولة النقاش، لكن دون جدوى كما تقول الوقائع.
ومن الجدير بالذكر أنّ كتائب القسام عرضت مشاهد مصورة لأسير إسرائيلي لديها في غزة في سابقة هي الأولى من نوعها في 28 حزيران/يونيو الماضي، وأورد الموقع الإلكتروني لكتائب القسام حينها مقطع فيديو مدته 40 ثانية جاء فيه “مشاهد للجندي في جيش الاحتلال هشام السيد في أسره لدى الكتائب” وظهر فيه يستلقي على سرير وموصول بجهاز التنفس الصناعي، وبجانبه بطاقة هويته الصهيونية.
وردت تل أبيب بتحميل حماس المسؤولة عن أوضاع الأسرى المدنيين، زاعمة أنّها ستواصل جهودها بوساطة مصرية لإعادة الأسرى والمفقودين الإسرائيليين في غزة، على الرغم من أنّ السياسة الإسرائيليّة كانت ولا تزال تدور حول شرط الرضوخ للإملاءات وهذا ما ترفضه حماس بشكل قاطع، فيما وصلت الكرة مراراً لملعب العدو الصهيونيّ المستبد لكنّه لم يحرك ساكناً في تلك القضيّة المهمة، وتدرك حماس جيداً أنّ العدو لم يكن في يوم من الأيام واضحاً في نواياه، وخاصة فيما يتعلق بملف الأسرى الذي يعتبر بالنسبة للشعب الفلسطينيّ أهم بكثير من الغذاء وإعادة الإعمار، والصهاينة يريدون وضع الفلسطينيين في مأزق كبير وحرمانهم من أبسط حقوقهم، رغم أنّهم ببساطة يستطيعون حل تلك المسألة من خلال الإفراج عن مئات من الأسرى الفلسطينيين الأبرياء، حيث تعج سجون العدو بآلاف الأسرى الفلسطينيين الذين يعيشون أسوأ وضع إنسانيّ.
وتحتجز حركة حماس 4 إسرائيليين في غزة، هم الجنديان شاؤول آرون وهدار جولدن وأسرتهما الكتائب في الحرب الإسرائيليّة على القطاع التي اندلعت صيف 2014 (تقول حكومة العدو إنهما ليسا مقتولين) وإبراهام منغستو وهاشم بدوي السيد وهما مواطنان يحملان الجنسية الإسرائيلية، الأول إثيوبي والثاني عربي دخلا غزة بعد عام 2014 في فترتين مختلفتين في ظروف مجهولة.