الوقت- سيزور الرئيس الأمريكي جو بايدن السعودية والأراضي المحتلة في الأسابيع المقبلة، وهي زيارة أُعلن في البداية أن هدفها هو الجمع بين العرب والکيان الإسرائيلي في إطار تحالف إقليمي مناهض لإيران.
وعلى الرغم من أن الدول العربية والکيان الصهيوني كانا يؤيدان في البداية تشكيل مثل هذا التحالف، إلا أنه كانت هناك في الأيام الأخيرة انقسامات بين أعضاء هذا التحالف، الأمر الذي أدخل تنفيذ مثل هذه الخطة في هالة من الغموض وعدم اليقين.
في الأيام الأخيرة، أعلنت مصر والأردن رسميًا أنهما لن تنضما إلى الائتلافات المناهضة لإيران. وحسب هذه الدول، ليس هناك حديث عن الدخول في تحالف عسكري تشارك فيه إسرائيل، وهم يريدون وقف التصعيد وتحسين العلاقات مع إيران.
في غضون ذلك، على الرغم من أن موقف دول مثل مصر والأردن يُظهر أن التخطيط لإنشاء اتفاقية أمنية إقليمية، مثل الناتو، والتي تتألف من حلفاء أمريكا في غرب آسيا، غير قادر حاليًا على التنفيذ الرسمي والقانوني، ولکن بالنظر إلی أن خطة واشنطن لإقامة تحالف إقليمي بين العرب وإسرائيل تقوم على هدف طويل الأمد واستراتيجي، من أجل تخفيف عبء الالتزامات الأمنية الأمريكية في المنطقة، يبدو أن مسؤولي البيت الأبيض لا يزالون يخططون بطرق أخرى لتعزيز البنية التحتية لتشكيل مثل هذا التحالف.
وكانت وسائل الإعلام قد أفادت في الأيام الماضية عن عقد اجتماع سري في مارس، بحضور مسؤولين عسكريين من الولايات المتحدة والکيان الصهيوني وبعض الدول العربية في شرم الشيخ بمصر، وكان الغرض من هذا الاجتماع هو التخطيط لتنفيذ مشروع يسمى "الدفاع الجوي للشرق الأوسط"، وحسب سلطات تل أبيب، سيكون تحت قيادة الولايات المتحدة.
ومن المفترض أن يستكشف هذا التحالف، كما نُشرت تفاصيله، طرقًا لمواجهة قدرات إيران الصاروخية المتنامية وكذلك طائراتها دون طيار، من خلال دمج شبكة دفاع الدول العربية والکيان الصهيوني.
ويحاول الکيان الإسرائيلي، الداعم الرئيسي لهذا التحالف، تمهيد الطريق لتطبيع العلاقات مع العرب في المستقبل، من خلال انضمام العرب إلى هذا التحالف المعادي لإيران.
ومع ذلك، فإن بعض الدول العربية مثل عمان وقطر والكويت موجودة أيضًا في هذا التحالف، وهي غير مستعدة لتطبيع العلاقات مع الکيان الصهيوني، وتخشى أن تتضرر من الإجراءات المسببة للتوتر مع إيران، بل حتی تری ذلك ضد العلاقات السلمية الحالية مع طهران.
لذلك، تحاول الولايات المتحدة والکيان الصهيوني حل مخاوف هذه الدول من خلال خلق مظلة أمنية وعسكرية، ثم تشجيعها على التحول إلى عملية التطبيع.
لكن المحللين يعتقدون أن محاولة الصهاينة تطبيع العلاقات والتحالف العسكري من خلال ربط شبكة دفاع متكاملة مع الدول العربية، تنبع أساسًا من ضعفهم وعدم قدرتهم على مواجهة القوة العسكرية لمحور المقاومة في المنطقة.
والواقع أن تل أبيب ستضع أعباء مشاكلها الأمنية وتكاليف خلق التوتر ضد إيران على عاتق الدول العربية، لأن إسرائيل محاطة بفصائل المقاومة من ثلاث جهات.
حيث إن حزب الله في لبنان والفصائل الفلسطينية في غزة والحكومة السورية أثبتوا أنهم قادرون على توجيه ضربات قوية للکيان الصهيوني، إذا كانت مصالحهم مهددةً.
في السنوات الأخيرة، وسَّع حزب الله وحماس قدراتهما العسكرية، وتوصلا إلى نوع من الردع في المجال العسكري ضد إسرائيل. والصهاينة يعترفون بأنه لا يجوز لهم الدخول في حرب مع حزب الله والفصائل في غزة، لأنه في حال نشوب حرب فإن آلاف الصواريخ ستستهدف الأراضي المحتلة، وهذا خطر على أمن الإسرائيليين.
أمريكا أيضًا التي تحاول سحب جزء من قواتها من الشرق الأوسط وتقليص التزاماتها في هذه المنطقة، تحاول أن تجعل من سياسة إيران فوبيا الدائمة أساسًا للتقارب بين الدول العربية والكيان الصهيوني، لتضمن بهذه الطريقة الأمن الذي يحتاجه الصهاينة، وذلك في وقت تتقدم فيه المفاوضات بين إيران والسعودية وتقترب إيران والإمارات من بعضهما البعض.
أوراق إيران في مواجهة التحالف الصهيوني الأمريكي
على الرغم من تزايد الغموض الأمني في الخليج الفارسي في السنوات الأخيرة، وخاصةً بعد تراجع القوة الدولية للولايات المتحدة وبداية انسحابها من المنطقة، وسعي العرب إلى زيادة الأمن من خلال إيجاد طرق أخری بدلاً من الاعتماد على الولايات المتحدة فقط، ولكن القرب من إسرائيل سيكون له نتيجة معاكسة، والانضمام إلى تحالفات أمريكية الصنع لن يجلب الأمن لهذه الأنظمة، لأن إيران لن تقف مکتوفة الأيدي ولديها خيارات للمواجهة، ويمكنها أن تجعل تكاليف المقامرة على القدرات الأمنية لتوسيع التعاون العسكري مع الصهاينة غير متوقعة.
تنضم السعودية والإمارات إلى التحالف المناهض لإيران، بهدف الدفاع عن أمنهما ضد صواريخ وطائرات حرکة أنصار الله اليمنية. وأنصار الله، التي تزعم السعودية وأبو ظبي أنها تحت تأثير إيران، في حال تشكيل تحالف، يمكن لإيران مساعدة اليمنيين على زيادة قدراتهم في مجال الصواريخ والطائرات المسيرة.
كما في العام الماضي حقَّق اليمنيون العديد من الإنجازات في مجال الصواريخ والطائرات المسيرة، وقالوا إن لديهم العديد من بنوك الأهداف الخاصة بمواقع المعتدين علی اليمن، والتي سيستهدفونها في الوقت المحدد.
لذلك، من خلال الانضمام إلى التحالف الإقليمي، ليس فقط لن تنخفض التهديدات التي يتعرض لها السعوديون من قبل اليمنيين، بل مع تعزيز قدرات أنصار الله، سيكون أمنهم أكثر عرضةً للخطر.