الوقت- في الأشهر الأخيرة، أصبحت أنباء الهجمات الإلكترونية ضد الكيان الصهيوني من الأخبار الرئيسية في الأوساط العبرية. وفي أحدث حالة من هذه الاعتداءات يوم الأحد الماضي تعرضت أنظمة الإنذار التابعة للکیان الصهيوني لهجمات إلكترونية في عدة مدن منها القدس وإيلات وحولون ومع دوي صوت الإنذار، هرع آلاف الصهاينة الذين يعيشون في هذه المناطق إلى الملاجئ خوفًا من هجوم محتمل من قبل فصائل المقاومة الفلسطينية، لكن بعد ساعات، وفي حالة من الذعر الشديد، أدركوا أن أنظمة الإنذار أطلقتها بعض الجماعات السيبرانية. لكن في غضون ذلك، يعد اختراق شبكة كهرباء الكيان الصهيوني خبرًا مهمًا للغاية.
الخروج من أجواء الحرب الخفية
في الأشهر الأخيرة، ازدادت حدة الحرب السيبرانية ضد الکیان الصهيوني لدرجة أنه يمكن القول إن الهجمات الإلكترونية، التي نُفذت في الماضي في شكل أضواء مطفأة، قد دخلت الآن مرحلة جديدة. وفي بعض الحالات، أعربت مجموعات الهاكرز التابعة لمحور المقاومة علانية عن انتمائها وأصبحت لا تخشى الإعلان عن وجودها. وحتى أن البعض أشار إلى أن هذه الهجمات الإلكترونية قد تدخل مرحلة أكثر خطورة إذا استمرت، وهي المواجهة العسكرية بين إيران والکیان الصهيوني. لكن النقطة التي نريد توضيحها هنا هي الضعف الشديد للکیان الصهيوني أمام الهجمات الإلكترونية.
بالطبع، حاول الکیان الصهيوني دائمًا في الماضي فرض الرقابة على أخبار الهجمات الإلكترونية ضد الکیان من أجل منع الكشف عن مقدار الضرر الذي لحق به جراء هجمات الإنترنت. إن سياسة الكيان الصهيوني التي طال أمدها في مواجهة التطورات، قد فرضت الرقابة على مثل هذه الأخبار، وذلك لأنهم يحاولون تحقيق هدفهم الرئيسي، وهو توفير الأمن للمحتلين، من أجل منع الهجرة العكسية في مجتمع يمثل عدد سكانه الكبير الجنسية الأصلية لدول أخرى وليس له مصلحة في الأرض التي يعيش فيها.
الاعتراف بالعجز في مجال الحرب الإلكترونية
لكن في الأسابيع الأخيرة، فيما يتعلق بالهجمات الإلكترونية ضد الکیان الصهيوني، تغيرت مسألة الرقابة على أخباره تمامًا. وعلى وجه الخصوص، شهدنا في الأسابيع الأخيرة تكثيف الهجمات الإلكترونية ضد هذا الکیان، والتي أصبحت تشكل تهديدًا خطيرًا للأجهزة الأمنية والعسكرية وحتى البنية التحتية للکیان الصهيوني. إن الکیان الصهيوني، الذي نفى في السابق وقوع هذه الهجمات، هذه الأيام، من خلال نشر أخبار قد تبدو مستحيلة لمنع انتشارها بسبب حجم الضرر، وجه على الفور أصابع الاتهام إلى إيران، وعلى عكس المعتاد اتهمت الحكومة الإيرانية بتنفيذ هجمات الكترونية. لكن الصهاينة لم يتخلوا عن سياستهم السابقة في عدم الكشف عن تفاصيل ومدى الضرر الناجم عن هذه الهجمات الإلكترونية.
بطبيعة الحال، فإن سبب عدم الكشف عن تفاصيل هذه الهجمات الإلكترونية واضح تمامًا، وهو الاستغلال المستقبلي المحتمل لمثل هذه القضايا. من المهم الإشارة إلى أن الهجمات الإلكترونية ضد الکیان الصهيوني، والتي تجري بشكل يومي، إضافة إلى الأقسام العسكرية والأمنية للکیان الصهيوني وحسابات المستخدمين للمسؤولين الإسرائيليين، تشمل أقسامًا مختلفة مثل نظام إمدادات المياه وشبكة الكهرباء والأنظمة المصرفية والمستشفيات الإسرائيلية ولا يوجد أي جزء من البنية التحتية في الأراضي المحتلة في مأمن من هذه الهجمات.
ووفقًا لمصادر صهيونية، بما في ذلك اللجنة الإلكترونية التابعة للکیان الصهيوني، فقد نفذ قراصنة مرتبطون بمحور المقاومة أكثر من 3000 هجوم إلكتروني ضد أهداف إسرائيلية في الأشهر الأخيرة، ونجح الكثير منها. وقد أعلن مركز أبحاث الأمن الداخلي التابع للکیان الصهيوني بجامعة تل أبيب مؤخرًا في تقرير أن المعركة بين طهران وتل أبيب قد انتقلت من أجواء الحرب الصعبة والكلاسيكية إلى الفضاء الإلكتروني.
مثال للندم الصهيوني
قبل أيام، أعلنت مجموعة قرصنة تدعى "عصا موسى"، سبق لها اختراق كاميرات الدوائر التلفزيونية المغلقة في شوارع الأراضي المحتلة وكاميرات شركات الأسلحة الإسرائيلية، عن اختراق ناجح لشبكة الكهرباء الإسرائيلية. ونشرت هذه المجموعة مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعية وكتبت باللغتين الإنجليزية والعبرية: "هذه مجرد البداية". من الآن فصاعدًا، ستعاني اسرائيل من أضرار لا يمكن إصلاحها. سوف نعاقبك. الهدف واضح ومحدد ودقيق. هذا ليس سوى جزء صغير من وصولنا إلى شبكة الطاقة الخاصة بكم. قريبا سوف تكونون في الظلام".
كما قامت مجموعة قراصنة تدعى "عصا موسى" باختراق ونشر وثائق تشمل بطاقات الهوية، وشيكات المحامين، والشيكات والتقارير المالية للمواطنين الصهاينة من خلال مهاجمة خوادم معلومات الشركات الصهيونية. وكانت "عصا موسى" قد أفادت في وقت سابق باختراق ناجح لكاميرات الدوائر التلفزيونية المغلقة في شوارع فلسطين المحتلة وكاميرات شركة رافائيل التي تنشط في إنتاج أسلحة عسكرية للجيش الإسرائيلي. وفي أعقاب الهجوم السيبراني، ذكرت المجموعة سابقًا في رسالة باللغتين العبرية والإنجليزية بعنوان "نحن نرى بأعينكم، نحن نراقبكم في كل لحظة وكل خطوة منذ سنوات. هذا جزء فقط من مراقبتنا لأنشطتكم من خلال الوصول إلى كاميرات الدوائر التلفزيونية المغلقة الداخلية. قلنا إننا سنستهدفكم بينما لا يمكنكم أن تتخيلوا ذلك".
إن "عصا موسى"، بالطبع، ليست سوى واحدة من مئات مجموعات الهاكرز التي تدعم محور المقاومة في المنطقة والتي تعمل ضد الکیان الصهيوني. وقضية اختراق شبكة كهرباء الکیان الصهيوني هي أيضًا قضية معقدة للغاية ويبدو من الصعب تنفيذها في أي موقف. وقبل أشهر قليلة حاول الکیان الصهيوني إظهار قوته في مواجهة أعدائه من خلال إنتاج مسلسل خادع لا معنى له بعنوان "طهران". وفي إحدى حلقات هذا المسلسل، قام عميل تجسس تابع للموساد له تأثير ناجح بتعطيل شبكة كهرباء طهران وتسبب في انقطاع التيار الكهربائي في العاصمة الإيرانية لفترة من الوقت. يبدو أن على القادة الصهاينة أن يهتموا أكثر بأمنهم بعد الهجمات الإلكترونية الشديدة ضد الکیان، والتي أدت حتى إلى انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع في الأراضي المحتلة، لأنه ربما يكون محتوى المسلسلات الخيالية التي يصنعونها ذريعة للجماعات المؤيدة للمقاومة لتوجيه ضربات أقوى ضد هذا النظام الهش.
وفي فصل الشتاء الماضي وبالتزامن مع "اليوم العالمي لحماية المعطيات الشخصية" اعلنت عصا موسى عن مفاجئتها لوزارة الحرب الصهيونية، حيث الانظمة البالغة الحساسية في وزارة الحرب الصهيونية وحصلت على معلومات مئات العسكريين الكبار والصغار في الكيان ومنها اسماءهم وعناوينهم الالكترونية وارقام هواتفهم، وملفات تتضمن معلومات اساسية عن الكتبية القتالية المسماة "الفون" اضافة الى ملفات تتضمن معلومات عن اشخاص مرشحين للانتساب الى الاجهزة الامنية، ومعلومات شخصية حساسة مثل الاوضاع النفسية والاجتماعية والاقتصادية للعسكريين الصهاينة، ونشرت المجموعة صورة لوزير الحرب بني غانتز على حواسيب الوزارة تضمنت تهديدا له وللجيش والاجهزة الامنية الصهيونية.
وفي شهر مارس الماضي كشفت المصادر الصهيونية عن اختراق المعلومات المتعلقة برئيس جهاز الموساد ديفيد بارنيع على يد مجموعة "الأيادي المفتوحة" التي نشرت مقطع فيديو في قناة التلغرام التابعة لها تتضمن وثائق سرية ومعلومات شخصية وتقارير مالية عن رئيس الموساد، وقالت المجموعة ان المعلومات التي تمت قرصنتها هي نتيجة عمليات استمرت 8 أعوام واستهدفت عدة اهداف في داخل فلسطين المحتلة ومنها كبار مسؤولي الاجهزة الامنية والعسكرية الحساسة.
على اثر هذه الهجمات السايبيرية الواسعة التي استهدفت المؤسسات الامنية الصهيونية اعلنت وسائل الاعلام ان قلقا كبيرا ينتاب المسؤولين الصهاينة، وقالت صحيفة هاآرتس ان الخطر السايبيري هو من أكبر الاخطار التي تهدد وجود الكيان رغم تباهي "الاسرائيليين" بقدراتهم السايبيرية. وقد اعتبرت وسائل الاعلام ان مثل هذه الهجمات أخطر عدو خفي يدب الرعب بين الصهاينة وبكبسة زر واحدة يشل الحركة في الكيان وان هذه الحرب المعلوماتية تفشي معلومات الصهاينة وتكشفها وتغير قواعد ومعادلات المواجهة. ورغم وجود أحدث المعدات الالكترونية واغلاها ثمنا للتصدي للهجمات السايبيرية في كيان الاحتلال لكن يبدو ان هذه التقنية لم تساعد الصهاينة كثيرا وقد تحولت الهجمات السايبيرية الى خطر يهدد وجود الكيان.