الوقت- يشعر المسيحيون الفلسطينيون بالقلق من الظروف التي تحيط بهم، سواء الاقتصادية أو السياسية أو الدينية. ما يدفع فئة منهم للتفكير بالهجرة وترك موطنهم بحثا عن الاستقرار والأمان والمساواة .تلك الحقيقة كشف عنها استطلاع رأي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في الفترة بين 27 يناير و23 فبراير هذا العام. وتظهر النتائج أن المسيحيين يرغبون في الهجرة.حيث تعيش أقلية المسيحيين الفلسطينيين في عدد من مدن الضفة الغربية مثل بيت لحم ورام الله ونابلس وأريحا، وفي قطاع غزة أيضا. و أشارت أرقام رسمية تعود إلى عام 2017، إلى أن عددهم يصل إلى نحو 47 ألف نسمة من بين نحو أربعة ملايين فلسطيني يعيشون في الضفة ومليونين في قطاع غزة.وانخفض الوجود المسيحي في الضفة الغربية بشكل كبير خلال الـ100 عام الماضية، حيث تراجعت نسبتهم في مدينة بيت لحم على سبيل المثال، وهي ذات الطابع المسيحي وفيها كنيسة المهد، من 84 في المئة من مجموع السكان في عام 1922 إلى 28 في المئة في 2007.
ملك الأردن يحذر من تهديد الوجود المسيحي في القدس
حذّر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني من التضييق المستمر الذي يطال المسيحيين في الأراضي الفلسطينية وخاصة في مدينة القدس، ما يهدد وجودهم إذا ما استمرت هذه الضغوط.وأكد الملك الأردني خلال لقائه يوم الاثنين الماضي، في نيويورك عددا من القيادات المسيحية في الولايات المتحدة، أن المسيحيين العرب جزء لا يتجزأ من ماضي الشرق الأوسط وحاضره ومستقبله، لافتا إلى أهمية العمل بشكل جماعي للحفاظ على الوجود المسيحي في المنطقة والحيلولة دون فقدانه. من جهةٍ أخرى أشار إلى أن بعض ممتلكات الكنائس في الأراضي المحتلة استولت عليها منظمات متطرفة، كما تخضع ممتلكات أخرى لها لضرائب عالية.وشدد على أن الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية بالقدس هي شرف ومسؤولية، ومن ضمن أهدافها الحفاظ على وحدة جميع الكنائس، والأهم من ذلك وحدة المجتمعين الإسلامي والمسيحي .واستعرض الدعم والرعاية التي تحظى بها كنيسة القيامة وجميع الكنائس الأخرى للحفاظ على الوضع الراهن، وأعمال الصيانة والترميم التي نفذها الأردن على مراحل في موقع قبر السيد المسيح عليه السلام، وكذلك في كنيسة الصعود الواقعة في جبل الزيتون.
وفي نفس السياق، الملك الأردني قال إن الأردن ملتزم بمبادئ الوئام والحوار بين الأديان والاعتدال والانفتاح، مبيناً أن جهود تعزيز السلام والاستقرار تمثل سياسة المملكة الخارجية. وأكد مواصلة الدعوة إلى حلول سياسية ووقف تصعيد الأزمات، وفي مقدمتها الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مشدداً على أن الاستقرار في القدس وجميع المواقع الدينية والتاريخية أمر حيوي، وخاصة إذا أردنا استئناف جهود السلام، لأن الوضع بات خطيراً وليس من المقبول تجدد التوتر في كل عام. بدورهم، أعرب المتحدثون، خلال اللقاء، عن تقديرهم للملك على مواقفه المشرفة في الدفاع عن المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، من منطلق الوصاية الهاشمية على هذه المقدسات، والتي تحظى برعاية دائمة من جلالته. وأشادوا بجهود الملك في حماية الوجود المسيحي في الشرق الأوسط والدفاع عن حقوق المسيحيين في الأراضي المقدسة، معربين عن استعدادهم لتقديم الدعم لتعزيز هذه الجهود، ومثمنين مساعي الأردن المستمرة، بقيادة الملك، للدفع باتجاه تحقيق السلام في المنطقة.
تضييق مستمر يطال المسيحيين في الأراضي الفلسطينية
تقول الإحصائيات إن 36 في المئة من المسيحيين الفلسطينيين يفكرون بالهجرة خارج البلاد، فيما يرفض 64 في المئة الهجرة. من جهةٍ اخرى أشارت استطلاعات أخرى إلى أن النسبة العامة للراغبين بالهجرة من فلسطين بلغت 23 في المئة، من خلال الاستطلاعات التي اجريت تُطرح العديد من التساؤلات حول الأسباب التي قد تدفع المسيحيين الفلسطينيين للهجرة من بلادهم؟
لابد أن هناك العديد من الأسباب التي قد تدفع المسيحيين الفلسطنيين للهجرة من ارضهم وهناك عوامل أساسية ثلاثة تدفع عددا من المسيحيين للتفكير بالهجرة، وهي الظروف الاقتصادية الصعبة، والمضايقات الدينية من قبل الصهاينة ، والكراهية الممنهجة ايضاً من قبل الاحتلال الإسرائيلي. فتردي الظروف الاقتصادية هي احد الاسباب التي تجعل المسيحيين يفكرون بالهجرة إضافة إلى ذلك فإن الوضع الأمني يقلقهم ويجعلهم يفكرون بالهجرة. من جهة اخرى كشف استطلاع عن أسباب أخرى تجعل المسيحيين يفكرون في الهجرة من الأراضي الفلسطينية، بينها الأوضاع الداخلية التي تثير قلقهم ومنها "قلة الأمان والخوف من الجريمة وغياب الحريات وسيادة القانون وانتشار الفساد".وتشير نتائج الاستطلاع أيضا إلى أن المسيحيبين حالهم حال المسلمين، لا يثقون بالحكومة الفلسطينية ولا يثقون بأجهزة الأمن أو القضاء.
كراهية الصهاينة تجاه المسيحيين ودعوات لطردهم
قال مسيحيون شملهم الاستطلاع إن ظروف النزاع الفلسطيني الإسرائيلي تدفعهم للتفكير في الرحيل. فمثلا، يشكو المسيحيون من تأثيرات الحواجز الإسرائيلية واعتداءات المستوطنين ومصادرة الأراضي. كذلك يشكو هؤلاء من قلة الأمن، وترى أغلبية كبيرة منهم أن إسرائيل تريد طردهم من وطنهم. حيث إن أحياء البلدة القديمة في القدس تشهد اعتداءات شبه يومية على الرهبان من قبل متطرفين يهود، ولا يخفى على أحد أن المناطق الفلسطينية المحتلة تشهد تصاعدا في مشاعر العنصرية والكراهية لغير اليهود وتتجلى ذلك باعتداءات مختلفة على المسيحيين وصلت لحد المطالبة العلنية بطردهم. ويرى مراقبون أن جرائم الكراهية تتكرر كل يوم بدعم أو تجاهل مؤسسة الكيان الصهيوني.
وفي هذا السياق فقد سبق وأن تعرض المسيحيون لاعتداءات مختلفة ومتزامنة من قبل عدة جهات إسرائيلية، ومن هذه الاعتداءات أن رئيس حركة "لهباه" بنتسي غوفشتاين دعا لمنع الاحتفالات بعيد الميلاد ووصف المسيحيين بأنهم "مصاصو دماء".وشدد غوفشتاين -الذي يقود جمعية تعنى بمنع زواج اليهوديات من غير اليهود- على الواجب بطرد المسيحيين من إسرائيل.وفي مقال نشره الموقع اليهودي المتطرف "كوكر"بعنوان "لنجتث مصاصي الدماء" زعم غوفشتاين أنه لا مكان لعيد الميلاد في الأرض المقدسة، وأكد على وجود عدم السماح بموطئ قدم في إسرائيل للتبشيرية المسيحية، وخلص إلى القول "لنطرد مصاصي الدماء من بلادنا قبل أن يمتصوا دمنا مرة أخرى".
اعتداءات شبه يومية يتعرض لها المسيحيون من قبل متطرفين يهود.
نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن شاب يهودي متطرف تباهيه بالاعتداء على المسيحيين، وأشار المتطرف شلومي إلى أنه يبصق نحو رجال دين مسيحيين كلما لقيهم في أزقة البلدة القديمة للقدس، مبررا عمله بأن "كل المسيحيين لا ساميين، وطالما شاركوا بذبح اليهود".كما اعترف المتطرف شلومي بالمشاركة في تلطيخ الجدران والأديرة بشعارات معادية للمسيحية وتحطيم أضرحة داخل المقابر المسيحية وتخريب الكنائس.ويتابع متفاخرا "تقدمت بالأمس من راهبين كانا يسيران في الحي الأرمني وبصقت نحوهما، وقلت أنتم تدنسون القدس، وعلينا طردكم منها"، كما اعترف بأن صديقه يعقوب قد شاركه بالاعتداء على الراهبين متمنيا أن يقتلا حرقا.
من جانبها، قالت الصحفية الفلسطينية المقيمة في القدس نضال رافع إن رجال الدين المسيحي يفضلون في معظم الحالات تجاهل الاعتداء عليهم، بل يستنكفون عن تقديم الشكوى لعدم ثقتهم بجدواها.ونوهت بأن هذه الاعتداءات تتكرر كل يوم وتحركها الكراهية للمسيحية لدى هؤلاء المتطرفين والمستوطنين الذين يعتبرون أن الصراع بين الأديان مستمر وأنهم جزء منه.وهذا ما تؤكده مرشدة سياحية إسرائيلية تدعى ميخال بن عطار التي تشير إلى أن الرهبان الأرمن في القدس هم الأكثر تعرضا لاعتداءات المتطرفين اليهود.وتكتب بن عطار في حسابها على فيسبوك -وهي قريبة بحكم عملها من الرهبان في القدس- أن الرهبان يكابدون ما لا يحتمل من بصق وشتائم وعدوانية وتشير إلى أن الأموات أيضا يتعرضون لاعتداءات هؤلاء المتطرفين الذين يحطمون القبور أو يلطخونها بشعارات "الموت للمسيحيين".وتبدي بن عطار أسفها على أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي لا تلجم المعتدين وتتعامل معهم بتسامح.
في الختام من الواضح أن المستوطنين والمتطرفين اليهود يستمدون التشجيع لارتكاب الجرائم والعنصرية من عدم مقاضاة محاكم الاحتلال الصهيوني لهم بل إن مؤسسات الكيان الصهيوني تشجعهم على ذلك، حيث إن المؤسسة الحاكمة في الكيان الصهيوني تعمل على التعاون مع المعتدين لزيادة أجواء الكراهية في الشارع الإسرائيلي وتزايد العنصرية وهذا ما يفسر بقاء المعتدين أمثال غوبشتاين حرا يزرع الكراهية والخراب أينما حل على الرغم من المطالبات بالقبض عليه وبحظر منظمته.ومن الجدير بالذكر أن تساهل السلطات الإسرائيلية مع "العصابات الإرهابية اليهودية المتطرفة " يتجلى باستمرار مئات جرائم ما تعرف بـ"تدفيع الثمن" في القرى الفلسطينية وتلطيخ جدران بيوتها بحرية.