الوقت - إن الإسلاموفوبيا الغربية اليوم، هي سياسة غیر قابلة للإنکار لقسم من الحضارة الأمريكية – الأوروبية التي تدعی "الغرب الصهيوني". والآن هنالك المئات من المواقع الإنترنتية، والعشرات من القنوات الفضائية والعدید من الصحف الغربية وبذرائع مختلفة، تقوم بنشر نظرة سلبية غير عقلانية تجاه الإسلام والمسلمين.
ويمكن القول إن الإسلاموفوبيا الغربية هي ظاهرة تعددية، یتم من خلال تقاطع الخصائص العدوانية للنزعة الإنسانية الغربية في العصر الحديث، والمفاهيم الأساسية مثل العلمانية الأصولية الغربية، الاستشراق، كراهية الأجانب والعنصرية، هي من بين المفاهيم الهامة لتحديد سياسة الإسلاموفوبيا الغربية.
من ناحية أخرى، على مدى السنوات القليلة الماضية ومع التنامي المتزاید للتطرف في منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا، وظهور الجماعات التکفیریة - الإرهابية مثل تنظیم داعش، ونفوذ هذه التوجّهات في الدول الغربية، فإن الإسلاموفوبيا الغربية قد اتخذت أبعاداً جديدةً وتكثفت.
هذا الموضوع استتبع العديد من المناقشات بين أصحاب الرأي والباحثین في العلوم السياسية والاجتماعية، حول الأرضیات الاجتماعية والوظائف السياسية للإسلاموفوبيا الغربية، وقد طرحت هنالك فرضيتان حول العلاقة بین الإسلاموفوبيا مع موجة هجرة المسلمين.
تركز الفرضية الأولی على دور الجماعات اليمينية المتطرفة المعادية للأجانب، والفرضية الثانية تشير إلى الاختلافات الثقافية - الهويائية للمسلمین مع المواطنين الغربيين الآخرين. وبالطبع هاتان الفرضیتان متداخلتان، ولهذا السبب سنتطرق في هذا القسم إلی کلتا الفرضیتین التحلیلیتین.
الفرضية الأولى تعتبر أن ارتفاع نسبة الإسلاموفوبيا في أوروبا یعود إلی بعض التغييرات في نسیج المجتمعات الأوروبية وظهور الجماعات المتطرفة وهي تولي الاهتمام إلى الدور الوسیط لهذه الجماعات لاتجاهات الإسلاموفوبيا؛ لكنّ الفرضية الثانية تنظر إلی الأمر من خلال الرؤیة الثقافية – الهويائية، وتری أن سبب انتشار ظاهرة "الإسلاموفوبيا" في أوروبا، هو الاختلافات الثقافية - الهويائية للأقلية المسلمة في أوروبا مع النسيج الاجتماعي لأوروبا.
في الواقع إن وجود الإسلاموفوبيا لا يعتبر مجرد توترات ثقافية بين الهوية الإسلامية مع المواطنين الغربيين الآخرين فحسب، بل یعدّ عمليةً موجّهة من قبل الجماعات اليمينية المتطرفة القريبة من الصهيونية العالمية.
وبطبيعة الحال یجب أن نلاحظ أننا لا نقصد أن التوتر الهويائي – الثقافي لا یوجد بين المسلمين والمواطنین الغربيين، بل المسألة هي أن ما يعرف بالإسلاموفوبيا، قد تخطّی نطاق ردود الفعل الطبيعية تجاه المهاجرين، ونشهد فیه الدور الوسیط لبعض الفئات الاجتماعية – السياسية بشکل أکثر.
منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، ظهرت إلى حيز الوجود ظاهرةٌ إسلامية جديدة في الغرب لم تدعم من قبل الخبراء الإسلاميین كما ينبغي. وعلى الرغم من أن الغرب كان ولا يزال یرصد هذه الظاهرة بعناية، لکنها تتجلی في انتشار موجة الإسلام في کل أنحاء الدول الغربية.
ففي العقود الستة الماضية، ازداد عدد المسلمين في أوروبا وأمريكا الشمالية بشکل ملحوظ. وتجدر الإشارة إلى أن المسلمين الأوروبيين، لیسوا تجمعاً متكاملاً، وهنالك اختلافات ثقافية وعرقية بینهم أيضاً.