الوقت - خلال الاحتفال بيوم الجيش، الذي أقيم يوم الاثنين الماضي باستعراض عسكري للقوات المسلحة الإيرانية بحضور كبار المسؤولين العسكريين والسياسيين، هدد رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية السيد إبراهيم رئيسي الکيان الصهيوني بشكل خطير في جزء من خطابه، وهو ما جعل وسائل الإعلام الغربية تغطي هذا الخطاب بشکل مکثف.
وقال رئيسي مخاطبًا الكيان الصهيوني بمناسبة يوم الجيش: "أدنى تحركاتكم لا تخفى على قواتنا المسلحة، وإذا قمتم بأدنى خطوة، فستكون وجهة قواتنا المسلحة هي قلب الكيان الصهيوني". وأضاف إن "قوة قواتنا المسلحة لن تترككم وشأنكم".
وتأتي هذه التصريحات في الوقت الذي تم فيه عرض بعض الإنجازات العسكرية الجديدة المتقدمة، مثل صاروخ "فتح" وطائرة "کمان 22" الثقيلة دون طيار، لأول مرة، إلی جانب استعراض بعض القدرات العسكرية البارزة للقوات المسلحة الإيرانية.
بطبيعة الحال، بالنظر إلى أن الجمهورية الإسلامية تعتبر الكيان الصهيوني كيانًا غير شرعي ومغتصب وإجرامي في المنطقة، وهي في معارضة تامة له في المنطقة، فإن التهديد العسكري لهذا الکيان على لسان السياسيين والقادة العسكريين الإيرانيين ليس مستعبداً؛ ولكن في غضون ذلك، ونظراً للأوضاع الإقليمية وبعض التطورات المتمثلة في تصاعد التوترات بين الجانبين في الأشهر الأخيرة، مثل الهجوم الصاروخي الأخير للحرس الثوري على قاعدة الموساد للتجسس في شمال العراق، يمكن اعتبار طبیعة تهديدات رئيسي مختلفةً عن التصعيد السياسي والإعلامي المعتاد بين الطرفين.
تفعيل استراتيجية الدفاع الاستباقي
على مدار العام ونصف العام الماضيين على الأقل، كانت هناك حرب نشطة وراء الكواليس بين طهران وتل أبيب، للإضرار بالمصالح الاقتصادية والأمن الداخلي والقدرات العسكرية للطرف الآخر.
وخلال هذه الفترة، وجَّه الطرفان عدة ضربات لبعضهما البعض، مثل عمليات ضد أمن الخطوط الملاحية، واغتيالات لشخصيات وتخريب للمنشآت النووية، وهجمات مضادة على الأراضي السورية والعراقية.
وعلى الرغم من أن الجمهورية الإسلامية قد ردَّت خلال هذه الفترة علی إجراءات الكيان الصهيوني في الميدان دائمًا، ولکن كانت الاستراتيجية العامة لإيران هي تقوية شبكة حلفائها الإقليميين في محور المقاومة، وترسيخ وجود المناطق العسكرية وخاصةً حول حدود الأراضي الفلسطينية المحتلة، كردٍّ استراتيجي على تهديدات الکيان، ولم تکن علی جدول أعمالها خطة المواجهة العسكرية المباشرة والشاملة مع الکيان.
لكن بعد الهجوم على مقر التجسس التابع للموساد في شمال العراق، وجهت الجمهورية الإسلامية رسالةً إلى الصهاينة مفادها بأن زمن الصبر الاستراتيجي قد انتهى، ووضعت طهران على جدول الأعمال استراتيجية الدفاع الاستباقي ضد تهديدات الکيان الصهيوني.
في الأسابيع الأخيرة، وجَّه الصهاينة تهديدات لفظية لمنشآت إيران النووية، في انتهاك للقواعد الدولية وقواعد الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بإعلانهم عدم التزامهم بنتائج مفاوضات إحياء الاتفاق النووي لعام 2015.
لذلك، بينما التزمت المنظمات الدولية الصمت تجاه إدانة تهديدات الکيان الصهيوني ضد الأنشطة السلمية للبرنامج النووي الإيراني، وجهت إيران، بدعم واستعداد قواتها المسلحة، إنذارًا أخيرًا لأي حماقة صهيونية في المستقبل، من خلال التهديد باستهداف منشآتهم النووية.
تدرك إسرائيل جيداً أنها فشلت فشلاً ذريعاً في السنوات الأخيرة في المعرکة مع الجماعات المسلحة المنضوية في محور المقاومة في فلسطين ولبنان، ولهذا السبب، في مجال المواجهة العسكرية المباشرة مع إيران، لن يكون لديها كلمة تقولها، ولذلك فهي سعيدة فقط باستقطاب الدعم العسكري من الدول الغربية، وخاصةً الولايات المتحدة، ضد إيران.
هذا في حين أنه بالنظر إلی القوة العسكرية الإيرانية العالية، فضلاً عن فشل الولايات المتحدة في حروب العراق وأفغانستان وسوريا، وعدم قدرتها على مساعدة حلفائها في اليمن وأوكرانيا، لم تعد الولايات المتحدة حليفًا موثوقًا به، وهذا ما يجعل التهديدات العسكرية الإيرانية أكثر إثارةً لقلق الصهاينة.
إيران تحدد بنك الأهداف بدقة ويدها جاهزة للضغط علی الزناد
بالتزامن مع إنذار طهران للکيان الصهيوني، ذكرت وسائل إعلام دولية، نقلاً عن موقع انتل سكاي، المتخصص في تحليل المخاطر والأخطار الدولية، وتتبع الرحلات الجوية العالمية، وأخبار الأزمات العاجلة، أن إيران "بعثت برسالة إلى إسرائيل عبر وسطاء أوروبيين، تظهر صوراً لجميع مخزونات الکيان من الأسلحة البيولوجية والكيماوية والنووية التي يمكن استهدافها في الاشتباك العسكري الأول".
اليوم، مع تحول الحروب إلى استخدام الصواريخ الباليستية والطائرات دون طيار، فإن الحصول على معلومات عن الجغرافيا الإقليمية للجبهة المتحاربة، وخاصةً مراكزها العسكرية والاقتصادية الحساسة، أمر بالغ الأهمية في الاستعداد للحرب.
وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن الحرس الثوري الإيراني قام العام الماضي بمحاكاة الهجوم على منشأة ديمونة النووية، خلال مناورات الرسول الأعظم السابعة عشرة الصاروخية.
ونظراً لهذا الوضع، ومعاناة الكيان الصهيوني من عدم وجود عمق استراتيجي كبير، وإحراز تقدم واسع وملموس في محور المقاومة في مجال تقنيات الاستطلاع والمعلومات، فإن إيران، من خلال الكشف عن جزء من بنك الأهداف الواسعة للمراكز الحساسة للکيان الإسرائيلي، تثبت في الواقع أنها لا تحتاج إلى الكثير من الوقت لردها المدمر، ولا تعطي الصهاينة الوقت سوی بقدر الضغط علی الزناد.