الوقت - اتخذ المجلس الوزاري الجزائري برئاسة عبد المجيد تبون، يوم السبت 2 يناير ، في اجتماع قرار باستحداث هيئة جديدة للتحري في مظاهر الثراء، عند الموظفين العموميين، بلا استثناء من خلال إجراءات قانونية صارمة لمحاربة الفساد، عملا بمبدأ "من أين لك هذا".
والقرار الجديد شدد على 3 نقاط أساسية تعد سابقة في الجزائر، إذ ركز على العمل الوقائي لمحاربة الفساد، بدءا من تحديد شروط جديدة ودقيقة للإعلان عن الصفقات والمناقصات على بالصحف الجزائرية.
وكذا "استحداث هيئة جديدة للتحري في مظاهر الثراء، عند الموظفين العموميين، بلا استثناء من خلال إجراءات قانونية صارمة لمحاربة الفساد، عملا بمبدأ من أين لك هذا، وفق البيان
كما طالب القرار بضرورة تسريع عملية الجرد النهائية لمختلف الممتلكات المحجوزة، ووضعها تحت سلطة الدولة وإدماجها في عجلة الإنتاج الوطني، قبل نهاية ثلتي عام 2022.
وأفادت تقارير أعلامية محلية بأن الرئيس تبون أسدى عدة أوامر وتوجيهات من بينها تنظيم السلطة الوطنية العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته وتشكيلتها وصلاحياتها، حيث شدد على التركيز على العمل الوقائي لمحاربة الفساد، بدءا من تحديد شروط جديدة ودقيقة للإعلان عن الصفقات والمناقصات على الجرائد.
كما أمر الحكومة بتسريع عملية الجرد النهائية لمختلف الممتلكات المحجوزة، ووضعها تحت سلطة الدولة، وإدماجها في عجلة الإنتاج الوطني، قبل نهاية الثلاثي الأول لعام 2022.
وأصدر تعليماته لوزير الصناعة بمتابعة وجرد المصانع التي تُسوّى وضعيتها القانونية، وإحصاء مناصب الشغل المستحدثة بموجب التسوية وقيمتها المالية بالعملة الوطنية والصعبة وعرضها دوريا في كل مجلس وزراء.
ويشتكي الجزائريون من الفساد الذي انتشر في الإدارة خلال السنوات الماضية وشهد طفرة في عهد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لأنه استمال النخبة للتصويت عليه بعد الولاية الرئاسية الثانية.
ومن ضمن الأسباب الأخرى التي تساهم في انتشار الفساد في الجزائر المبالغ المالية المرتفعة التي تخصصها الدولة لدعم القطاع العمومي والمواد الغذائية والطبية وتبلغ ملايين من الدولارات، وتشهد خروقات من المشرفين على هذه الميزانيات.
وشنت الإدارة الجديدة في عهد الرئيس تبون حملة واسعة ضد الفساد أسفرت عن اعتقال عشرات الوزراء وضباط الجيش، وعلى رأس المعتقلين والمحكومين بتهم الفساد الوزير الأول أحمد أويحيى وخليفته في المنصب عبد المالك سلال المعتقلين في السجن، وحتى متم نهاية يوليو الماضي كان يوجد في السجن 30 ضابطا من رتبة جنرال وأبرزهم الأمين العام السابق لوزارة الدفاع الوطني الجنرال عبد الحميد غريس، ويتجاوز عدد المعتقلين من موظفين كبار في مختلف الأسلاك من قطاع العدل والدفاع والخارجية والداخلية والثقافة أكثر من مئة مسؤول.
وأعلنت إدارة تبون في مناسبة سابقة إحداث لجنة لاستعادة الأموال المهربة من الجزائر نحو الخارج، وكانت السلطات الجزائرية قد نشرت ممتلكات بعد الوزراء منهم سلال وأحمد أويحيى وتتعلق بعقارات في باريس.
وترغب إدارة تبون في تحسين وضعيتها في التقرير الدولية حول الفساد بعدما التصقت بالجزائر تهمة الفساد بالطبقة السياسية والعسكرية طيلة سنوات طويلة، وتدرك كذلك بأن إصلاح الوضع الاجتماعي والتقليل من الاحتجاجات خاصة من طرف الشباب هو محاربة الفساد لخلق أجواء المساواة والعدل الاجتماعي.
وتأتي قرارات مجلس الوزراء الجزائري بعد ما عرف بـ"زلزال الفساد السياسي والمالي" الذي ضرب الجزائر في العقد الأخير من ولاية الرئيس الأسبق عبد العزيز بوتفليقة، وما تبعها من محاكمات لأركان نظامه كشفت عن مفاجآت بالجملة.
وأصدرت المحاكم الجزائرية أحكاماً نهائية بالسجن ضد معظم رموز النظام السابق، مع مصادرة أملاكهم، فيما قررت حكومة أيمن بن عبد الرحمن في موازنة 2022 "التفاوض معهم" لاسترجاع الأموال المنهوبة في سابقة هي الأولى من نوعها منذ تفجر فضائح الفساد في 2019.
وتضاف الترسانة الجديدة إلى أربع هيئات رقابية مختصة لمكافحة الفساد وهي الديوان المركزي لقمع الفساد الذي أسس عام 2006 والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، إضافة إلى مجلس المحاسبة والمفتشية العامة المالية.
وقد استفحلت مظاهر الفساد لدى موظفين حكوميين في فترة حكم الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة التي تزامنت مع مداخيل قياسية لصادرات النفط والغاز الجزائرية.
وعقب حراك شعبي أطاح ببوتفليقة في 2 أبريل/ نيسان 2019، سُجن رئيسا وزراء من حقبته إضافة إلى وزراء وولاة ورجال أعمال إثر تحقيقات في قضايا فساد.
وقبل أشهر أصدر القضاء الجزائري قرارًا بتأميم ومصادرة مصانع وممتلكات تعود لرجال أعمال من حقبة بوتفليقة إثر تحقيقات في قضايا فساد.
ويأتي قرار الرئيس الجزائري بعد أيام قليلة من صدور التقرير السنوي لمجلس المحاسبة الجزائري وهو عبارة عن هيئة رقابية حكومية رصدت تجاوزات وفساد غير مسبوق تزامن مع سقوط نظام الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة.
وحسب التقرير فقد ارتفعت كلفة بعض المشاريع عشرة أضعاف الكلفة المرصودة لها، إذ انفقت الحكومة نحو 64 مليار دولار منها 18 مليارًا لمشاريع مسجلة في موازنة 2019، بحسب صحيفة "العربي الجديد" التي اطلعت على التقرير.
وأشار التقرير الذي يُنتظر عرضه على نواب البرلمان مطلع الأسبوع المقبل إلى أن هذه المشاريع أشرفت على تنفيذها الحكومة المؤقتة بقيادة نور الدين بدوي الموضوعة تحت الرقابة القضائية في قضايا فساد وتبديد للمال العام.
ويعتبر الصحافي الجزائري سعيد باتول أن الهيئة المستحدثة ستتلقى معلومات حول ممارسات موظفين ضالعين بالفساد، وسيترتب عن ذلك محاسبة وإقالات.
ويقول "إن الهيئات الرقابية الأربع الموجودة لم يُفعّل دورها في المرحلة السابقة".
لكنه يرى أن لدى الإدارة الحالية "إرادة حقيقية" لتفعيل أجهزة الرقابة الأربعة لمكافحة الفساد. كما ستتابع الهيئة الجديدة مدى احترام الموظفين العموميين الإجراءات القانونية المعمول بها في الصفقات العمومية، حسب باتول.