الوقت- بعد أسابيع فقط من إعلان الشرطة وأجهزة المخابرات التركية تحديد واعتقال عصابة تجسس كبيرة تابعة للكيان الصهيوني في أوائل تشرين الأول (أكتوبر)، أدت الاعتقالات الأخيرة لمواطنين إسرائيليين يشتبه بقيامهما بالتجسس في تركيا إلى توتر العلاقات بين أنقرة وتل أبيب.
واعتقلت السلطات التركية الزوجين يوم الخميس لتصويرهما قصر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في إسطنبول، بينما يصر الزوجان وعائلتهما على أنهم لم يعلموا أن هذا غير قانوني. ومددت محكمة تركية يوم الجمعة احتجاز الزوجين 20 يوما، وقال مسؤولون محليون إنهما يشتبه في قيامهما بالتجسس. ونقلت كل من قناتي الكيان 12 و13 عن مسؤولين أتراك قولهم إنه إذا لم يتم حل مسألة احتجاز المواطنين المحتجزين خلال اليومين أو الثلاثة أيام المقبلة، فقد يظلون رهن الاحتجاز التركي لسنوات. على الرغم من أن كبار المسؤولين الصهاينة، بما في ذلك مكتب رئيس الوزراء والرئيس إسحاق هرتسوغ ووزير الخارجية يائير لابيد، قد بدؤوا بالتحرك من أجل إطلاق سراح المتهمين، إلا أن الاتصالات لا تزال جارية من قبل مسؤولين على مستوى أدنى. وهذا لم يتم بحثه مع أردوغان بعد. وبحسب "اليوم"، قوبل وفد الموساد إلى أنقرة لمناقشة الاعتقالات الأخيرة للجواسيس الإسرائيليين على الأراضي التركية برد بارد من المسؤولين السياسيين والأمنيين الأتراك. وبحسب وسائل الإعلام، ومن أجل تخفيف حدة غضب قادة أنقرة، أكد وفد الموساد، بعد الاعتراف بالعملية لتركيا، أن الهدف من العملية ليس لأجل التجسس على تركيا، ولكن الهدف هو مراقبة قادة ومكتب حماس والأطراف الفلسطينية داخل تركيا.
قرار أردوغان الصعب، خفض التصعيد أم مصداقيته؟
يعد الكشف عن عمليات تجسس للموساد على الأراضي التركية بمثابة ضربة قاتلة للجهود المستمرة منذ عامين لتهدئة التوترات بين الحكومتين، وحالياً ليس لدى الحكومتين سفراء لدى بعضهما البعض بسبب التوترات طويلة الأمد. أردوغان، المعروف بتحولاته المفاجئة في السياسة، حريص على تطبيع العلاقات مع إسرائيل منذ بداية هذا العام. وفي اتصال هاتفي مع الرئيس الصهيوني في أبريل من هذا العام، تحدث عن دور العلاقات التركية الإسرائيلية في السلام والاستقرار في المنطقة. لكن بعد بضعة أشهر، حول الصهاينة حرب 11 يومًا ضد غزة إلى مسرح جديد للجريمة ضد الفلسطينيين، مما أثار غضب الرأي العام التركي بسبب تهدئة التوترات مع الصهاينة.
عزلة تركيا المتزايدة بسبب التوترات مع معظم دول الجوار، وتوتر العلاقات مع الولايات المتحدة وأوروبا، وتطبيع العلاقات بين الكيان الصهيوني والدول العربية، والمصالحة بين حليفتها قطر ودول مجلس التعاون الخليجي، إلى جانب مزيج من الفوائد الاقتصادية والطاقة والاستخبارات والسياسة أدت بأنقرة إلى خفض التصعيد الإقليمي، حيث يمكن ملاحظة دفء علاقاتها مع الكيان الصهيوني. من ناحية أخرى، أعرب أردوغان عن أمله في أن يساعد دفء العلاقات مع الصهاينة في تحسين العلاقات مع واشنطن. لا ينبغي أن ننسى أن تركيا اعتبرت إسرائيل تقليديًا وسيلة لإسماع صوتها في واشنطن.
رغبة أردوغان في نزع فتيل التوترات دفعت الصهاينة إلى رؤية أنفسهم على أنهم اليد العليا في العلاقات الدبلوماسية مع تركيا بما في ذلك قضايا التجسس المستجدة. وبينما ظل أردوغان صامتًا، أفادت وسائل الإعلام الصهيونية أن هناك مؤشرات على تراجع الحكومة التركية في قضايا التجسس. النقطة المهمة حول اعتقال المواطنين الصهاينة هي أن هذا الحدث وقع بعد يوم واحد بالضبط من تقديم مشروع قانون الاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن في الكنيست للمناقشة الأولية. في السنوات الأخيرة، جنبًا إلى جنب مع انتقادات أنقرة للمستوطنات غير الشرعية للكيان الصهيوني وحصار غزة، قدمت الحكومات الصهيونية مقترحات مختلفة إلى الكنيست بشأن قضية الإبادة الجماعية للأرمن في عهد الإمبراطورية العثمانية. ومع ذلك، فإن تقديم مشروع قانون الاعتراف بمذبحة الأرمن، وكذلك إجراء عمليات التجسس في تركيا، حتى في سياق خفض التصعيد، يظهر عدم قلق الصهاينة من غضب ورد فعل الحكومة التركية.
الواقع أن الإجراءات الصهيونية الآن هي رد على شعارات حكومة أردوغان باستقلالها عن القوى الغربية. على سبيل المثال، كانت مسألة الأمر بطرد السفراء الغربيين من تركيا الشهر الماضي صعبة، حيث وضعته في مفترق طرق بين الحفاظ على صورة قومية أو خسارة مكاسب التهدئة.