الوقت - إتخذ الشيخ نواف الأحمد الصباح، أمير الكويت، في 8 نوفمبر/تشرين الثاني، في الذكرى الأولى لتوليه السلطة، خطوةً مهمةً في إنهاء الأزمة السياسية المستمرة منذ سنوات في هذا البلد الخليجي الصغير والغني ولكن المتورط في المشاكل، وذلك من خلال إصدار مرسوم عفو عام.
في حين أن الانقسام الداخلي حول هجوم المعارضة على البرلمان في عام 2011 وفي أعقاب موجة الثورات العربية، استمر لعقد من الزمن كجرح لم يلتئم، بحسب القرار الجديد لأمير الكويت، تم إعفاء 11 شخصًا من الأحكام الصادرة بحقهم، و 7 أشخاص من قضاء العقوبة المتبقية، وخُففت العقوبة أيضًا على 18 شخصًا إلى النصف.
في الواقع، الكويت مقسمة إلى مجموعتين. الأولی، بالنظر إلى دوافع الهجوم، اعتبرت الحادثة سياسيةً بحتةً، فيما اعتبرتها الأخری هجوماً غير شرعي يجب معاقبة مرتكبيه.
ومن المهم الإشارة إلى أن العديد من المتورطين في الحادث اعتذروا، وتم منحهم عفواً خاصاً على حساب حرمانهم من الحقوق السياسية، مثل الترشح في الانتخابات المقبلة. ومع ذلك، كان هناك من رفض التعبير عن الندم على مدى السنوات العشر الماضية.
وخلال هذه الفترة، استقالت الحكومات واحدةً تلو الأخرى، وتم حل البرلمانات وسط توترات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، بما في ذلك رئيس الوزراء الكويتي صباح الخالد الصباح، الذي استقال بعد ساعات من توقيع العفو.
في ديسمبر الماضي، أجريت انتخابات جديدة فاز فيها مرشحو المعارضة بنصف المقاعد الخمسين في مجلس الأمة الكويتي.
المعارضة هي مزيج من القوى الليبرالية والمحافظة، الذين دعوا إلى إصدار عفو لإنهاء ملف اقتحام مبنى مجلس الأمة قبل عشر سنوات، وكذلك عزل مرزوق الغانم من منصب رئيس مجلس الأمة والذي يشغله منذ 2013؛ وهذا لم يحدث رغم نجاح المعارضة في الانتخابات.
لكن في المقابل، لجأت المعارضة إلى تحدي قرارات حكومة خالد الصباح ومنع الجلسات البرلمانية من الانعقاد، من خلال الحضور في المقاعد الوزارية المختلفة، بحيث كان البرلمان مغلقاً خلال الأشهر الأربعة الماضية.
تأمل المعارضة في أن تحل السلطات البرلمان وتدعو إلى انتخابات مبكرة، حتى تتمكن هذه الكتلة من انتخاب رئيس جديد لها. ولکن لم يوافق أمير الكويت على ذلك حتى الآن، فيما يُتوقع أن تفوز المعارضة بالانتخابات كما فعلت في عام 2020.
وفي ظل هذه الظروف، اقترح بعض الأعضاء إطلاق حوار وطني لحل الجمود السياسي القائم وانعكاساته على الاقتصاد الكويتي الذي خرج من الأزمة للتو، والذي وافق عليه الشيخ نواف أمير البلاد.
ونتيجةً لذلك، تم تشكيل لجنة مكونة من ثلاثة أعضاء في البرلمان وثلاثة أعضاء في الحكومة وثلاثة من أعضاء القصر الملكي، ويبدو أن مرسوم العفو مبني على نتائج محادثات هذه اللجنة لإيجاد طريقة لإنهاء الفجوة الممتدة لعشر سنوات.
لم يتضح بعد ما إذا كانت الأزمة السياسية الحالية ستنتهي بعد عودة الشخصيات المعارضة وتشكيل حكومة جديدة، لكن لا يمكن إنكار أن النظام السياسي في الكويت يحتاج إلى مزيد من الإصلاحات الديمقراطية لتحقيق الاستقرار في العلاقات بين الحكومة والبرلمان.
على سبيل المثال، في حين أن العملية الحالية هي بحيث أنه يمكن لنائب منتخب واحد فقط أن يشغل منصبًا في الحكومة، هناك الآن حديث عن توسيعها لتشمل ثلاثة أشخاص.
کذلك، أدى استمرار المأزق السياسي إلى زيادة ضرورة تنفيذ الإصلاحات ونقاط ضعف الاقتصاد الكلي. على سبيل المثال، وفقًا لصندوق النقد الدولي، تحتاج الكويت إلى إصلاحات لتقوية القطاع غير النفطي.
وبالنظر إلى الوضع الديموغرافي، سيدخل أكثر من 100 ألف شاب إلى القوى العاملة على المدى المتوسط، ومع التقاعد سيتعين خلق حوالي 64 ألف فرصة عمل جديدة.
ولذلك، وبالنظر إلى الضغوط المالية التي تحد من التوظيف في القطاع العام، يجب أن يتضاعف نمو الاقتصاد غير النفطي لتوفير فرص كافية للقطاع الخاص للباحثين عن عمل.
هذا في حين أن التقديرات تشير إلى أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للكويت قد انكمش بنسبة 8.9 في المائة في عام 2020، وبلغ القطاع غير النفطي -7.5 في المائة والقطاع النفطي بنسبة -9.8 في المائة.
علی صعيد متصل، تدهور الرصيد المالي(بما في ذلك دخل الاستثمار) بشكل حاد في السنة المالية 2020/21، إلى عجز قدره 15.4٪ من الناتج المحلي الإجمالي، مما يعكس انخفاض الإيرادات النفطية وتدابير الدعم المالي للتخفيف من آثار جائحة كورونا، وتراجع النشاط الاقتصادي.
لكن التحركات الأخيرة التي اتخذتها الإدارة العليا في البلاد لحل المأزق السياسي، عززت الآمال في التغلب على الأزمة الاقتصادية.
ووفقًا لصندوق النقد الدولي، من المتوقع أن يتحسن الميزان المالي الكويتي بأكثر من 2.0٪ من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2021/202، ويرجع ذلك أساسًا إلى ارتفاع عائدات النفط بسبب ارتفاع أسعار النفط.