الوقت- أثارت تصريحات "جورج قرداحي" خلال برنامج "برلمان الشعب"، موجة من اللوم، لما قد يكون لها من آثار سلبية لعلاقات لبنان مع دول تحالف العدوان وخصوصاً مع المملكة العربية السعودية. وعرض البرنامج في موقعه الالكتروني، مقابلة مع وزير الإعلام اللبناني "جورج قرداحي" قبل توليه وزارة الإعلام، والتي انتهت بحجب الثقة من قبل الأعضاء قبل تحويلها إلى استفتاء شعبي حيث يقوم المشاهدون بالتصويت. حيث اعتبر "قرداحي"، أن جماعة "أنصار الله" اليمنية، يدافعون عن أنفسهم ولم يعتدوا على أحد، مشيراً إلى أن الحرب في اليمن عبثية ويجب أن تتوقف. وقال إن "الحوثي يدافع عن نفسه في وجه اعتداء خارجي على اليمن منذ سنوات". وتعرض "جورج قرداحي" لهجوم واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.
وزاد من حدة انتقادات السعوديين لـ"جورج قرداحي" خاصة أنه ظهر في حلقة تاريخية من البرنامج خلال فعاليات موسم الرياض واحتفالا بمرور 30 عام على تأسيس القناة منذ أيام قليلة. ولقد رد وزير الإعلام اللبناني "جورج قرداحي"، على الضجة التي أثارتها تصريحاته حول الحرب في اليمن، وقال قرداحي، في بيان نشره عبر صفحته الرسمية على "فيسبوك"، إن هذه التصريحات كانت في مقابلة مع قناة الجزيرة في الخامس من شهر أغسطس/ آب الماضي، قبل شهر من تعيينه وزيرًا في حكومة الرئيس ميقاتي، مؤكدا أنه لم يقصد بأي شكل من الأشكال، الإساءة للسعودية أو الامارات اللتين يكن لقيادتيهما ولشعبيهما كل الحب والوفاء. وأضاف أن "ما قاله بأن حرب اليمن أصبحت حربًا عبثية يجب أن تتوقف، كان عن قناعة"، معربًا عن تمنياته بأن تكون الضجة التي أثيرت حول كلامه، سببًا في إيقاف هذه الحرب المؤذية لليمن، ولكل من السعودية والامارات. كما رفض وزير الإعلام اللبناني "جورج قرداحي" الاعتذار لدول تحالف العدوان العربي، بعد تصريحاته الاخيرة، قائلا "إنه لم يخطئ ليعتذر". وبشأن دعوات الاستقالة التي ضج بها لبنان، قال "قرداحي": "أنا جزء من حكومة متراصة وموحدة وهكذا قرار لا يمكن أن أتخذه لوحدي". ومضى الوزير اللبناني قائلا: "لا يجوز أن يكون هناك من يُملي علينا ما يجب القيام به من بقاء وزير في الحكومة من عدمه".
وعلى صعيد متصل، وجهت جماعة "أنصار الله" اليمنية، اليوم السبت، رسالة إلى الشعب اللبناني بعد إعلان السعودية سحب سفيرها من لبنان وطرد السفير اللبناني من الرياض، كما قررت منع الواردات اللبنانية، وذلك على خلفية تصريحات لوزير الإعلام اللبناني طالب فيها بإنهاء الحرب على اليمن. وقال رئيس وفد صنعاء "محمد عبدالسلام"، إن "الإمعان السعودي في سياسة الاستعلاء والغطرسة لا يغطي على ما آل إليه العدوان على اليمن من فشل ذريع"، موجها رسالة إلى الشعب اللبناني قائلا: "لا يروعنك ما يفعله النظام السعودي فهو يكشر بلا أنياب بعد أن تكسرت على نصال اليمن". وأعلنت السعودية اليوم سحب سفيرها من لبنان وطرد السفير اللبناني من الرياض، كما قررت منع الواردات اللبنانية، وذلك على خلفية تصريحات لوزير الإعلام اللبناني "جورج القرداحي" الذي وصف الحرب على اليمن بالعبثية.
وعلى نفس هذا المنوال، أشاد وزير الإعلام في حكومة صنعاء، "ضيف الله الشامي"، بما وصفه بـ"الموقف الحر والمشرف" لوزير الإعلام اللبناني "جورج قرداحي"، بشأن العدوان على اليمن، والتي اعتبرها "حرباً عبثية يجب أن تتوقف". واستنكر الوزير "الشامي"، في تصريح إلى وكالة الأنباء اليمنية، الهجمة التي تعرّض لها الوزير اللبناني على خلفية موقفه الذي عبّر عنه من خلال إحدى القنوات الفضائية، وتأكيده استمرار موقفه من الحرب على اليمن. كما استغرب وزير الإعلام اليمني الحملة التي يتعرض لها الوزير "قرداحي" من قبل "المأزومين والمنخرطين في صف تحالف العدوان الأميركي السعودي على اليمن، وأيضاً المؤيدين للتطبيع مع العدو الصهيوني". وأشار إلى أن "حديث الوزير قرداحي لا يتضمن إساءة إلى أي دولة كما يحاول البعض تصويره، وعلى رأسهم النظام السعودي ومرتزقته"، مشدداً على "أهمية احترام حرية الرأي والتعبير التي كفلتها المواثيق والقوانين الدولية والوطنية". كذلك لفت "الشامي" إلى أن الإعلامي العربي "قرداحي"، "تعرّض لمضايقات على خلفية آرائه ومواقفه الحرة التي تصبّ في صالح قضايا الأمة وعدم التدخل في شؤون الدول". ودعا "الشامي"، "الإعلاميين الأحرار إلى أن يكون لهم موقف إزاء ما يتعرّض له اليمن من عدوان وحصار"، داعياً الوسط الإعلامي والناشطين إلى "التضامن مع الوزير قرداحي تجاه ما يتعرّض له من هجمة إعلامية غير مبررة".
تضامن عربي واسع مع الوزير اللبناني "جورج قرداحي"
بعد تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لمشاركة وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي، ضيفاً في برنامج "برلمان الشباب"، وما أحدثته هذه المقابلة من تصعيد سعودي ضد لبنان، تفاعل ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مع هذا الخبر في العديد من الدول العربية. حيث تصدر وسم #مع_جورج_قرداحي_ضد_الترهيب، واعتبر الناشطون أن "من حق أي إنسان في العالم أن يعبّر عن رأيه"، وأشاروا إلى أن "الحرب على اليمن هي حرب عبثية فعلاً كما قال الوزير اللبناني". وقال المتضامنون مع الوزير اللبناني إنه "يجب أن لا يحاسب على ما سبق صفته الرسمية في الحكومة"، قائلين إن "ما صدر قبل ذلك مواقف شخصية يتحمّل مسؤوليتها كفرد وليس كعضو في الحكومة، ما دام ملتزماً بسياسة الدولة".
وطلب ناشطون من الوزير عدم الاعتذار من السعودية ولا الاستقالة من منصبه، معتبرين أن "دونالد ترامب أهان المملكة بما فيه الكفاية ولم يتجرّأ أحد على الطلب من واشنطن تقديم الاعتذار". وعبّر آخرون عن سعادتهم بتمسّك الوزير اللبناني بمواقفه وإصراره على عدم الاعتذار، خصوصاً أنه لم يهن النظام السعودي بل انتقد الحرب على اليمن. وبعد قرار طرد السفير اللبناني من السعودية، قال أحد الناشطين إنه "إذا صح ما يقال عن أن السعودية طردت سفير لبنان لأن قرداحي وصف الحرب على اليمن بالعبثية، نتمنى أن يطردوا ممثل الأمم المتحدة، لأن الأمين العام أيضاً قال إن الحرب على اليمن عبثية". ومن مصر، أبدى ناشطون احتراماً كبيراً لكلام الوزير اللبناني جورج قرداحي، وأرفقوا تغريداتهم بوسم #جورج_قرداحي_يمثلني.
وفي اليمن، أعجب مغردون بما وصفوه بـ"ثبات قرداحي على المبدأ" بعد أن رفض الاعتذار عمّا قال واكتفى بالتوضيح. ولفت أحد الناشطين إلى أن "قرداحي قال كلمته ولم يخف من أي إنسان، بل قال كلمة حق". ووجّه ناشطون له التحايا من اليمن. كذلك، أطلق ناشطون عراقيون وسم #تحية_عراقية_لقرداحي، معبّرين عن "تضامنهم الكامل معه في وجه القمع السعودي". ونشرت ناشطة صوراً تظهر نتائج الحصار السعودي على الشعب اليمني، والذي يحرمهم من الحصول على أدنى حقوقهم مثل الطبابة والطعام، مرفقة الصور بعبارة: "نتائج تحالف العدوان الذي تقوده السعودية على اليمن تحت مسمى إعادة الشرعية المزعومة!" أما الناشط يحيى الحديد فقال: "عندما اعتقلت السعودية رئيس وزراء لبنان الأسبق سعد الحريري وعذبته، لم يطالبها أحد بالاعتذار، ولكن عندما انتقد جورج قرداحي حرب اليمن وقفت حكومات الخليج وأعلامها على رجل ونص تطالب بإقالته من منصبه"، متسائلاً ما إذا كانت هذه هي السيادة التي يطالبون الآخرين باحترامها؟" وقال عبد الغني علي الزبيدي إنه "إذا تم إقالة جورج قرداحي من منصبه فأنا أتمنى على الحكومة اليمنية في صنعاء منحه الجنسية اليمنية وتعيينه في منصب ولو شرفي بحكومة صنعاء وصرف كامل المستحقات التي يستلمها في منصبه بلبنان" مضيفاً أن تلك الخطة تعتبر "رسالة للسعودية أن اليمن لا تتخلى عن الاحرار".
وفي المقابل، ذكرت صحيفة "عكاظ" السعودية أن إدارة مجموعة "إم بي سي" (MBC) الإعلامية المملوكة للحكومة السعودية، تتجه لإغلاق مكاتبها في لبنان نهائيا ونقل معداتها إلى الرياض، وذلك في أعقاب تصريحات أدلى بها وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي دافع فيها عن حركة "أنصار الله"، بينما عبرت حكومة صنعاء يوم الأربعاء الماضي عن تضامنها مع "قرداحي" في مواجهة سيل الانتقادات التي وجهت إليه بسبب تصريحاته. وأوردت الصحيفة السعودية في موقعها أمس أن رئيس مجلس إدارة مجموعة "إم بي سي" الاستاذ "وليد بن إبراهيم آل إبراهيم"، استنكر تصريحات "قرداحي" واتهاماته التي وصفت بالمغرضة واستهدفت السعودية والإمارات. وزعم رئيس مجلس إدارة أكبر شركة إعلامية في الشرق الأوسط أن مواقف وزير الإعلام اللبناني "مستغربة جدا وغير مقبولة بتاتا".