الوقت - غادر وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، متوجهاً إلى العاصمة اللبنانية بيروت، أثناء جولة إقليمية مهمة جداً، الأربعاء الماضي، وعقد عدة اجتماعات ومشاورات دبلوماسية مع مختلف المسؤولين اللبنانيين.
بسبب مخاوف واستياء مختلف الجهات الفاعلة من تقارب العلاقات بين طهران وبيروت، وتطور هذه العلاقات بعد إرسال شحنات الوقود من إيران إلى لبنان، الأمر الذي جعل اللبنانيين سعداء بانتهاء أزمة المحروقات، كانت هذه الزيارة في مركز الاهتمام السياسي والإعلامي في المنطقة.
ذلك أنه من وجهة نظر المراقبين الأجانب، فإن الترحيب بوزير الخارجية الإيراني يشير إلى مناورة القوة الإقليمية لطهران، ووحدة محور المقاومة التي لا تنفصم، واحتفال بالتعاون لتجاوز التحديات والمؤامرات.
التقى عبداللهيان خلال زيارته للبنان برئيس الجمهورية، إضافةً إلى وزير الخارجية، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الوزراء ميقاتي، ما يدل على أهمية العلاقات مع إيران بالنسبة إلی لبنان.
عبداللهيان حامل رسالة السلام والاستقرار والصداقة للبنان
تأتي زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى لبنان في أعقاب حدثين مهمين للغاية في لبنان، وهما عنصران أساسيان في تحليل أبعاد الزيارة وأهميتها.
أولاً، بعد 13 شهرًا من الأزمة السياسية وعدم اليقين السياسي في بيروت، والعجز في تشكيل الحكومة وسط انقسامات سياسية واسعة النطاق، تمكن نجيب ميقاتي أخيرًا من إنهاء حالة الجمود وتشكيل حكومة جديدة بحضور قوي للمقاومة.
وكانت إيران من أوائل الأطراف الإقليمية والدولية التي دعمت ورحبت بتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، وتعدّ زيارة وزير الخارجية الإيراني إحدى أولى زيارات كبار المسؤولين الأجانب إلى لبنان، مما يدل على دعم إيران الكامل لعمل الحكومة الجديدة لحل التحديات الاقتصادية الكبرى التي تواجهها.
من جهة أخرى، جاءت زيارة أمير عبداللهيان بعد أن تمكنت شحنات الوقود المرسلة من إيران من إعادة الحياة إلی عجلات السيارات وتوربينات محطات الكهرباء، ونتيجةً لذلك، تدفقت الحياة بشكل طبيعي إلى لبنان بعد أسابيع من أزمة الوقود.
إن أزمة الوقود في الأشهر الأخيرة جعلت من الصعب للغاية على اللبنانيين التعامل مع الوضع الاقتصادي المتردي في لبنان، والذي عطل التدفق الطبيعي للحياة في البلاد.
أما الآن، وبعد إرسال شحنات الوقود، سافر عبداللهيان إلى لبنان حاملاً بشرى سارة للبنانيين، وهي استعداد إيران لبناء محطتين جديدتين للطاقة في هذا البلد(في بيروت والجنوب)، فضلاً عن الاستعداد للمشاركة في إعادة إعمار مرفأ بيروت، الذي تدمر في انفجار العام الماضي.
وفي هذا السياق، فإن زيارة وزير الخارجية الإيراني، قبل كل شيء، رسالة إلى اللبنانيين والمنطقة مفادها بأن إيران تدعم الاستقرار، وتساعد بيروت على حل تحدياته السياسية والاقتصادية.
وفي هذا الصدد، وحول جدول أعمال هذه الزيارة، قال مازن إبراهيم، مدير مكتب قناة الجزيرة في لبنان، أن وزير الخارجية الإيراني أكد دبلوماسياً أن بلاده مستعدة لمساعدة لبنان إذا لزم الأمر لتجاوز الأزمة الحالية.
وفي السياق نفسه أيضًا، يمكن الإشارة إلى المشاورات المختلفة التي أجراها وزير الخارجية الإيراني مع المسؤولين اللبنانيين حول تقدم المحادثات بين طهران والرياض، كخطوة أخرى تؤكد الرسالة المذكورة أعلاه.
وبالنظر إلى أن الجانب السعودي في السنوات الأخيرة قد خلق بأشكال مختلفة أزمات متعددة في لبنان لتحدي حزب الله، تماشياً مع التنافس الإقليمي مع محور المقاومة، يأمل المسؤولون اللبنانيون أن يكون لتهدئة التوترات بين طهران والرياض أثر إيجابي على الوضع المتأزم في هذا البلد.
تحالف محور المقاومة المناهض للصهيونية
بالتأكيد، البعد الآخر لرسالة وأبعاد زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى لبنان مرتبط بالکيان الصهيوني، الذي يرصد نتائج زيارة أمير عبد اللهيان إلى لبنان بحساسية وخوف من الوجود المتزايد للنفوذ الإيراني بالقرب من حدوده.
إلتقى أمير عبداللهيان خلال هذه الزيارة بقادة الفصائل الفلسطينية(الجهاد الإسلامي) وكذلك السيد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله في لبنان، وأعلن استمرار دعم إيران الكامل للمقاومة ضد الکيان الصهيوني.
تظهر هذه اللقاءات الصلة التي لا تنفصم بين الحلفاء في محور المقاومة في المنطقة، وزيادة التنسيق تماشياً مع التطورات في المنطقة وما يحدث في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وهكذا، بينما يحاول الکيان الصهيوني يائسًا إيجاد موطئ قدم له بالقرب من حدود الجمهورية الإسلامية لخلق توازن قوى، لکن وجود وزير الخارجية الإيراني في بيروت ولقاءاته مع قادة المقاومة اللبنانية والفلسطينية، يزيد من ضغط الحزام الأمني الذي يحيط بالكيان الصهيوني.