الوقت - بينما تصاعدت التوترات الحدودية بين أذربيجان وأرمينيا في الأسابيع الأخيرة بشأن أزمة ناغورنو كاراباخ، في أعقاب تحركات باكو لإجراء مناورات عسكرية مشتركة مع تركيا، وامتدت هذه التوترات إلى علاقات باكو مع جمهورية إيران الإسلامية من خلال تدخل أطراف إقليمية وعبر إقليمية أخرى؛ وصل وزير الخارجية الأرميني(الاثنين الماضي) إلى طهران في زيارة مهمة.
دور إيران في تحقيق الاستقرار في نزاع ناغورنو كاراباخ
لا شك في أن جزءًا مهمًا من الاهتمام بزيارة وزير الخارجية الأرميني أرارات ميرزويان إلى طهران، يدور حول أزمة ناغورنو كاراباخ والتوترات الأخيرة بين طهران وباكو.
لقد قامت إيران بجهود وساطة دبلوماسية مكثفة خلال حرب ناغورنو كاراباخ الأخيرة، للحفاظ على السلام والاستقرار الإقليميين ومنع انتشار الحرب. وفي الوقت نفسه، دافعت عن ضرورة إعادة أراضي ناغورني كاراباخ المحتلة إلى باكو، وفقاً للقرارات الدولية والسياسة المبدئية المتمثلة في الدفاع عن وحدة أراضي أذربيجان.
وخلال هذه الأزمة، شددت إيران أيضًا على ضرورة عدم تدخل الجهات الفاعلة الإقليمية وعبر الإقليمية، التي تسعى إلى خلق الانقسام والأزمة في علاقات دول الجوار، لخدمة مصالحها الخاصة.
على سبيل المثال، يعمل الکيان الصهيوني منذ سنوات على مواجهة نمو الإسلاموية وخطاب الثورة الإسلامية في المنطقة، وكذلك كسر عزلته الجيوسياسية وخلق انعدام الأمن على حدود إيران، وإثارة توترات عرقية وطائفية في المنطقة.
من ناحية أخرى، خلال حرب ناغورنو كاراباخ الأخيرة، كانت هناك العديد من التقارير الموثقة عن إرسال إرهابيين من سوريا إلى منطقة ناغورنو كاراباخ تحت إشراف المخابرات التركية، ما أثار العديد من التحذيرات الإيرانية.
هذه السياسة والمبادئ العامة التي تسعى للحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة، لا تزال مستمرةً، وقد صرحت إيران بأنها لن تتسامح مع تغييرات في الحدود الدولية من شأنها زعزعة استقرار المنطقة وتهديد مصالح دول الجوار، وخاصةً إيران.
کما أدت هذه السياسة المبدئية أيضًا إلى أن تعترف الحكومة الأرمينية، التي كانت غير راضية بطبيعة الحال عن موقف إيران بشأن الحاجة إلى إعادة الأراضي المحتلة إلى أذربيجان، بموقف إيران الخالق للاستقرار في المنطقة، من خلال إرسال وزير خارجيتها إلى طهران.
لا شك أن إيران حافظت على موقفها الحيادي، والتصرفات غير الودية والمواقف غير المهنية لحكومة باكو مع استفزازات الکيان الصهيوني، هي التي جعلت طهران ترى ضرورة اتخاذ بعض الإجراءات الاحترازية، لتقويض الأحلام الإقليمية وعبر الإقليمية في تعريض الاستقرار الإقليمي ومصالح إيران الوطنية للخطر.
تعزيز العلاقات بين طهران ويريفان
يعتبر وجود وزير الخارجية الأرميني "أرارات ميرزويان" في إيران مهمًا جدًا من حيث العلاقات الثنائية بين طهران ويريفان.
منذ استقلال أرمينيا عن الاتحاد السوفيتي السابق في التسعينيات، أقيمت علاقات ودية بين طهران ويريفان. وتتمتع جمهورية إيران الإسلامية بتعاون اقتصادي مكثف مع جمهوريات جنوب القوقاز، بما في ذلك أرمينيا، بسبب العلاقات التاريخية بين البلدين وإرادة كلا الجانبين وامتياز الجوار.
لذلك، وبسبب المصالح المشتركة للجانبين، كان تعزيز العلاقات الاقتصادية دائمًا من بين أهداف المشاورات السياسية بين مسؤولي البلدين.
من ناحية أخری، تتمتع الدولتان بقدرات جيدة لتوسيع التعاون الاقتصادي، من بينها إمکانات واحتياجات أرمينيا في مجالات الطاقة والنقل والصناعات والمناجم والعمالة الرخيصة، والخبرة والتكنولوجيا في صناعة القطع الأثرية والموقع الجغرافي لهذا البلد من جهة والموقع المناسب لإيران من جهة أخری، خبرة إيران وتجربتها في مجال التعدين وامتلاكها لأحدث التقنيات لإنتاج بعض السلع، وموارد الطاقة الغنية وطرق النقل الواسعة.
جعلت الحكومة الإيرانية الجديدة من سياسة تعزيز التعاون الاقتصادي وتحسين العلاقات السياسية مع جيرانها أولويةً في أجندة سياستها الخارجية، وكانت منطقة آسيا الوسطى الوجهة الخارجية الأولى للدكتور إبراهيم رئيسي لحضور قمة شنغهاي السنوية.
في الوقت الحالي، مستوى العلاقات الاقتصادية بين طهران ويريفان ليس کبيراً مثل القدرات الاقتصادية الحالية للبلدين، والرحلات الدبلوماسية بحضور المسؤولين والشخصيات الاقتصادية ضرورية لاستكشاف سبل تعزيز التعاون الاقتصادي.
وفي مايو من هذا العام، صرح هيرفيك ياريجانيان، رئيس غرفة التجارة المشتركة بين إيران وأرمينيا، أن التجارة بين إيران وأرمينيا قد تقلبت لتصل إلى 500 مليون دولار في السنوات الأخيرة، قائلاً: "قريباً، سيتم إنشاء منطقة قري الحرة في أرمينيا بجوار منطقة أراس الحرة في إيران، ما قد يزيد من حجم التبادلات بين البلدين".
وأضاف: "هذا الجوار يوفر المزيد من الشروط الأفضل لكلا البلدين لتسهيل التبادلات، ويمكن أن يزيد التجارة بين البلدين إلى 1.2 مليار دولار في أقل من عام".
بطبيعة الحال، إن توسع العلاقات الاقتصادية وتشكيل التشابك في البنية الاقتصادية للمنطقة، إضافة إلى نتائجه التنموية العظيمة لجميع دول المنطقة، سيكون فعالاً للغاية في تخفيف التوترات السياسية، ومنع التوترات من التحول إلى أزمات.