الوقت - تنعقد قمة منظمة شنغهاي للتعاون يومي 16 و 17 سبتمبر 2021 في دوشانبي، عاصمة طاجيكستان. وغادر الرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي طهران متوجهاً إلى دوشانبي بدعوة من الرئيس الطاجيكي "إمام علي رحمن" ورئيس منظمة شنغهاي للتعاون على رأس وفد سياسي واقتصادي رفيع المستوى.
ووفقًا لمصادر إخبارية، كان من بين الأجندات المهمة في قمة شنغهاي الأخيرة مراجعة اتفاق الأعضاء لبدء مراجعة عملية عضوية إيران في هذه المنظمة الإقليمية المهمة كعضو دائم. وفي النهاية، بموافقة الأعضاء الدائمين في هذه المنظمة، تم قبول إيران كعضو دائم جديد.
ويعتقد العديد من المراقبين السياسيين الآن أن استكمال عضوية إيران الدائمة في منظمة شنغهاي للتعاون، سيحقق إنجازات وإمكانات عظيمة لجمهورية إيران الإسلامية. ومن أجل معالجة هذه القضية، يدرس هذا المقال أيضًا فوائد قبول عضوية إيران الدائمة في منظمة شنغهاي للتعاون.
عملية عضوية إيران في شنغهاي
على الرغم من إنشاء منظمة شنغهاي للتعاون رسميًا في يونيو 2005 من قبل الصين وروسيا وكازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان، لكن يجب اعتبار الأساس الرئيسي لإنشاء هذه المنظمة في منافسة القوى العظمى على منطقة آسيا الوسطى في فترة ما بعد الحرب الباردة(بعد عام 1991).
في 26 أبريل 1996، التقى قادة الصين وروسيا وكازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان في شنغهاي بالصين، تحت عنوان "شنغهاي 5" بهدف بناء الأمن على حدودهم، وأخيرًا وبعد خمسة اجتماعات سنوية، أعلنوا رسميًا إنشاء منظمة شنغهاي للتعاون في عام 2001.
تأسست هذه المنظمة بشكل أساسي دون أهداف عسكرية، في شكل تعاون أمني واقتصادي وثقافي متعدد الأطراف، بهدف تحقيق التوازن أمام نفوذ الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في المنطقة.
في الواقع، عضوية منظمة شنغهاي للتعاون منذ إنشائها وحتى الآن، لا تخلق التزامًا للأعضاء، على عكس منظمة حلف شمال الأطلسي(الناتو) في مجال التعاون العسكري.
وبالنظر إلى ترسيخ مكانة هذه المنظمة بعد أربع سنوات من إنشائها وموقع إيران الخاص في آسيا الوسطى، تابعت طهران محادثات العضوية في هذه المنظمة. وأخيرًا، في عام 2005، تم قبول إيران كعضو مراقب في هذه المنظمة.
انضمت منغوليا إلى المنظمة في عام 2004، وبعد ذلك بعام انضمت إيران وباكستان والهند وأفغانستان في عام 2005 كعضو مراقب، ثم جاء دور بيلاروسيا. كما أصبحت الهند وباكستان عضوين دائمين في المنظمة في عام 2017.
وهکذا، فإن منظمة شنغهاي للتعاون لديها الآن ثمانية أعضاء دائمين: الهند وكازاخستان والصين وقيرغيزستان وباكستان وروسيا وطاجيكستان وأوزبكستان، وأربع دول هي أفغانستان وبيلاروسيا وإيران ومنغوليا كعضو مراقب، وست دول هي أذربيجان وأرمينيا ومملكة كمبوديا ونيبال وتركيا وسريلانكا کشركاء في الحوار.
في السنوات التي تلت عام 2005، أثيرت مسألة قبول عضوية إيران الدائمة في منظمة شنغهاي للتعاون لفترة طويلة، لكن حتى يوليو 2015 وبعد توقيع خطة العمل المشتركة الشاملة بين طهران ودول 5 + 1، كانت العقوبات الدولية وقرارات مجلس الأمن تشكل عائقًا قانونيًا وسياسيًا أمام انضمام إيران.
ولكن بعد أن أصدر مجلس الأمن الدولي القرار رقم 223، تم اتخاذ الخطوة الجادة الأولى لعضوية إيران في منظمة شنغهاي للتعاون وإزالة عقبة قانونية رئيسية. في غضون ذلك، كان تقارب الحلفاء مع الأعضاء الدائمين في منظمة شنغهاي للتعاون، ذا أهمية قصوى ويبدو أنه أدى إلى نشوء الثقة المتبادلة.
وفي ضوء ذلك، في عام 2017، باءت محاولة إيران لتصبح عضوًا دائمًا في منظمة شنغهاي للتعاون، على الرغم من موافقة جميع الأعضاء، بالفشل بسبب معارضة طاجيكستان لمختلف الأسباب الأمنية والسياسية وغيرها.
لكن في الوضع الجديد، رأينا أن طاجيكستان أيضًا اتبعت نهجًا إيجابيًا تجاه عضوية طهران الدائمة، ووافقت على قبول عضوية إيران الدائمة. وأخيرًا، في 17 سبتمبر 2021، تم قبول العضوية الدائمة لإيران في منظمة شنغهاي للتعاون، باعتبارها الدولة التاسعة.
الفوائد المتبادلة لانضمام إيران إلى منظمة شنغهاي كعضو دائم
فيما يتعلق بفوائد انضمام إيران إلى منظمة شنغهاي، من الضروري قبل أي قضية أخرى معالجة الجوانب البارزة لأهمية منظمة شنغهاي، والنظر في فوائد عضوية إيران الدائمة من داخل هذه المستويات. وفيما يرتبط بأهم السمات البارزة لمنظمة شنغهاي، يمكن ذكر ما يلي.
1. تحتل الدول الأعضاء والمراقبون في منظمة شنغهاي للتعاون المرتبة الأولى کأكبر منتج ومستهلك للطاقة في العالم. وهذا يدل على أن هذه المنظمة يمكن أن تنشئ تعاونًا وثيقًا بين الأعضاء في مجال صادرات وواردات الطاقة من ناحية، ومن ناحية أخرى، يمکن أن يكون لها تأثير كبير على أسعار الطاقة والأسواق في جميع أنحاء العالم. ويمكن لإيران، بصفتها عضوًا دائمًا في منظمة شنغهاي للتعاون، أن تتمتع أيضًا بفوائد تصدير النفط والغاز لأعضائها. وفي الواقع، يمكن تسهيل عملية بيع وإرجاع عائدات صادرات الطاقة بشكل كبير.
2. تشكل الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون والدول المراقبة معًا حوالي نصف سكان العالم وربع مساحة اليابسة في العالم. ويمكن لهذه القضية في البداية أن تخلق سوقًا كبيرةً اقتصاديًا للأعضاء للتعاون مع بعضهم البعض، وتسهيل وتعزيز التعاون التجاري والاقتصادي مع بعضهم البعض. وفي المرحلة التالية، يمكن أن تكون هذه الإمكانات الديموغرافية والإقليمية فعالةً للغاية في تغيير ميزان القوى وخلق توازن القوى على المستوى العالمي. وبالتالي، فإن عضوية إيران الدائمة في منظمة شنغهاي للتعاون، يمكن أن تكون إيجابيةً ومثمرةً للغاية في زيادة مستوى الصادرات غير النفطية. في الوقت الحالي، تعدّ صادرات إيران غير النفطية إلى شرق آسيا وآسيا الوسطى صغيرةً جدًا ولا تتجاوز عدة مليارات من الدولارات، لكن عضوية إيران الدائمة في هذه المنظمة يمكن أن تزيد بشكل كبير من عائدات التجارة الإيرانية.
3. منظمة شنغهاي للتعاون هي إحدى المنظمات القليلة التي لا تشارك فيها الدول الغربية في هيكل عضويتها وعملية إدارتها وصنع القرار فيها. في الواقع، الطبيعة الأساسية لهذه المؤسسة هي في اتجاه المواجهة مع الغرب والمؤسسات التابعة له مثل الناتو. وفي هذا الصدد، نرى أن منظمة شنغهاي للتعاون رفضت في عام 2005 عرضًا أمريكيًا للانضمام إلى المنظمة، مما يدل على الموقف الأمني والسياسي والاقتصادي الشامل للأعضاء تجاه مواجهة الغرب. وفي مثل هذه الحالة، يمكن لعضوية إيران الدائمة في هذه المنظمة أن تعزز بشكل كبير الطبيعة المعادية للغرب وفصل هذه المنظمة عن عالم الحضارة الأطلسية.
4. على مستوى آخر، تتناول المادة 6 من ميثاق منظمة شنغهاي للتعاون عددًا من الالتزامات لأعضائها الدائمين في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والمالية والأمنية، والتي يعتبر بعض الخبراء أنها ضامنة لزيادة أمن الأعضاء. ولذلك، يمكن القول إن العضوية الدائمة في منظمة شنغهاي للتعاون يمكن أن تلعب دورًا إيجابيًا في تعزيز الأمن القومي لإيران.
5. على المستوى الخامس، ستعني عضوية إيران في منظمة شنغهاي للتعاون الانتقال من نهج حصر تركيز جهاز السياسة الخارجية الإيرانية على الاتفاق مع الغرب. وبعبارة أخرى، في السنوات السابقة، كان تركيز الجهاز الدبلوماسي على الحاجة إلى تنفيذ الاتفاق النووي والاتفاق مع الغرب، لكن في الوضع الجديد يمكن لإيران زيادة تعاونها الثنائي مع الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون على مستويات مختلفة، من خلال اتباع نهج "التحوُّل شرقاً". وفي المستقبل القريب، يمكن أن ينعكس ذلك في شكل إبرام العديد من الاتفاقيات التجارية والترانزيتية وحتى الأمنية الثنائية مع دول مختلفة في هذه المنطقة.
بالإضافة إلى مزايا عضوية إيران الدائمة في منظمة شنغهاي للتعاون، يمكن لعضوية إيران في هذه المنظمة أن تلعب دورًا فعالاً في تسهيل واردات الطاقة إلى شرق آسيا.
في العقود الأخيرة، كانت الصين أهم مركز لتصدير النفط الإيراني، وقد أقامت دول أخرى، مثل الهند وباكستان، علاقات وثيقة مع طهران في شراء الغاز والنفط من إيران. والآن، بعد عضوية إيران في هذه المنظمة، يمكن تقييم عملية تصدير النفط وتلبية احتياجات الدول الأعضاء على أنها أكثر سهولةً.
من ناحية أخرى، فإن دور إيران البارز في مكافحة الإرهاب وعدم الاستقرار، كقوة إقليمية لا جدال فيها في منطقة غرب آسيا والخليج الفارسي الحساسة، مهم للغاية بالنسبة للدول الأعضاء في شنغهاي، وخاصةً الصين.
کما أنه من المؤكد أن إحدی العقبات والتحديات الرئيسية لتنمية العلاقات التجارية والاقتصادية بين شرق آسيا وآسيا الوسطى ثم أوروبا، هو التهديد الذي يشکله انعدام الأمن وعدم الاستقرار.
علی صعيد آخر، فإن دور إيران في مواجهة التدخلات الغربية عبر الإقليمية في الخليج الفارسي وغرب آسيا بشكل عام مهم جدًا بالنسبة للصينيين، الذين أسسوا تطوير هيمنتهم الاقتصادية المستقبلية على تطوير التجارة البحرية(على سبيل المثال، استثمار بقيمة 400 مليار دولار في ميناء جوادر الباكستاني).
يعدّ ضمان الوصول إلى مصادر الطاقة المستدامة والآمنة حاجةً واهتمامًا مهمًا للاقتصادات الكبيرة، وبالنظر إلى جهود المنافسين الغربيين للسيطرة على شرايين الطاقة في العالم، وخاصةً الشرق الأوسط، ستستفيد الصين من تطوير التعاون مع إيران كدولة مستقلة ومنافسة للغرب بموارد طاقة كبيرة.