الوقت - رد حزب الله اللبناني يوم الجمعة الماضي على العدوان الإسرائيلي الأخير على الحدود الجنوبية للبنان.
بعد إطلاق عشرات الصواريخ على مواقع صهيونية، أعلن حزب الله اللبناني مسؤوليته عن الهجمات، قائلاً: في الساعة 11:15 صباح الجمعة، أطلق عشرات الصواريخ على مناطق حول القواعد الصهيونية في مزارع شبعا.
وفي هذا الصدد، قال حزب الله اللبناني: إن وحدات الشهيدين علي كامل محسن ومحمد قاسم طحان، استهدفت محيط مواقع المحتلين في مزارع شبعا. وجاء في بيان حزب الله: "تم تنفيذ الهجوم بعشرات الصواريخ من عيار 122 ملم. وجاءت هذه الهجمات الصاروخية رداً على الغارات الجوية الإسرائيلية على المناطق المفتوحة في منطقتي الجرمق والشواكر مساء الأربعاء المنصرم".
أثارت عملية حزب الله المفاجئة وهجماته على المواقع الصهيونية ردود فعل عديدة. وفي هذا الصدد، علقت حركة أنصار الله اليمنية على عملية المقاومة اللبنانية ضد الكيان الصهيوني. حيث أصدرت الحركة بيان تهنئة لحزب الله على عمليته الشجاعة ضد الكيان الصهيوني.
وجاء في البيان الصادر عن حركة أنصار الله اليمنية: "كان عمل حزب الله في استهداف مواقع الكيان الصهيوني رداً مشروعاً على اعتداءات الکيان العدواني. في اليمن ندعم عمليات المقاومة اللبنانية ضد الكيان الصهيوني."
كما قال رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، إن تطورات اليومين الماضيين أثبتت أن الصهاينة لا يفهمون إلا لغة القوة. وأضاف رئيس مجلس النواب اللبناني: أثبت الکيان الصهيوني مرةً أخرى أن العدوان جزء لا يتجزأ من طبيعته. والسبيل الوحيد لمواجهة الصهاينة هو الاعتماد على الوحدة والمقاومة.
من جهة أخرى، اتخذ الشيخ نعيم قاسم، نائب الأمين العام لحزب الله في لبنان، موقفًا من هجمات المقاومة ضد الصهاينة، واصفًا إياها بأنها تأتي في سياق إرساء قواعد الردع.
وأضاف: "رد فعل حزب الله كان في الحقيقة رداً على هجمات الکيان الصهيوني التي شاهدها العالم كله، ولا يمكننا السكوت عنها".
الحقيقة هي أن حزب الله اللبناني بعمليته المفاجئة ضد الكيان الصهيوني، قد أرسى مرةً أخرى معادلات المعركة مع الکيان الإسرائيلي. وفي الواقع، طبّق حزب الله عملياً مرةً أخرى معادلة "الصاروخ مقابل الصاروخ"، لإرسال رسالة إلى الصهاينة مفادها بأن أي عدوان لن يمر دون رد.
هذه هي معادلة الردع التي أقامتها المقاومة اللبنانية منذ سنوات حتى الآن. ولو بقي العدوان الصهيوني على الحدود اللبنانية دون رد، لكانت سلطات تل أبيب بلا شك قد كثفت الهجمات.
ولذلك، لعبت عملية حزب الله المفاجئة ورده القوي دورًا رادعًا، ومن المؤكد أن هذه العملية ستجعل الصهاينة يفكرون في العواقب والتداعيات قبل أي عدوان عسكري في المستقبل.
واللافت بشأن هجمات حزب الله الصاروخية على المواقع الإسرائيلية، هو ظهور ضعف وعدم كفاءة نظام القبة الحديدية مرةً أخری. فعلى الرغم من الدعاية الكثيرة للکيان الصهيوني حول قوة هذا النظام الصاروخي، لم تتمكن القبة الحديدية من اعتراض صواريخ حزب الله.
في غضون ذلك، لم تتمكن أجهزة الأمن والاستخبارات التابعة للکيان الصهيوني من معرفة عملية حزب الله الصاروخية قبل تنفيذها، وکأنها کانت في سبات عميق. وقد أظهر هذا في حد ذاته الضعف الواضح للمؤسسات الأمنية والاستخباراتية للکيان الصهيوني من جهة، والقوة الاستخباراتية لحزب الله من جهة أخرى.
وسائل إعلام الکيان الصهيوني نفسها اعترفت بضعف النظام الأمني والاستخباراتي في مواجهة المقاومة اللبنانية. طبعاً من نافلة القول إن الصهاينة هم من شنوا الاعتداءات العدوانية على الحدود اللبنانية، والمقاومة ردت علی الهجمات فحسب.
يبدو أن الکيان الصهيوني استهدف الحدود الجنوبية للبنان بالمدفعية والعدوان الجوي لإثارة الفوضى. إذ يدرك الصهاينة جيداً أن لبنان في طور تشكيل حكومة جديدة، ولذلك فهم يحاولون إحداث الفوضى في هذا البلد قبل أن يتسنى تحقيق الاستقرار السياسي الكامل. هذا في حين أن تل أبيب قد حاولت في السابق إثارة الاضطرابات في لبنان من خلال أدواتها الداخلية.
وفي هذا الصدد، يمكن الإشارة إلى أحداث منطقة "خلدة" جنوب بيروت، حيث يمكن رؤية بصمات الکيان الصهيوني فيها بوضوح.
يشار إلی أن منطقة خلدة قد شهدت أحداثًا عنيفةً قبل أيام، كان من الممكن أن تؤدي إلى أزمة كبيرة. إلا أن ضبط النفس من قبل حزب الله اللبناني والموقف الحكيم الذي اتخذته هذه المجموعة المقاومة، حالا دون أن تؤدي حالة انعدام الأمن في منطقة خلدة مؤخراً إلى أزمة واسعة النطاق.
الواقع أن هذا كان سيناريو الکيان الصهيوني الذي أراد جر حزب الله إلى صراعات وحرب أهلية خلال أحداث خلدة. لكن مواقف حزب الله الحكيمة منعت الكيان الصهيوني من تحقيق هذا الهدف.
وفي هذا الصدد، قال عضو مجلس النواب اللبناني حسن فضل الله، إن العديد من الأعمال الشريرة في لبنان، بما في ذلك أحداث منطقة خلدة، ينظمها الكيان الصهيوني.
حسب ما تقدم، فإن الصهاينة وبعد اليأس من جر حزب الله إلى حرب أهلية خلال أحداث خلدة، تبنوا سيناريو العدوان العسكري المباشر. يدرك المسؤولون الصهاينة أنفسهم جيداً أن سيناريو خلق فراغ سياسي في لبنان قد فشل. ولهذا السبب، وضعوا على جدول أعمالهم الآن سيناريو خلق فراغ أمني وعسكري في لبنان.
على أي حال، ما يبدو واضحًا هو أن القوة الصاروخية لحزب الله اللبناني أصبحت اليوم تهديدًا وجوديًا للکيان الصهيوني. ويعرف الصهاينة الآن جيداً أن حزب الله اللبناني مستعد في أي لحظة للرد على اعتداءات الکيان الصهيوني، وهذا بحد ذاته يعني تغيير ميزان القوى لمصلحة المقاومة اللبنانية.
