الوقت_ في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها سوريا وبالأخص من الناحية الاقتصاديّة، نتيجة العقوبات الأمريكيّة والغربيّة، تعقد العاصمة دمشق اليوم اجتماعات متابعة عمل “المؤتمر الدولي حول عودة اللاجئين السوريين” بمشاركة عربيّة ودوليّة، لإعادة ملف اللاجئين السوريين إلى الواجهة بعد أن أجبرتهم ظروف الحرب الظالمة على مغادرة بلادهم، حيث يتطلع اللاجئون السوريون للعودة إلى ديارهم، من خلال مؤتمر كُرس لإيجاد كل السبل لتسهيل عودتهم إلى وطنهم، رغم كل المحاولات الهدامة من بعض الدول المستفيدة من هذا الملف لإفشاله.
في ظل الظروف العصيبة في سوريا، إنّ الهدف الأساس من هذا المؤتمر هو الملف الإنسانيّ، وذلك بعد أكثر من 10 سنوات من الأحداث التي عصفت بسوريا في 15/3/2011 امتداداً لما سميّ "الربيع العربي"، بالتزامن مع أوضاع معيشيّة واقتصاديّة مأساويّة لا يمكن وصفها إلا بـ "حرب لقمة العيش" التي يعيشها الشعب السوريّ المقاوم للإرهاب بكل أشكاله وانواعه ويتحدى الإرهاب الأمريكيّ في البلاد وفي المحافل الدوليّة.
ولعقد الجولة الثانية من المؤتمر المختص بإعادة اللاجئين السوريين، وصل الوفد الروسيّ المشارك بالاجتماعات إلى دمشق، السبت الفائت، برئاسة ميخائيل ميزنتسييف، رئيس المركز الوطنيّ لإدارة الدفاع الروسيّة ورئيس الهيئة التنسيقيّة لعودة المهجّرين السوريين إلى بلادهم، إلى جانب مبعوث الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف، حيث يُعد ملف اللاجئين السوريين من الملفات المهمة والحساسة التي اشتغل عليها الأتراك والأمريكيون إضافة لبعض الأطراف الاستخباراتيّة من خلال نصب أعين الاستغلاليين تحت وطأة السياسة، وتسويقها على منهج مصالحهم الدمويّة ليستفيدوا منها سياسيّاً وعسكريّاً بغلاف إنسانيّ كاذب، رغم أنّ سوريا لم تتجاهل أبداً هذا الملف الذي يعنيها أكثر من أي أحد، في ظل حملة إعلاميّة مسعورة تروج فيديوهات مسيئة كان قد تم تسويقها عن طريق الغرف السوداء لتضليل الحقائق المتباينة في هذا الملف، حتى أصبح له عدة أوجه منها الابتزاز والتزوير.
أيضاً، قدمت الحكومة السورية التسهيلات والضمانات لعودة الآلاف من اللاجئين، لكن الولايات المتحدة قامت باستغلال هذا الملف لتحقيق مصالحها تماماً كما فعلت تركيا التي خلقت نظاماً استغلاليّاً في الداخل التركيّ لضرب أيّ رابطة تتعلق بهذا الملف، لتستفيد منه كورقة ضغط سياسيّة ودعاية انتخابيّة الخاسر الأول والأخير فيهما اللاجئون المتعبون هنا وهناك، بعد أن تحملوا الكثير من المآسي في واحدة من أشد الحروب الدمويّة التي مرت في تاريخ البلاد.
يشار إلى أنّ الجولة الأولى لمؤتمر اللاجئين السوريين عُقدت في دمشق خلال نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بمشاركة دوليّة واسعة من إيران وروسيا والعراق ولبنان ودول أخرى، وقد كانت كلمة الرئيس السوريّ، بشار الأسد، واضحة بشأن أسباب اللجوء وأمور متعلقة بعدة جوانب منها الإرهاب الذي أجبرهم على النزوح، إضافة إلى العقوبات والحصار الاقتصاديّ وطرح أراء جديدة بالرغم من الضغوط الفاشلة التي مارستها بعض الدول.
كذلك، تضمن البيان الختاميّ السابق التأكيد على الدعم الثابت لسيادة ووحدة أراضي الجمهورية العربية السورية ومواجهة كل المحاولات الرامية لتقويض سيادتها وسلامة أراضيها، والحزم في مكافحة الإرهاب في جميع بؤره والقضاء عليه بشكل كامل، والتشديد على أن حل الأزمة السورية هو سوريٌّ - سوريٌّ دون تدخلات خارجيّة، وأعربت الدول المشاركة آنذاك عن قلقها الكبير من ناحية الوضع الإنسانيّ وانتشار فيروس كورونا المستجد، فضلاً عن رفض جميع العقوبات أحادية الجانب على سوريا، والدعوة لدفع المجتمع الدوليّ للعمل على رفعها.
ومع التذكير بأنّ جراح السوريين نازفة منذ سنوات طويلة في الداخل والخارج، في ظل واقع معيشيّ لا تصفه الكلمات بعد أن ساهمت بعض الدول العربيّة والغربيّة في تدويل الأزمة وتشريد السوريين وتدمير ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم، يضرب هذا المؤتمر بأكثر من اتجاه لا يرضي أعداء هذا البلد المنهك من الحرب، لأن سوريا حصدت النصر وهم حصدوا الهزيمة، فيما يجسد أيضاً انتصاراً أخر يصطف الى جانب انتصارات الجيش العربي السوريّ، بدعم من الحلفاء وعلى وجه التحديد "محور المقاومة".
خلاصة القول، لا يمكن معالجة قضية اللاجئين السوريين إلا عبر إعطائهم الحق في العودة إلى ديارهم وتسهيل ذلك دون أيّ استغلال بشع، ودعم الحكومة السورية التي تملك القدرة على حمايتهم لتحقيق مطالب النازحين بالعودة، كما يجب على المجتمع الدوليّ دعم ومساعدة هذه القضية الحساسة بكل ما أوتيّ من قوة، ليتخلص ملايين السوريين من معاناة لحظيّة يعيشونها خارج وطنهم وبعيداً عن أهلهم.