الوقت- تعتبر طائرات الهليكوبتر الهجومية في دور الدعم الجوي القريب والعمليات المضادة للدروع، من بين الركائز المهمة والرئيسية في القوات القتالية في العالم اليوم. وفي إيران، نظرًا لاتساع نطاق التهديدات، يعدّ امتلاك أسطول كبير وحديث من طائرات الهليكوبتر الهجومية أحد الأولويات المهمة.
العمود الفقري لأسطول طائرات الهليكوبتر الهجومية الإيرانية هو طراز "كوبرا"، الذي تم شراؤه منذ عقود. وكانت هذه المروحية وقت تسليمها لإيران مقسمةً إلى نوعين، الأول هو القادر على حمل صواريخ تاو المضادة للدروع، والثاني من دون هذه القدرة. والأنواع التي کانت من دون الصواريخ، کانت تحمل قاذفات الصواريخ.
بعد الحرب المفروضة وبداية تطوير الوحدات القتالية للحرس الثوري الإيراني، أثيرت أيضًا مسألة تخصيص مروحيات لهذه القوة. وبالإضافة إلى مروحيات النقل الروسية الصنع من طراز Mi-17، تم تسليم عدد من طائرات الهليكوبتر التابعة للقوات الجوية للجيش الإيراني إلی الحرس الثوري.
كانت مروحيات كوبرا المقدمة للحرس الثوري الإيراني من النوعين المذکورين، أي القادر علی حمل صواريخ تاو والفاقد لهذه القدرة. ونظرًا للمجموعة الجديدة من التهديدات حول إيران والحاجة إلى ترقية وتحديث القدرات الحالية، أثيرت مسألة استبدال صواريخ تاو القديمة في مروحيات كوبرا لكل من الجيش والحرس الثوري الإيراني.
في السنوات الأخيرة، تم تطوير مجموعة واسعة من صواريخ جو-سطح لأسطول طائرات الهليكوبتر كوبرا التابع للجيش الإيراني، وکان تركيب صواريخ كورنيت المحمولة جواً وصواريخ "حيدر" و"شفق"، من بين الخطط التي تم تنفيذها حتى الآن في الجيش لتحسين القوة الهجومية لطائرات الهليكوبتر كوبرا.
لكن خلال تسليم الإنجازات الجديدة إلی القوات البرية للحرس الثوري الإيراني، تم نشر صور تتعلق بتزويد مروحية كوبرا التابعة لهذه القوة بسلاح إيراني جديد، وهو ما يبشر بعصر جديد في مجال الأسلحة الجوية في إيران.
صاروخ "قائم 114"؛ هيلفاير الإيراني
في فبراير 2019، أثناء تسليم سلسلة مروحيات تم إصلاحها إلى القوات المسلحة الإيرانية، نشرت صورة لطائرة هليكوبتر من طراز 214 تابعة للحرس الثوري الإيراني، تم تجهيزها بنظام استهداف تحت الأنف وصواريخ جو- أرض جديدة. هذا الصاروخ المسمى "قائم 114"، يشبه إلى حد بعيد في مظهره صاروخ "هيلفاير" الشهير.
وفي كانون الأول(ديسمبر) 2020، في معرض خاص بالبحرية الإيرانية، شوهد هذه المرة قاذفة لهذه الصواريخ، مما أظهر صورةً أوضح لهذا الصاروخ، وبيَّن بطريقة ما أن نظام الأسلحة الجديد هذا يستخدم ثلاثة أنواع من أنظمة التوجيه.
تجدر الإشارة إلى أن صناعة الدفاع الإيرانية صممت بوضوح نظامًا صاروخيًا يعتمد على تصميم ناجح وهو صاروخ هيلفاير، والذي يمكن تثبيته ليس فقط على طائرات الهليكوبتر الهجومية، بل أيضًا على طائرات الهليكوبتر متعددة المهام مثل سلسلة 214، ومع بعض التعديلات على منصات أخرى مثل الطائرات بدون طيار وحتى القاذفات السطحية.
يبلغ مدى هذا الصاروخ حوالي 10 كيلومترات، ويصل وزنه الإجمالي إلی 50 كيلوغراماً، کما يبلغ وزن رأسه الحربي حوالي 15 كيلوغراماً.
قبل مناقشة أنظمة التوجيه لهذه الصواريخ، نذكر مسألةً مهمةً تتعلق بتسمية هذا الصاروخ. في البداية، تم تقديم هذا الصاروخ باسم قائم 114، ولكن خلال مراسم تسليم المعدات إلى القوات البرية للحرس الثوري الإيراني، نشرت صورة قريبة لهذه الصواريخ، نقشت عليها كلمة "قاصم".
هذه الكلمة من الصفات الإلهية التي ورد ذكرها في القرآن الكريم، وتعني السحق والتدمير. بالطبع، ليس من الواضح ما إذا كانت هذه العبارة قد استخدمت لإرسال رسالة واضحة إلى الأعداء، أو ما إذا كانت نموذجًا لبعض الصواريخ في هذه السلسلة التي لها أنظمة توجيه مختلفة محددة باسم آخر.
لننتقل الآن إلى القضية المهمة للغاية وهي توجيه هذه الصواريخ. وفقًا للأدلة والصور، تم حتى الآن إنتاج ثلاثة أنواع من صاروخ "قائم 114"، مع التوجيه بالليزر والبصري المرئي والتوجيه الحراري بالأشعة تحت الحمراء.
في هذه الطريقة، يبحث الصاروخ الموجه، بعد إطلاقه، عن أكثر الأشياء سخونةً أمامه ويتحرك باتجاهه، باستخدام جهاز كشف مثبت في رأسه الحربي.
في هذا الأسلوب، يتم توجيه الصاروخ دون الاعتماد على منصة الإطلاق باستخدام نظام توجيه داخلي، وبعد الإطلاق لم يعد بحاجة إلى التوجيه عبر منصة الإطلاق. لذلك، يمكن للطائرة المروحية أو أي جهاز يستخدم هذا النوع من الصواريخ، مغادرة المنطقة بعد الإطلاق أو إطلاق صاروخ ثان.
هذه الميزة تجعل منصة إطلاق الصواريخ أقل عرضةً لأنظمة الدفاع، وتوفر المزيد من الأمان لطائرات الهليكوبتر والطائرات بدون طيار. كما يجلب التوجيه الحراري القدرة على استخدام الصواريخ ليلاً وفي ظروف جوية مختلفة، وهي ميزة كبيرة في حروب اليوم.
وفي أسلوب التوجيه البصري، يتم تثبيت كاميرا على مقدمة الصاروخ، وبعد تفعيل مفتاح الصاروخ من قبل المستخدم، يتم إزالة الغطاء وعرض صورة الهدف على شاشة المستخدم.
ثم من خلال تكبير الهدف، يضع المستخدم علامة(+) على الهدف ليصبح الهدف في مرمی الصاروخ، ثم يطلق صاروخًا أو قنبلةً نحو الهدف.
طريقة التوجيه هذه هي أيضًا طريقة توجيه داخلية، ويتم تنفيذها دون الاعتماد على الموجه الخارجي، مما يعني أن مطلق النار يمكنه مغادرة المنطقة بعد إطلاق القنبلة أو الصاروخ، وهو في مأمن من خطر الاستهداف.
في الأجيال الأولى من التوجيه البصري، كانت القنابل والصواريخ مزودةً بكاميرا مرئية، لكن في الأجيال اللاحقة تم تجهيزها بكاميرات تصوير حراري تستخدم القدرة على الاشتباك في الليل وفي ظروف الطقس المختلفة.
تتمثل ميزة طريقة التصوير الحراري بالقياس إلى طريقة التوصيل الحراري بالأشعة تحت الحمراء، في أنه في هذه الطريقة يُرى مصدر الحرارة على شكل بقعة سوداء كبيرة، ولهذا السبب من الصعب جدًا خداع هذه الأنواع من الصواريخ باستخدام الفيلر(المخادع الحراري) الذي يُنظر إليه على أنه مصدر حرارة أصغر.
لكن الصاروخ الثالث يستخدم أسلوب التوجيه بالليزر شبه النشط. في طريقة توجيه الصاروخ هذه، يتم وضع مكتشف ليزر في رأس الصاروخ الحربي، والذي يستقبل الموجات المنعكسة من الهدف ويتحرك نحوه.
في التوجيه بالليزر شبه النشط، يتم عرض ضوء الليزر أولاً على الهدف بواسطة نظام الوسم بالليزر، وبعد ذلك يستقبل كاشف رأس الصاروخ الموجات المنعكسة بالليزر ويتحرك نحو الهدف.
هذه الطريقة في التوجيه، على الرغم من دقتها العالية في الاستهداف، لها قيودها أيضًا. من بينها أن الأحوال الجوية يمكن أن تؤثر على أداء القنابل أو الصواريخ، ومن الممكن أيضًا تعطيل انعكاس أشعة الليزر عن طريق إنشاء ستائر دخان ومنعه من الوصول إلى كاشف القنبلة أو الصاروخ.
وفي هذه الطريقة أيضًا، يجب أن تكون القاذفة في اتجاه القنبلة أو الصاروخ حتى لحظة اصطدامه بالهدف، وأي انقطاع في انعكاس موجات الليزر سيؤدي إلى انحراف الصاروخ.
بالطبع، لحل هذه المشكلة يمكن استخدام نظام ليزر مستقل، ويمكن أيضًا استخدام قاذفة منفصلة لإطلاق الصاروخ. بحيث أن جهازاً واحداً يطلق موجات الليزر على هدف، وجهازاً آخر يطلق الصاروخ عليه.
خلال حرب الخليج الأولى وهجوم قوات التحالف علی الكويت، استخدمت المقاتلات البريطانية والأمريكية هذه الطريقة لإطلاق القنابل والصواريخ الموجهة بالليزر.
يمكن إطلاق الصواريخ المعنية من مسافة آمنة نحو الهدف باستخدام هذه المجموعة من أنظمة التوجيه في مختلف الظروف الجوية واعتمادًا على نوع الهدف، وشن الهجمات دون إدخال الطائرات في مرمی العديد من أنظمة الدفاع قصيرة المدى.
وهکذا، يمكن القول إنه مع تطوير صواريخ مثل سلسلة "قائم" و"الماس"، وصلت جمهورية إيران الإسلامية في الواقع إلى التقنيات العالمية المضادة للدروع، وسرعان ما تحولت من بلد كان بحاجة إلى الخارج من أجل الحصول علی صاروخ موجه سلكي، إلی أحد أقوى المصنعين في مجال الصواريخ المضادة للدروع، بميزة "أطلق وانس".