الوقت- بعد عامين من غزو تحالف العدوان السعودي الإماراتي لليمن، كشفت الإمارات النقاب عن سياستها الحقيقية الخبيثة في حرب اليمن، وأصبحت جزيرة سقطرى أحد المراكز الرئيسية للقوات الموالية لأبو ظبي. ومنذ ذلك الحين، ازدادت احتجاجات أهل هذه الجزيرة. وفي عام 2019، اندلعت واحدة من أكبر الاحتجاجات المنددة لأبناء هذه الجزيرة، بقيادة "عبد الله بن عيسى آل عفرار"، رئيس المجلس العام لأبناء محافظتي المهرة وسقطرى في اليمن، ضد وجود الإمارات والسعودية في جزيرة "سقطرى". وبعد الكشف عن علاقاتها مع الكيان الصهيوني، كشفت العديد من التقارير الاخبارية عن اعتزام الإمارات إقامة قاعدة عسكرية لهذا الكيان الغاصب في جزيرة سقطرى ولقد تسبب الكشف عن هذه القضية في نشوب جولة جديدة من الاحتجاجات من قبل أهالي الجزيرة ضد وجود القوات الأجنبية. إن مغامرة دولة الإمارات في بناء قاعدة عسكرية للصهاينة في جزيرة سقطرى ليست فقط لتغيير ميزان القوى وتقليص النفوذ السعودي في المناطق الجنوبية من اليمن، بل إن هذه الخطوة الخطيرة ستوفر فرصة للكيان الصهيوني للتحرك في هذه المنطقة بشكل حر وسلس. ومن خلال التمركز في هذه الجزيرة التي تبلغ مساحتها 3769 كيلومترًا مربعًا، سيكتسب الجيش الصهيوني أيضا ميزة عسكرية خاصة في المحيط الهندي، فضلاً عن فرصة مراقبة التطورات في خليج عمان وضواحيها، بما في ذلك الخليج الفارسي.
وفي خطوة تشير إلى اعتزامها تكريس احتلالها لجزيرة "سقطرى" اليمنية، أصدرت الإمارات قبل عدة أيام بطاقات تعريف شخصية خاصة لسكان الجزيرة بشكل مستقل عن بطاقة الهوية التابعة لحكومة الرئيس المستقيل "عبد ربه منصور هادي". وقالت مصادر محلية، إن "البطاقات هذه تصرفها ما تسمى (مؤسسة خليفة للأعمال الإنسانية) الإماراتية، لكنها لم تضع أي إشارة أو دليل يشير إلى المؤسسة، وحتى أنها حصرت، في البداية، توزيعها على المقربين والموالين للإمارات، وتضعها تحت لافتة "الإنسانية". وأضافت المصادر، إن اسم البطاقة كان مكتوبا باللغتين العربية، على اليمين والإنجليزية على اليسار، وتجمع الألوان المستخدمة فيها بين الأبيض والأحمر الخفيف، وفي أعلى البطاقة من اليمين مكتوب "أرخبيل سقطرى"، وتحته مباشرة مسجل أنها بطاقة صحية وشؤون اجتماعية. ووضع على البطاقة، في أعلى الوسط شعار يظهر فيه شجرة "دم الأخوين" مزروعة فوق جزيرة في البحر، وتحيط بالشعار دائرة كتب عليها باللغتين الإنجليزية والعربية "أرخبيل سقطرى"، فيما كان يفترض أن يكون الشعار الموجود فيها هو التابع للجمهورية اليمنية المعروف بالطير اليماني. أما صورة الشخص، فقد طبعت على يسار البطاقة تحت كلمة "أرخبيل سقطرى" باللغة الإنجليزية، فيما كتب رقم البطاقة، والذي يبدو لافتا للجميع، على يسار البطاقة، وهو مكون من 15 رقما بالإنجليزية، وتتطابق تركيبته مع بطاقات الهوية التي تصدرها الإمارات لمواطنيها وللمقيمين على أراضيها. وبعيدا عن طريقة كتابة الأرقام اليمنية في البطاقات الشخصية، فإنه يوجد عليها تاريخ انتهاء صلاحية، في 30 أغسطس/آب 2023.
وقبل شهر، أظهرت تقارير اخبارية، أن مئات من السياح الإسرائيليين توافدوا على سقطرى مستخدمين تأشيرات إماراتية. وجاء ذلك بعد شهور من توقيع اتفاقية التطبيع بين "إسرائيل" والإمارات في سبتمبر/أيلول من العام الماضي. ويقع الأرخبيل اليمني في المحيط الهندي على بعد حوالي مئتي كيلومتر من البر الرئيس اليمني، ويتألف من 4 جزر وجزيرتين صخريتين، مع 50 ألف شخص يقطنون هناك غالبيتهم من الصيادين. وسبق أن وجه مسؤولون يمنيون اتهامات متكررة للإمارات بأنها تسعى إلى "تقسيم اليمن والسيطرة على جنوبه" من أجل التحكم بثرواته وبسط نفوذها على موانئه الحيوية، وخصوصا ميناء عدن الاستراتيجي، فيما تنفي أبوظبي مثل هذه الاتهامات. وأكد المسؤولون اليمنيون، أن المؤسسات الإماراتية التي تدعي الإنسانية أصبحت عسكرية وأمنية ومخابراتية، وهي تنتهك السيادة الوطنية تحت حجج الأعمال الإنسانية. وأشار إلى أن الجميع يعلم أن عمال "مؤسسة خليفة" والهلال الأحمر الإماراتي كلهم ضباط جيش وأمن إماراتيون يديرون سقطرى، ويتجسسون على سكانها، وعلى أي شخص يأتي إلى الجزيرة من غير الموالين لهم، وأنهم يقفون خلف البطاقة التي أصدروها، ثم دفعوا بمن حصل عليها لنشرها، كما فعل مدير الموانئ في سقطرى الموالي للإمارات والمجلس الانتقالي الجنوبي "محمد سالم أحمد". ولقد وضعوا هذا الأمر في إطار محاولتهم الأولية لجس نبض الناس في سقطرى خصوصاً، واليمن بشكل عام، حتى يتم تعميمها فيما بعد إلزامياً على كل سكان الجزيرة لتكون رسمية ومرتبطة بالإمارات بشكل مباشر، إذا مرت هذه الخطوة مرور الكرام.
وعلى صعيد متصل، كشفت العديد من التقارير الاخبارية أن بعض الشخصيات الاجتماعية وشيوخ القبائل في أرخبيل سقطرى في اليمن، عقدوا يوم الأحد الماضي، اجتماعا دعوا فيه إلى ضرورة خروج القوات الأجنبية من الجزيرة ويعد هذا ثاني احتجاج لأهالي الجزيرة في السنوات الأخيرة على وجود القوات الأجنبية في جزيرتهم. ووفقاً للعديد من التقارير الأخبارية، فقد قال المجتمعون، إن هؤلاء المسلحين تسببوا في توترات واستفزازات لأبناء الأرخبيل، كما أكدوا ضرورة عودة المسلحين إلى مناطقهم، وإلغاء نقاط التفتيش المستحدثة على الطرق، وتسليم النقاط الثابتة إلى جنود من أبناء سقطرى. واستنكر المجتمعون ما وصفوه بإرهاب المسلحين تجاه فعاليات ووقفات احتجاجية بعد حوادث إطلاق مسلحي المجلس الانتقالي النار على متظاهرين، في الأيام الماضية. ويضم أرخبيل سقطرى، الذي يبلغ عدد سكانه حوالي 50 ألف نسمة ومساحته 3625 كيلومترًا مربعًا، العديد من الجزر المرجانية والتي منها "سقطرى" و"عبد الكوري" و"درسه" و"سهمة" والعديد من الجزر الصغيرة. ونظرًا لموقعها الاستراتيجي الخاص، كانت هذه الجزيرة دائمًا موضع اهتمام الدول المجاورة، بما في ذلك الإمارات والسعودية. ولقد احتلت الإمارات مرارًا أجزاء مهمة من هذه الجزيرة ونشرت عتادًا عسكريًا فيها خلال الحرب الأهلية اليمنية، بدعم من محافظ عدن الواقعة جنوب اليمن المعزول "عيدروس الزبيدي". ويحتج معظم سكان الجزيرة الآن على الوجود العسكري والسياسي الإماراتي والسياسات السعودية في إبرام العديد من الصفقات والمؤامرات العسكرية مستغلين هذه الجزيرة.
وعلى هذا المنوال نفسه، كانت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية قد كشفت الثلاثاء، 25 أيار 2021، أن الإمارات تقوم بتشييد "قاعدة جوية سرية في جزيرة ميون البركانية قبالة اليمن، وتقع القاعدة في واحدة من نقاط الاختناق البحرية المهمة في العالم لكل ممرات الطاقة والشحن التجاري، بالتحديد عند مضيق باب المندب. الوكالة نقلت عن مسؤولين في حكومة الفنادق، أن إماراتيين يقفون وراء مشروع القاعدة الجوية، رغم أنها أعلنت عام 2019 سحب قواتها من تحالف العدوان العسكري بقيادة السعودية من اليمن. وأفادت تقارير بأنه جرى نقل المعدات من القاعدة الإماراتية في إريتريا إلى جزيرة ميون، في استنساخ لسيناريو الهيمنة الإماراتية على جزيرة سقطرى اليمنية التي سيطرت عليها الإمارات، علماً بأن موقع جزيرة ميون أكثر أهمية. وحول هذا السياق، قال نائب رئيس مجلس النواب اليمني في حكومة الفنادق، "عبدالعزيز جباري"، إن السكوت عما يجري في جزيرة ميون في مضيق باب المندب من قِبل دولة الإمارات تفريط في سيادة اليمن. جاء ذلك في أول تعليق رسمي على ما نشرته وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية من صور مأخوذة عبر أقمار صناعية لقاعدة جوية في جزيرة ميون اليمنية، يعتقد أنها تابعة لدولة الإمارات.
وفي الختام يمكن القول إنه أصبح لا يخفى على أحد أن الهدف الأساسي للإمارات في جزيرة سقطرى وجزيرة ميون هو موقعهما الاستراتيجي الذي يتلاءم تماماً مع تصورها لنفسها كإمبراطورية بحرية، تسيطر على خطوط إمدادات الطاقة عبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب، والسيطرة على ميناء عدن الاستراتيجي. فمن يهيمن على سقطرى وميون لاسيما ببناء قواعد عسكرية برية وبحرية بالجزيرة يمكنه أن يسيطر على الملاحة قرب مجموعة أهم المضائق المائية في العالم، فهاتين الجزيرتين ليستا بعيدتين عن مضيق هرمز وقريبة لمضيق باب المندب ومنه إلى قناة السويس. وتاريخياً دفعت الأهمية الاستراتيجية لأرخبيل سقطرى وميون الطامعين الأجانب إلى محاولة احتلالها والسيطرة عليهما. كما يمكن القول إن الهدف لم يكن يوما فرض السلام في اليمن ولا التصدي لتوسع قوات "أنصار الله" كما تزعم الإمارات على الدوام بقدر ما هو خدمة أسيادها من الصهاينة وتمهيد الطريق لهم حتى يتحولوا إلى قوة بحرية كبرى تهدد الأمن القومي العربي وتقلب القوى لمصلحتها وهو ما دأبت الإمارات على الاشتغال عليه بكل عزم يقيم الدليل على خيانتها الواضحة وانخراطها العلني في الحرب على العرب والمسلمين.