الوقت - شهدت الانتخابات الرئاسية الثانية في سوريا منذ عام 2011 مشارکةً کبيرةً من قبل المواطنين، وانتهت بفوز الرئيس الحالي بشار الأسد.
وبحسب رئيس مجلس النواب السوري، حمودة صباغ، فمن أصل 14 مليونًا و239 ألف مواطن سوري شاركوا في الانتخابات الرئاسية، صوت 95٪ منهم لاستمرار حکومة الأسد. هذا في حين أن نحو 18 مليونًا و 255 ألفًا كانوا مؤهلين للتصويت في الانتخابات.
وتشير الإحصائيات إلى أن "بشار حافظ الأسد" حصل على 13 مليوناً و 540 ألفاً و 360 صوتاً، أي ما يعادل 95.1 بالمئة من الأصوات. وحصل المرشح الآخر "محمود مرعي" على 470 ألفاً و 276 صوتاً أو 3.3 بالمئة من الأصوات، كما حصل "عبد الله سلوم عبد الله" على 213 ألف و 968 صوتاً، أي ما يعادل 1.5 في المئة من الأصوات المدلى بها.
وجاء إجراء هذه الانتخابات الحماسية في سوريا، والتي جذبت 78٪ من الناخبين المؤهلين إلى صناديق الاقتراع، وسط الكثير من الدعاية والضغط من جانب بعض المعارضين والدول الغربية والعربية الراعية لهم في الأشهر الأخيرة، لإجبار الناس على مقاطعة الانتخابات بشکل واسع، وهو الأمر الذي فشل في نهاية المطاف.
مع أخذ ذلك في الاعتبار، يمكن تقييم عملية الانتخابات الرئاسية السورية ونتائجها في عدة رسائل ومحاور بارزة، تستند في الأساس إلى فشل سياسات الغرب وأعداء الشعب السوري في السنوات التي تلت 2011.
تعزيز وحدة الشعب السوري مع النظام والحكومة الشرعية للبلاد
في الانتخابات الرئاسية السورية الأخيرة، شارك 78٪ من الناخبين المؤهلين، ما يدل على موافقة الشعب السوري على هذه الانتخابات ونظام الحكم في هذا البلد.
وتأتي هذه الإحصائية الملفتة حول الإقبال على الانتخابات في ظل كل تدخلات الغرب وأفعاله المعادية لسوريا، وخاصةً فيما يتعلق بالعقوبات وعدم إرسال مساعدات لإعادة الإعمار، باسم دعم الشعب السوري.
لذلك، الآن وبعد أن شارك 78٪ من الناخبين المؤهلين داخل وخارج حدود سوريا في هذه الانتخابات وأكدوا على صحتها، وصوتت الأغلبية أيضًا للنظام الحاكم، فلا معنى للاختباء وراء دعم الشعب لتبرير عرقلة حل الأزمة في سوريا.
من ناحية أخرى، أظهرت المشاركة الذكية للمواطنين السوريين أن الشعب السوري وبالنظر إلى التطورات الماضية، فضلًا عن فضح الوعود الكاذبة للغرب بقيادة الولايات المتحدة، يعتبر النظام والحكومة الشرعية في هذا البلد المنقذ من الأزمة.
في الواقع، أظهرت تطورات السنوات العشر الماضية في سوريا للمواطنين أن اتباع إرادة المعارضة التابعة للخارج والسير في اتجاه مطالب الغرب، لن يؤدي إلا إلى الدمار وتفاقم الأزمة في هذا البلد.
الشرعية الكبرى للحكومة والدولة القائمة وبشار الأسد
لعبت الانتخابات متعددة المرشحين في سوريا، والتي جرت لأول مرة خلال الخمسين عامًا الماضية، دورًا مهمًا وفعالًا للغاية في زيادة شرعية واستقرار النظام القائم وبشار الأسد نفسه.
على مر السنين الماضية، ركزت الدعاية الغربية والعربية الواسعة النطاق على عدم شرعية حكومة بشار الأسد وعدم شعبيتها. ومن خلال التأکيد علی الحاجة إلى انتخابات تنافسية والانتقال إلى الديمقراطية، أثاروا هذه القضية بأن بشار الأسد ليس لديه موقع قانوني، وفي حال إجراء انتخابات فسيفقد کرسي الرئاسة.
لكن الآن جرت الانتخابات بثلاثة مرشحين وشهدت مشاركة 78٪ من الشعب، وانتهت بحصول الرئيس بشار الأسد علی 95٪ من الأصوات، الأمر الذي يضع بطريقة ما حداً لكل الادعاءات والقضايا التي أعاد الغربيون نشرها في وسائل الإعلام والدوائر الخاضعة لسيطرتهم خلال السنوات القليلة الماضية.
لا شك أن تأييد 95٪ من الشعب لبشار الأسد والمشاركة الكبيرة بنسبة 78٪، سيلعبان دورًا فريدًا في زيادة القوة الوطنية لمتابعة مسألة إعادة الإعمار، عودة اللاجئين، عدم شرعية العقوبات واستعادة الأراضي من الإرهابيين والمحتلين الأجانب(تركيا والولايات المتحدة).
كما أن توطيد سلطة بشار الأسد عبر الانتخابات سيلعب دورًا مهمًا لا غنى عنه في نوع التفاعل بين الحكومة المركزية والقوات الكردية، التي تدير الأجزاء الشمالية الشرقية من سوريا.
في الواقع، أظهرت الانتخابات الأخيرة أن الأكراد في الوضع الجديد يواجهون حكومةً شرعيةً ومقبولةً ستتخذ الخطوات اللازمة لاستعادة السيادة الإقليمية للبلاد بأكملها.
وفي ظل الظروف الجديدة، سيكون للحكومة المركزية بلا شك اليد العليا في أي مفاوضات مع الأكراد، ولن يكون أمامهم خيار سوى التوصل إلى اتفاق مع دمشق.
احتراق ورقة العقوبات المقترحة من قبل التيارات المتطرفة
النتيجة الأخرى للانتخابات السورية الأخيرة يمكن اعتبارها انخفاضًا كبيرًا في وزن وثقل الجماعات المعارضة والتكفيرية، التي رفضت في الفترة السابقة للانتخابات الأخيرة أي مشاركة في الانتخابات واعتبرتها غير شرعية، وحثَّت الشعب على مقاطعتها.
في الواقع، كانت هذه الجماعات تأمل أن يكون لدى الشعب السوري نسبة إقبال منخفضة في الانتخابات، من أجل إعادة التأكيد علی استراتيجيتهم القديمة القائمة على عدم شرعية الحكومة وعدم شعبيتها.
ومع ذلك، في الوضع الجديد، لا مصداقية لإثارة الورقة التقليدية المتمثلة في عدم شرعية حكومة بشار الأسد، وبعد "اللاء" الکبيرة التي قالها الشعب السوري لهذه الجماعات، سيتراجع وزن المعارضة في المفاوضات حول المستقبل السياسي أكثر فأكثر.
بشكل عام، يمكن التأكيد على أن الانتخابات الرئاسية السورية الأخيرة هي نهاية كل مزاعم ودعاية الدول الغربية والعربية والمرتزقة المحليين، الذين أرادوا الإطاحة بالحكومة الشرعية لهذا البلد.