الوقت- تحاول بعض الدول الأجنبية وحتى العربية عرقلة العملية الانتخابية الدستورية في بلادها، وتمنع المواطنين السوريين من ممارسة حقهم الديمقراطي، دون اي معايير واضحة لعرقلة هذه الانتخابات، وان كانت تخشى أن ينتخب الشعب أحد المرشحين على حساب الآخر، اذا اين هي الديمقراطية التي تتغنى بها، لتدع الشعب ينتخب من يريد، واذا كانت تقول ان الشعب لا يريد الرئيس بشار الاسد على سبيل المثال لماذا لا تدع له الخيار برفض هذا المرشح او ذاك؟
في التفاصيل منعت كل من ألمانيا وتركيا اللتين تحظيان بأكبر عدد من اللاجئين السوريين، الاقتراع للانتخابات الرئاسية على أراضيها، ونشرت السفارة السورية في ألمانيا عبر موقعها الإلكتروني بيانا ذكرت فيه أن السوريين في ألمانيا لن يتمكنوا من المشاركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة، عازية السبب إلى معارضة ألمانيا لهذا الأمر.
ألمانيا منعت الانتخابات فقط قبل يومين من بدأها، ما دفع عدداً من السوريين إلى تنظيم تجمعات وتظاهرات احتجاجية.
هناك خشية من ردة فعل الشعب السوري وأن يكون اقباله كثيفا على هذه الانتخابات وهذا اخر ما تريده هذه الدول، وقد رأينا بالفعل الاقبال الكثيف على الانتخابات في كل من السويد وبلجيكا وفرنسا وغير من العواصم الغربية بالرغم من مضايقة البعض لهم.
من المضحك ان ألمانيا التي قالت بأنها لا تعترف بالانتخابات السورية، تقول ذلك لوحدها دون ان تأخذ رأي المواطنين السوريين الموجودين على أراضيها، أي إنها تسلبهم حقهم في ممارسة الانتخاب او حتى عدم الانتخاب أو حتى الاعتراض على الانتخابات وتفرض عليهم حظرا يحرمهم حقوقهم لسبب بسيط وهو أنها لا تريد هذه الحكومة السورية وبالتالي لا تريد الاعتراف بالانتخابات ولا تريد ان تقول ان في سوريا التي دمرها الارهاب برعاية المخابرات الغربية تحت مسمى دعم "الديمقراطية"، تقيم انتخابات.
الغربيون الذين دمروا سوريا وفرضوا على شعبها العقوبات الظالمة ومارسوا عليه سياسة التجويع يعمدون اليوم وبكل وقاحة الى الوقوف في وجه العملية الديمقراطية في سوريا، ضمن حربهم على الدولة السورية، فإذا كانوا يقولون بأن الشعب السوري لا يريد هذه الدولة فلماذا لايدعوه يسقطها ديمقراطيا ان كانوا صادقين ولماذا يصرون على الحل العسكري عبر الارهاب وعبر احتلال الاراضي السورية، ومنع القمح والنفط عن الشعب السوري؟
وأكثر ما قد يزعج الغرب، هي المشاهد التي انتشرت اليوم من اقبال السوريين المقيمين في الخارج للمشاركة في انتخابات الرئاسة السورية.
الديمقراطية الغربية التي تقدم للشرق الاوسط ليست إلا شكلاً منحرفاً للسيطرة على قرار الشعوب وشماعة يستخدمها الغرب لضرب من يقف ضد مصالحه، كما تفعل سوريا بدعمها للمقاومة التي كسرت العدو الاسرائيلي، وهي اليوم تقف في وجهه صامدة مسببة تفككه وتقهقره.
إن المحاولات الأميركية الغربية الإسرائيلية الجارية لعرقلة الانتخابات الرئاسية السورية لن تجد أي طريق لها للنفاذ، فسورية قالت كلمتها والانتخابات الرئاسية ستجري في موعدها طبقاً للدستور السوري.
سورية بقرارها وجهت رسالة قوية وبلهجة سيادية للقول: إن ممارسة الانتخابات الرئاسية بشكل ديمقراطي وعلى الأرض السورية هو شأن سوري داخلي بحت ولا يمكن لكل الدول التي تحاضر بالديمقراطية المزيفة عرقلة القرار السوري، فلو كانت تلك الدول حريصة على تطبيق الديمقراطية على أراضيها لما أقدمت على منع الجالية السورية الموجودة على أرضها من ممارسة حقها الديمقراطي والإدلاء بأصواتها عبر صناديق الاقتراع الموجودة في سفارات الدولة السورية كما فعلت في العام 2014.
يقول نائب المندوب الأمريكي لدى الأمم المتحدة بالإنابة، جيفري ديلورنتس: إن إدارة الرئيس جو بايدن لن تعترف بنتائج الانتخابات في سورية إذا لم يتم التصويت تحت إشراف الأمم المتحدة، مشدداً على أن الإدارة الأمريكية الحالية تعارض إجراء انتخابات «غير حرة» لا تخضع لإشراف الأمم المتحدة، على حد تعبيره، لتأتي التحركات الأوروبية متماهية مع الموقف الأمريكي من سوريا، إذ أعلن الاتحاد الأوروبي عدم اعترافه بهذه الانتخابات، مهدداً بإعادة فرض عقوبات اقتصادية على سوريا.
وللدلالة على مدى أهمية ومفصلية القرار السوري نشير إلى ما صرح به المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاربك بعناية وتمعن، يقول دوجاربك خلال مؤتمر صحفي عقده يوم الأربعاء المنصرم خصصه لمناقشة القرار السوري: سمعنا بالإعلان عن إجراء الانتخابات الرئاسية في سورية يوم 26 أيار. هذه الانتخابات تم إعلانها في إطار الدستور السوري الحالي وهي ليست جزءاً من العملية السياسية المنصوص عليها في القرار 2254. ونحن لسنا طرفاً منخرطاً في هذه الانتخابات ولا يوجد أي انتداب أو سلطة لدينا في هذا البلد.
إذاً الأمم المتحدة نفسها وعلى لسان مندوبها دوجاربك تعلن أن هذا القرار السوري هو شأن سوري داخلي وبموجب الدستور الشرعي للدولة السورية ولا يوجد أي دور أممي لا في مراقبتها ولا في شرعنتها أو رفضها أو تقييمها.
من هنا يتبين لنا التخبط الذي تعيشه الأمم المتحدة ومدى الوهن الذي أصابها والارتباك الذي أصاب إدارة بايدن ومن خلفها الدول الأوروبية فور اتخاذ سورية قرارها المفصلي في ممارسة حقها السيادي رغم كل المحاولات لتعطيل هذا القرار السوري.
إن القرار السوري بإجراء الانتخابات الرئاسية تطبيقاً للدستور، يعني إخفاق كل المخططات الخارجية لإسقاط سوريا العروبة، فعلى مدى الـ10 سنوات وقفت سوريا قيادة وشعباً وجيشاً صفاً واحداً لهزيمة المشروع الغربي الهادف إلى تدمير سوريا الدولة ودستورها، تارة بالحرب المباشرة وتارة أخرى عن طريق الجماعات الإرهابية أو باتهامها استعمال الأسلحة الكيميائية أو عن طريق فرض عقوبات أحادية مجحفة وغير إنسانية بهدف الضغط على الشارع السوري وتأليبه على الدولة السورية بهدف إضعافها، ومن ثم الإطاحة بها ثم إعادة تركيبها لتتماهى والتطبيع الجاري مع العدو الصهيوني، وجميع هذه المخططات باءت بالفشل، وأثبتت سوريا الدولة كما الشعب السوري، بأن كل السهام التي وجهت ضدها قد تم تكسيرها على أبواب دمشق العروبة.