الوقت- في الحرب الحالية بين الاسرائيليين والفلسطينيين، من يتعامل برمادية مع هذه الأحداث الجارية فهو ينحاز للصهاينة، لأن الظالم والمظلوم لا خلاف عليهما في الحرب الدائرة، الاسرائيلون بكل بساطة يتهجمون على الفلسطينيين ويخرجونهم من منازلهم بالقوة، وفوق كل هذا يقصفون منازلهم وبناهم التحتية ليل نهار ويقتلون العشرات من الأطفال والنساء ويستهدفون وسائل الاعلام في غزة، لكي لا يخرج أي خبر أو صور تخبر العالم عن الاجرام الصهيوني، وبعد كل هذا تأتي الدول المطبعة مع العدو الصهيوني تتحدث بطريقة تساوي من خلالها ما بين الاسرائيلي والفلسطيني.
الإمارات تنتهج أسلوباً غريبا للغاية في التعامل مع الحرب الدائرة التي تشنها اسرائيل على فلسطين، حيث تظهر للعالم أن الفلسطينيين عليهم الحق بما يجري كما هو الحال بالنسبة للاسرائيليين، وكأن الامارات كانت مغيبة أو ليس لديها وسائل اعلام تخبرها بما يجري في حي الشيخ جراح وكيف تعمل اسرائيل على افراغ القدس من سكانها وتهجيرهم بشكل كامل بالسحل والضرب والقتل.
بعد كل الدموية التي ابدتها اسرائيل تجاه الفلسطينيين، خرج علينا وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد آل نهيان ليعرب عن قلق دولة الإمارات البالغ مما سماه "تصاعد أعمال العنف في إسرائيل وفلسطين"، وأكد أن بلاده تتقدم بخالص التعازي في "جميع الضحايا الذين سقطوا جراء أعمال القتال الأخيرة".
وقال بن زايد في بيان صدر أمس الجمعة ونقلته وكالة الأنباء الإماراتية إن الإمارات "تضم صوتها إلى الآخرين في الدعوة إلى الوقف الفوري للعنف والأعمال العدائية".
وتطرق الى اتفاق التطبيع الإماراتي الإسرائيلي المثير للجدل، الذي يعتبره الفلسطينيون خيانة، قائلا "نعول في هذا الشأن على ما تحمله اتفاقيات إبراهيم من وعود لأجيالنا الحالية والمقبلة بالعيش مع جيرانهم في سلام وكرامة وازدهار".
وأضاف البيان "دولة الإمارات تضم صوتها إلى الآخرين في الدعوة إلى الوقف الفوري للعنف والأعمال العدائية"، داعيا "جميع الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس واتخاذ خطوات فورية للالتزام بوقف إطلاق النار وبدء حوار سياسي".
نحن لا نصدق ما نسمعه من حكام الامارات، لأن ما يصرحون به يجرح مشاعر ملايين المسلمين والعرب، هل يعقل أن تقدم دولة مسلمة عربية التعازي للضحايا الاسرائيليين؟.
وسائل التواصل الاجتماعي ضجت بخطاب الامارات المنحاز للصهاينة وهذا ليس بالأمر الغريب، لطالما انها وقعت مع الاسرائيليين اتفاقية تطبيع، فهي تريد أن تدافع عما قامت به وتقول للعالم ان ما قامت به هو الصحيح وهو الذي يحقق السلام والامان في المنطقة، ولكن اين السلام مع وجود الصهاينة، في السابق وقعت السلطة الفلسطينية وكذلك الاردن ومصر، هل حل السلام في المنطقة؟.
اسرائيل كيان اجرامي لا يعرف معنى السلام، لأنه قام على القتل والعنف وتهجير الاخرين، فكيف لمن لا يملك الشيء أن يعطيه.
النشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي انتقدوا ميل أبو ظبي في البيان الى المساواة بين الضحية والجلاد، وامتناعها عن دعم ومناصرة الفلسطينيين الذين يتعرضون للقصف الإسرائيلي المتواصل في قطاع غزة، واعتداءات المستوطنين وجيش الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية والمسجد الأقصى، إضافة الى التهجير من حي الشيخ جراح في القدس المحتلة.
الامارات أيضاً تلجأ إلى معاقبة الفلسطينيين وتحذرهم من انها ستمنع عنهم الدعم المادي واللوجستي لبناهم التحتية، حيث كشف موقع إسرائيلي نقلاً عن صحيفة عبرية أن مسؤولا إماراتيا كبيرا سيحذر "حماس" من مصير مشاريع البنية التحتية التي كانت تخطط لها الإمارات في غزة "حفظا لماء الوجه" بعد التطبيع مع إسرائيل.
ونقل موقع "نيوز أوف إسرائيل" عن صحيفة "غلوبس" أنه في أعقاب التطبيع مع إسرائيل باتفاقيات "أبراهام"، كانت الإمارات في الأشهر الأخيرة على اتصال مع حماس في غزة حول مشاريع بنية تحتية محتملة مختلفة بزعم تحسين حياة السكان هناك، غير أن مسؤولا إماراتيا كبيرا أبلغ الصحيفة أن مثل هذه المشاريع لن تمضي قدما إذا لم تحافظ حماس على الهدوء في المنطقة.
وفي خضم العدوان الإسرائيلي على غزة، الذي لم تدنه الإمارات، ذكرت الصحيفة أن المسؤول الإماراتي صرح لها "إذا لم تلتزم حماس بالتهدئة الكاملة، فهي تحكم على سكان القطاع بحياة من المعاناة. يجب أن يفهم قادتها أن سياساتهم تضر أولاً وقبل كل شيء بشعب غزة".
الامارات ليست حيايدة على الاطلاق في الصراع الفلسطيني_الاسرائيلي وهي منحازة للصهاينة وتدعمهم بكل السبل الممكنة، فصمتها لوحده عن جرائم الاحتلال الاسرائيلي هو دعم للاسرائيليين واعطاء ضوء اخضر لهم لممارسة المزيد من العنف تجاه الفلسطينيين.
حتى على وسائل التواصل الاجتماعي تدعم الامارات الاسرائيليين، وكان مقال في موقع "ميدل إيست آي" (Middle East Eye) البريطاني أوضح أمس أن مستخدمين لتويتر في الإمارات يقومون -بدعم ضمني من الدولة- بتحريف واختيار وإعادة صياغة الحقائق لخدمة إسرائيل على حساب الفلسطينيين.
وقال كاتب المقال أندرياس كريغ المحاضر في كلية الدراسات الأمنية في كينغز كوليدج لندن إن الفجوة بين الواقع على الأرض في القدس وكيفية قيام إسرائيل بتدويرها تتسع يوما بعد يوم، وذلك بتلقي شبكة العلاقات العامة الواسعة في إسرائيل الدعم من جهات تبدو غير متوقعة، أي دولة الإمارات.
التطبيع كان فخاً اسرائيلياً للامارات وهي اليوم لا تستطيع أن تتراجع عما قامت به مع العدو الصهيوني، وهي بالأحرى لم تكن لتتخيل للحظة واحدة أن الفلسطينيين قادرين على ردع الصهاينة بالطريقة التي نراها هذه اليوم، حيث تمكن المقاومون الاحرار من شل كيان العدو في جميع الاراضي المحتلة، وشاهدناهم كيف يهربون خوفا من صواريخ المقاومة، فالامارات كانت تعتقد ان الفلسطينيين لن يكونوا قادرين على القيام بذلك، والذي يعد صدمة كبيرة للامارات هو التضامن غير المسبوق من قبل الشعوب العربية مع الفلسطينيين.