الوقت- اعتبره أنصاره مصلحاً كبيراً في تاريخ السعودية المعاصر، واعتقد خصومه أنه رجل متعطش للسلطة وسلوكيات لا يمكن التنبؤ بها، ومستعد للتضحية بأي شخص يقف في طريقه للوصول إلى الملك.
محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي الشاب، هو الذي كان مفتاح جميع سياسات النظام الملكي منذ أن تولى والده الملك سلمان السلطة في عام 2015، وأُطلق عليه لقب الحاكم الفعلي للسعودية.
وعلى الرغم من أن إصلاحاته الاجتماعية والثقافية أدت إلى شعبيته بين شباب المجتمع السعودي في بداية توليه منصب ولي العهد في عام 2017، إلا أن قراراته المثيرة للأزمات والمكلفة في السياسة الخارجية، إلى جانب بداية موجة من القمع ضد النشطاء السياسيين والمدنيين، أدت إلى تقليص عدد مؤيديه وزيادة حجم خصومه تدريجياً.
ابن سلمان شخصية غير معروفة وعديمة الخبرة من بين أمراء سعوديين آخرين لقيادة السعودية في الجيل التالي لأبناء عبد العزيز، ومنذ بداية الانقلاب الأبيض على ابن عمه محمد بن نايف في عام 2017، شعر دائمًا بالتهديد بعزله من ولاية العهد، بحيث أدى هذا الخوف إلى نوع من جنون الارتياب لديه تجاه المسؤولين العسكريين والسياسيين.
لقد حدثت خمس عمليات تصفية كبرى على الأقل منذ تولي بن سلمان السلطة. وكانت إقالة القائد العام لهيئة الأركان المشتركة، الأمير فهد بن تركي، ونجله في سبتمبر 2020، هي الأحدث في سلسلة من عمليات التصفية التي قام بها ولي العهد خوفاً من المعارضة الداخلية.
ومن المعروف أن فهد بن تركي كان على خلاف حاد مع محمد بن سلمان حول الحرب في اليمن، وتحديداً احتلال الإمارات لجزيرة سقطرى الاستراتيجية وسقوط عدن علی يد القوات الموالية للإمارات.
ومن إجراءاته الأخرى يمکن الإشارة إلی سجن أكثر من 300 من رجال الأعمال والأمراء السعوديين الأثرياء في فندق ريتز كارلتون، اعتقال أعضاء بارزين في هيئة البيعة و 300 موظف حكومي، اعتقال محمد بن نايف وأحمد بن عبد العزيز ابن شقيق وشقيق الملك سلمان، القبض على متعب بن عبد الله، اعتقال علماء مسلمين مثل سلمان العودة زعيم حركة الصحوة، حملة للضغط على الناشطات والمحاميات الحقوقيات، وكذلك حبس أبناء الملك عبد الله(تركي، متعب، فيصل، مشعل بن عبد الله).
العدو في البيت
خلال أقل من أربع سنوات من توليه منصب ولاية العهد، لم يشعر محمد بن سلمان أبدًا بالتهديد للاحتفاظ بهذا المنصب والوصول إلى الملك بعد وفاة والده كما هو الحال الآن.
وخلال فترة عمله، ارتكب العديد من الأخطاء في اتخاذ قراراته لدرجة أن السعودية اليوم أضعف عسكريًا واقتصاديًا من أي وقت آخر في تاريخها الحديث، وتضاءلت هيبتها الإقليمية والدولية.
بعد خمس سنوات من تنفيذ مشروع بن سلمان في اليمن وبدء غزو عسكري واسع النطاق لهذا البلد، انهار التحالف العسكري والجيش السعودي يعيش حالة ارتباك وعجز، وحكومة منصور هادي المستقيلة في عدن موجودة على الورق فقط، وجنوب اليمن تسيطر عليه قوات موالية لأبو ظبي ومعارضة للسعودية، ولا تزال حرکة أنصار الله في صنعاء وهي قادرة على إطلاق صواريخ يمكنها الوصول إلى الرياض وجدة ومناطق واسعة من الأراضي السعودية وخاصةً أرامكو. کما تكلف هذه الحرب مليار دولار شهريًا، وتزايد الضغط الدولي على الرياض لإنهاء الحرب.
وفي هذه الظروف الصعبة، فإن شكوك ابن سلمان بشأن خطط البيت الأبيض بعد رحيل ترمب ووصول الديمقراطيين بشعارات حادة ضد أعمال بن سلمان القمعية والمثيرة للأزمات، مثل مقتل جمال خاشقجي، وقمع الناشطات والمعارضين في الأسرة السعودية، قد فاقمت من جنون الارتياب لديه لمن حوله، وخاصةً بين أسرة الملك سلمان وإخوته.
وفي هذا الصدد، أعلن "العهد الجديد"، نقلاً عن مصادر، أن محمد بن سلمان أصدر خلال الأيام الماضية أمرًا بمنع شقيقه الأمير سلطان بن سلمان من مغادرة البلاد.
تزوج الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ست نساء خلال حياته. ونتيجة زواج الملك سلمان هي 12 ابناً وابنة، ومن بين هؤلاء، ما زال تسعة إخوة لمحمد بن سلمان على قيد الحياة، وهم سلطان وعبد العزيز وفيصل وسعود وتركي ونايف وخالد وبندر وراكان.
لا شك في أنه مع شعور بن سلمان المتزايد بالتهديد من ضغوط البيت الأبيض على والده أو الإجراءات الداخلية للمعارضة، انتقلت نظرة ولي العهد المتشائمة تجاه عمه وأبناء عمومته إلى الخوف من إخوته.
وبينما يسعى ابن سلمان إلى إظهار سيطرته على تصرفات المعارضة من خلال الاعتقالات والقمع، إلا أن الرسالة التي ترسلها هذه التصفيات المستمرة هي على العكس من ذلك تظهر عدم استقرار النظام الملكي في عهد ابن سلمان، وهذا يعزز موقف المنتقدين من مخاطر وصول ابن سلمان إلى العرش.