الوقت- بعد انتصار الثورة الإسلامية، حدث تغيير كبير في هيكل واهداف مجموعات المقاومة في جميع أنحاء المنطقة. حيث اعتمدت العديد من الجماعات التي عملت في فلسطين وأماكن أخرى في المنطقة قبل انتصار الثورة الإسلامية على "القومية العربية" كدعم لأنشطتها الانتخابية.
في الواقع، كان هناك شعور بين مجموعات المقاومة بأنها تستطيع خلق نوع من التلاحم والتنسيق والالتقاء بين الدول والجيوش العربية بالاعتماد على العنصر المشترك "للقومية العربية". وهكذا أصبحت هذه القضية بمفردها تحديا كبيرا في طريق المقاومة، حيث اختزل هذا الموقف قضية "الصراع الإسلامي الصهيوني" إلى "الصراع العربي الإسرائيلي".
ومن ناحية أخرى، قبل انتصار الثورة الإسلامية، ركزت امريكا على تقليل اعتبار "القدس المحتلة" باعتبار انها ذات هوية إسلامية. حيث اتخذ الأمريكيون خطوات عديدة لتشويه سمعة "القدس المحتلة"، منها الحفريات في المسجد الأقصى، وتهويد القدس، ومحاولات تغيير التركيبة السكانية للقدس، والتهجير القسري للمسلمين من القدس. وفي هذا الصدد، تم اجراء مقابلة مع "أمين حطيط"، المحلل اللبناني للشؤون الاستراتيجية وفيما يلي نص الحوار:
كما تعلمون، خلال السنوات العديدة الماضية، تم الاحتفال دائما باليوم العالمي للقدس، الذي أسسه الإمام الخميني(ره)، بأبهة وروعة كبيرين في أنحاء مختلفة من العالم، وخاصة في الجمهورية الإسلامية الايرانية، ماهي إنجازات هذا اليوم برأيك؟
حطيط: كان عمل الإمام الخميني(ره) في تسمية آخر جمعة من شهر رمضان باليوم العالمي للقدس فكرة مبتكرة. حيث كان لتسمية آخر جمعة من رمضان باليوم العالمي للقدس إنجازات كبيرة حتى الآن.
ويمكن تلخيص إنجازات يوم القدس العالمي في ثلاثة أجزاء. أولاً، لقد أرسى يوم القدس العالمي فكرة "ضرورة تحرير القدس المحتلة" إلى الأبد، ولا ينبغي أن يكون الأمر كذلك أن هذه الفكرة خضعت لمرور الزمن وتم نسيانها تدريجياً. لذلك فإن تسمية يوم القدس دفعت الأمة الإسلامية كلها إلى هدف واحد وهو ضرورة تحرير القدس المحتلة.
ثانيا، طغى إعلان يوم القدس العالمي على سلسلة مساعي الأجانب وعلى رأسهم الصهاينة لتهويد القدس. في الواقع، ينقل اليوم العالمي للقدس رسالة مهمة مفادها أن القدس المحتلة لها هوية إسلامية وأن هذه الهوية لن تتضرر تحت أي ظرف من الظروف أو بأي عمل.
ثالثا، كان تسمية اليوم العالمي مهمة هامة وأساسية للأمة الإسلامية. هذه المهمة هي في الواقع مهمة تحرير القدس المحتلة. والواقع أن اليوم العالمي للقدس جعل مهمة تحرير القدس المحتلة واجبة على الأمة الإسلامية جمعاء.
حاول الكيان الصهيوني دائما بشتى الطرق التقليل من أهمية يوم القدس العالمي. ما هو برأيك السبب الرئيسي الذي دفع الصهاينة للتحرك في هذا المجال؟
حطيط: لطالما اعتمد العدو الصهيوني على موضوع واحد وهو النسيان للقضية الفلسطينية، في الواقع، يعتقد الصهاينة أن الجيل الذي طُرد من أرضهم لم يعد حياً، وأن الجيل الذي ولد خارج أرضهم نسي أرضه ولم يعد يهتم بها.
ورغم أن الصهاينة فتحوا حسابا خاصا بهذا الموضوع إلا أن اليوم العالمي للقدس جعل حلمهم يتبدد وان قضية فلسطين دائما مع كل الفلسطينيين سواء الذين طردوا من أراضيهم أو من ولدوا خارج الاراضي الفلسطينية.
وبناء على ما قيل، فإن تسمية اليوم العالمي للقدس تسبب في تعرض الكيان الصهيوني لفشل كبير في استراتيجيته لنسيان قضية فلسطين. الهزيمة التي يقبلها الصهاينة الآن بشكل جيد.
وهذا بالضبط ما يجعلنا نرى أن الكيان الصهيوني استخدم ضغوطه على مختلف الحكومات والأمم من أجل منع إحياء يوم القدس العالمي. والحقيقة أن إحياء يوم القدس العالمي يتعارض مع استراتيجية الصهاينة.
في الآونة الأخيرة، عشية يوم القدس العالمي، تمكنت المقاومة من استهداف منشأة ديمونة النووية الحساسة والاستراتيجية في الأراضي المحتلة. ما هو تقييمك لهذا الضعف الأمني الواضح للصهاينة، حتى مع استمرارهم في تهديد المقاومة في أماكن مختلفة؟
حطيط: أظهرت المقاومة أنها دائما ما تفاجئ العدو الصهيوني بأعمالها المبتكرة. لقد أثبتت المقاومة للعدو الصهيوني أن تهديداتها لن تبقى أقوالاً فقط، وستصاحبها أفعال وأفعال. وأظهر الهجوم على منشأة ديمونا الاستراتيجية، وكذلك عملية تفجير معمل صواريخ تومر، الجانب العملياتي لتهديدات المقاومة للعدو.
إن سلسلة العمليات الأمنية الأخيرة في الأراضي المحتلة هي في الحقيقة مظاهر ميدانية لفكرة إحياء يوم القدس العالمي. برأيي، تلقى العدو الصهيوني رسالة هذه العمليات عشية يوم القدس.
كيف تقيمون دور الجمهورية الإسلامية الإيرانية في دعم مجموعات المقاومة في جميع أنحاء المنطقة وخاصة في دعم مجموعات المقاومة في فلسطين؟ ماذا كانت ثمار دعم طهران للمقاومة خاصة في فلسطين؟
حطيط: ازدادت المقاومة وقدراتها في المنطقة، وخاصة في فلسطين، بدعم من الجمهورية الإسلامية الإيرانية. فعلى مر السنين، جعلت الجمهورية الإسلامية فكرة "تحرير القدس" مبدأ ثابتا وغير قابل للتغيير.
وهذه من أهم ثمار دعم طهران للمقاومة. لذلك يمكننا القول إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية قد حققت أهدافها بتسمية اليوم العالمي للقدس ودعم المقاومة.
اليوم، وصلت قوة المقاومة في فلسطين، بفضل دعم الجمهورية الإسلامية الإيرانية، إلى مستوى بحيث أصبحت الجماعات الفلسطينية قادرة على تحدي قوة جيش الكيان الصهيوني.