الوقت- شهدت جبهات القتال في محافظة مأرب اليمنية خلال الايام القليلة الماضية مواجهات مشرفة حقق من خلالها أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله" انتصارات تسجل بماء الذهب حيث لم يبق من هذه المحافظة المهمة والاستراتيجية سوى أقل من 30 في المئة بيد مرتزقة تحالف العدوان السعودي الاماراتي الامريكي الذي قام طيرانه خلال الاشتباكات الاخيرة بشن اكثر من ثلاثين غارة جوية لمحاولة صد تقدم أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله"، الا انها لم تمنعهم من التقدم وتحرير عدد كبير من المواقع الاستراتيجية ابرزها "الدشوش ونخلاء وأيدات الراء والحمة الحمراء" والتباب المجاورة لها شمال غرب مدينة مأرب. كما تمكنت قوات الجيش اليمني واللجان الشعبية من السيطرة على مناطق "ملبودة وحمة الذئاب ونقطة نخلاء في مديرية مدغل الجدعان بمحافظة مأرب.
إن التقدم الذي حققه أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله" خلال الأيام القليلة الماضية في مديرتي "صرواح ومدغل" حصل بفضل الله رغم كثافة الغارات الجوية لطائرات التحالف، وخلفت ضراوة المعارك قتلى وجرحى في صفوف الطرفين. إلى ذلك قتل وجرح العديد من قوات الرئيس المستقيل "منصور هادي"، فيما دمرت آلية عسكرية لهم إثر غارة جوية لتحالف العدوان السعودي استهدفت تجمعهم في منطقة "نخلاء" عند الأطراف الشرقية لمديرية "مدغل الجدعان" شمالي غرب محافظة مأرب. وخلال الساعات الماضية، عاودت طائرات تحالف العدوان السعودي تصعيد قصفها في المحافظة بتكثيف غاراتها على مديريتي "صرواح ومدغل الجدعان" بـ 28 غارة جوية لإسناد قوات الرئيس المستقيل "منصور هادي" في محاولاتها المتكررة للتصدي لهجمات قوات الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله" غرب وشمالي غرب محافظة مأرب.
وحول هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الاخبارية، أن أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله" استطاعوا خلال الساعات الماضية من التقدم عند التخوم الشمالية الغربية لمدينة مأرب، وأفقدوا مرتزقة العدوان عدداً من المناطق الاستراتيجية في جبهات غرب مأرب، وسحبت منها زمام التحكم في مسارات المعركة في أكثر من محور، وذلك لأن عدداً كبيراً من الحاميات العسكرية القريبة من قاعدة "صحن الجن" العسكرية الواقعة في الأطراف الغربية لمركز المحافظة، كما استطاعت قوات الجيش واللجان الشعبية تحرير العديد من المناطق القريبة من تلك القاعدة العسكرية خلال المواجهات الاخيرة. إن هذه التطورات مكنت قوات الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله" من نقل المعركة إلى مواقع قريبة من قاعدة "صحن الجن" العسكرية، والاقتراب من جبال "الخشب" المطلة على المعسكرات المستحدثة التابعة لميليشيات حزب الإصلاح اليمني "الاخوان المسلمين"، وهو ما دفع المرتزقة غير منتمين للحزب للانسحاب من المنطقة.
وهنا يرى العديد من المراقبين، إن تحرير مدينة "مأرب" بالكامل هو بمثابة اعلان فشل السعودية في عدوانها على اليمن ومن شأنه ان يغير مسار الحرب بشكل كامل، حيث تعتبر اخر معقل لقوات المرتزقة في الشمال، وهي رأس حربة للقوات المشتركة للتقدم نحو الشرق ايضا، لانها تحاذي محافظتي شبوة وحضرموت، ومن الناحية الجنوبية تحاذي محافظتي البيضاء وشبوة وبالتالي تحريرها يعتبر ضربة قاسمة لتحالف العدوان ومرتزقته. كما يؤكد المراقبون، أنه عقب فشل مفاوضات مسقط الأخيرة بين حكومة صنعاء والجانبين الأمريكي والأممي، والتي استحوذ الوضع في محيط مدينة مأرب على حيّز كبير منها، تحركت أكثر من وساطة دولية ومحلية، في محاولة أخيرة لمنع سقوط هذه المدينة ومعها حقول النفط والغاز بأيدي أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله". ويأتي ذلك فيما يستعد الطرفان، على ما يبدو، لمعركة حاسمة في الأيام المقبلة، يحشد كل منهما إمكاناته لها، في ظل نجاح خطة أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله" القائمة على القضم التدريجي لأهم المعاقل الجبلية قبل الوصول إلى مركز المحافظة وهو نجاح جعل السعودية تستشعر خطورة الموقف العسكري، ولا سيما مع تداعي خطوط دفاع وكلائها المحيطة بالمدينة، ولذا عمدت إلى تنفيذ عملية لوجستية مزدوجة تمثلت، من جهة، في سحب مدرعات وآليات عسكرية وتكنولوجية خشية غنمها من قِبَل أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله"؛ ومن جهة أخرى؛ في تعزيز الجبهات بأسلحة مختلفة لا يُشكّل غنمها حرجاً كبيراً للرياض.
وعلى إثر ذلك، ذكرت العديد من المصادر الاخبارية، أن "بيتر سيمنبي" المبعوث السويدي إلى اليمن، وصل قبل يومين، إلى مدينة مأرب، حاملاً مبادرة جديدة، تستلهم، في بعض نقاطها، المبادرة التي كان قد تَقدّم بها رئيس المجلس السياسي الأعلى في صنعاء، المشير "مهدي المشاط"، خريف العام الماضي، ولم يُكلّف تحالف العدوان السعودي الإماراتي نفسه حتى عناء الردّ عليها في ذلك الوقت. وتستهدف خطة "سيمنبي"، الذي استبق زيارته هذه بإجراء مقابلة صحفية تَحدث فيها عن إمكانية تطبيق اتفاق مشابه لـ"اتفاق الحديدة" الذي تم التوقيع عليه في أواخر عام 2018، في مأرب، إلى وقف إطلاق النار في كل جبهات المحافظة لأغراض إنسانية، على أن يلي ذلك إبرام تفاهمات مماثلة لـ"تفاهمات استوكهولم"، مكونة من بنود إنسانية وأخرى اقتصادية وعسكرية.
وكان المبعوث السويدي قد ناقَش تلك المقترحات مع وفد صنعاء المفاوِض في سلطنة عُمان الأسبوع الماضي، غير أن المعلومات تشير إلى تحفُّظ وفد صنعاء على بعض النقاط في مبادرته، وخصوصاً أن المبعوث السويدي لم يستطع تقديم ضمانات بإنجاح أيّ من بنودها، فضلاً عن أن تجربة "اتفاق استوكهولم" غير مشجعة بالنسبة إلى حكومة الإنقاذ التي لا تزال تعاني من الحصار.
ومع ذلك، جدَّدت صنعاء، على لسان عضو المجلس السياسي الأعلى، "محمد علي الحوثي"، ترحيبها بأيّ مسعى دبلوماسي لإحلال السلام ورفع معاناة الشعب اليمني. وفي الإطار نفسه، أشار مصدر سياسي يمني في حكومة الانقاذ الوطنية، إلى أن صنعاء لم ترفض أيّ مبادرات أو مقترحات مسبقاً، وهي ترحب بكل مساعي السلام، وتُخضِع أيّ رؤى أو مقترحات للحل السلمي، للنقاش، وتقدم ملاحظاتها في شأنها. ولفت المصدر إلى أن المساعي السويدية تهدف إلى نسخ تجربة وقف إطلاق النار الهش في الحديدة.
ومع هذه الانتصارات المتلاحقة التي يحققها ابطال اليمن أعاد رواد منصات التواصل الاجتماعي وجمهور المقاومة في العالم اطلاق هاشتاغ "مأرب" جاعلين من الوسم قبلة للاحرار للتضامن والمشاركة في صنع النصر الذي يسطره مغاوير اليمن على مرتزقة العدوان السعودي، والذين اكدوا من خلال تغريداتهم على وقوفهم الدائم والمتواصل مع الجيش واللجان الشعبية اليمنية التي باعت الغالي والنفيس في سبيل تحرير الارض من دنس المحتلين ومن الذين باعوا ضمائرهم خدمة للاعداء. حيث كتب "ماجد العنثري" في تغريدة على حسابه الخاص "تقدم كبير للجيش الوطني والمقاومة الشعبية في جبهة #الكساره غربي #مأرب وتمت السيطرة على مواقع استراتيجية واغتنام أسلحة متنوعة وما زال التقدم مستمر وسط انهيار كبير في صفوف المليشيات، #هو_الله #مارب_تنتصر_للجمهورية". ونشر حساب "(طالب في القانون)" تغريدة تحت الوسم جاء فيها "استمروا في تحرير #مارب هو الحل الوحيد والحاسم غير ذلك مفاوضات فاشلة، تحرير مارب سيجعل العدوان يخضع للمفاوضات المطلوبة وتنفيذ كل شروط الشعب اليمني بكل سهوله . المفاوضات التي تسعى إلى وقف إطلاق النار هي خدعة لوقف تحرير مارب واعتبرها شخصياً مفاوضات فاشله مهما كانت المبررات".
وفي الختام يمكن القول إن أبناء الشعب اليمني مضوا خلال الايام الماضية ينتصرون لإرادتهم الرافضة لكل أشكال الاستعمار والوصاية الخارجية، وها هم اليوم يؤكدون للعالم أجمع بان الإرادة اليمنية قوية وصلبة متماسكة البنيان يصعب هدمها، وأن المعركة التحررية الاستقلالية الشاملة تمضي في مساراتها بقوة وشموخ صوب تحقيق آمال وطموحات وتطلعات اليمانيين الأحرار على تراب وطنهم، ولسان حالهم يقول الشعب اليماني الحضاري العريق لا ينهزم، بل ينتصر لإرادته.