الوقت- يمكن اعتبار المرحلة الخامسة عشرة لمناورات "الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله سلم) الصاروخية إلی جانب الطائرات المسيرة، واحدة من أكبر التدريبات والمناورات وربما أهمها في العقد الماضي، وذلك بسبب العرض العملي والمذهل للطائرات المسيرة المسلحة والانتحارية، إلى جانب إعادة عرض إطلاق كميات كبيرة من الصواريخ الباليستية في آن واحد، الأمر الذي كشف للعالم مرةً أخرى قوة وتوازن برنامج الصواريخ الإيراني بعيد المدى، والذي اشتاق إلی رؤيته محبو الثورة الإسلامية منذ فترة طويلة.
في الأشهر الأخيرة، وخاصةً في الأسابيع الأخيرة، وضعت الحكومة الأمريكية والقوات الإرهابية التابعة للقيادة المركزية في المنطقة القريبة من إيران، حجماً كبيراً من السلوك الاستفزازي على جدول أعمالهم، من بينها نشر قاذفات B-52، والأمر بتوقف حاملة طائرات في شمال المحيط الهندي، ومناورات جوية وإطلاق عدد كبير من الطائرات المقاتلة وطائرات التزود بالوقود بالقرب من الحدود الإيرانية، وطبعاً نشر غواصة نووية من طراز أوهايو مزودة بصواريخ كروز.
من الواضح أن هذا النوع من الاستفزارات کان يتطلب استجابةً محددةً. بدأ الرد بتدريبات بطائرة دون طيار للجيش أظهرت فيها الطائرات دون طيار الانتحارية والمسلحة قوتها، وفي الخطوة الثانية، أطلقت البحرية صواريخ كروز وطوربيدات.
مع الانتهاء من هذا الجزء من المهمة، حان الوقت لوحدة الردع والاستجابة الرئيسية في إيران لدخول الميدان، وهي سلاح الجو التابع للحرس الثوري الإيراني.
التعرف علی ثلاثة نجوم في مناورات الحرس الثوري
في الجزء الصاروخي من المناورات، والذي تم بإطلاق عدد كبير من الصواريخ في وقت واحد ومن أجل استهداف أهداف مركزة، تم استخدام صاروخين باليستيين هما "ذو الفقار" و"دزفول"، وكلاهما تطورا على أساس عائلة "فاتح 110".
وكان صاروخ "زلزال" المستخدم في هذه المناورات، هو في الواقع النموذج الأساسي الذي بنيت عليه عائلة "فاتح".
القفزة المهمة في مجال صواريخ الوقود الصلب قصيرة المدى والتكتيكية على أساس عائلة فاتح 110، کانت صاروخ ذو الفقار، والذي تبين لاحقًا أن له تأثيرات استراتيجية، على الرغم من أنه تم تصميمه على المستوى التكتيكي.
قيل إن هذا الصاروخ يبلغ مداه 700 كم ومجهز برأس حربي يبلغ حوالي 550 كجم. وأظهر عرض صور عينات إنتاج هذا الصاروخ في 25 أكتوبر 2016، أن ذو الفقار أكمل عملية الاختبار بهدوء وهو جاهز للتسليم إلى سلاح الجو في الحرس الثوري الإيراني. يُذکر أن هذا الصاروخ استُخدم في معاقبة إرهابيي داعش والقيادة المركزية "سنتکام".
الخيار التالي هو صاروخ "دزفول"، الذي تم الكشف عنه عام 1397. النقطة المهمة هي تغيير شکل أنف "ذو الفقار" و"دزفول".
عبر الرجوع إلى مصادر علمية موثوقة على الإنترنت في مجال معرفة الصواريخ، يمكننا أن نرى أن هذا النموذج يستخدم عندما تكون سرعة الصاروخ تفوق سرعة الصوت(أعلى من 5 أضعاف سرعة الصوت)، ولتقليل الحرارة الناتجة في هذه السرعات، فإن الحل هو زيادة انحناء طرف الأنف، ما يؤدي إلى تقليل انتقال الحرارة إلى الصاروخ.
إضافة إلى استخدام هذا التصميم، تُستخدم أيضًا المواد القابلة للتلف التي يتم تدميرها بالحرارة للحفاظ على الجزء السفلي آمنًا، وهو ما تؤكده صور صواريخ دزفول وذوالفقار.
سنناقش فيما يلي الطيران السريع والعرض الخاص لهذه الصواريخ في المناورات الجديدة.
أما الخيار الأخير فهو صاروخ زلزال المدفعي. كان هذا الصاروخ من عيار 610 ملم، في الواقع سلاحًا على غرار عائلة فتح، وبطريقة ما يمكن اعتبار دزفول وذوالفقار أبناء صاروخ "زلزال".
يبلغ مدى هذا الصاروخ 210 كيلومترات، ويبدو أنه تمت ترقيته، وفي الصور المتعلقة بهذه المناورات، هنالك نقطة مثيرة للاهتمام حول هذا الصاروخ، سنذكرها فيما يلي.
سبع نقاط مهمة حول الإطلاق الصاروخي للحرس الثوري الإيراني
في السلسلة الأولى من مناورات الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم)، والتي شهدت أول إطلاق صاروخي كبير في إيران، كانت معظم الصواريخ مثل سلسلة "شهاب"، كواحدة من أولى سلاسل الإنتاج الإيراني بالوقود السائل، والتي کانت المرحلة الرئيسة من المناورات.
لكن خلال هذه السنوات، ظهرت نماذج جديدة من عائلة "فتح" الكبيرة، وجعلت جمهورية إيران الإسلامية مالكةً لصواريخ تكتيكية تعمل بالوقود الصلب.
كانت الرسالة المهمة الأولى للتدريبات إلى الغرب، هي الحجم الكبير لمنصات الإطلاق المتنقلة المجهزة بصواريخ باليستية والتي تعمل بالوقود الصلب. في الوقت نفسه، كان من الواضح أن منصات الإطلاق التي تحمل صاروخ "دزفول"، کان لديها مكان لحمل صاروخين، ولکنها تزوَّدت بصاروخ واحد بسبب کون الظروف تدريبيةً.
والنقطة المهمة الثانية كانت الحجم الكبير للصواريخ التي تم إطلاقها بما يتناسب مع هذه التدريبات العسكرية. ووفق التقارير، فقد تم إطلاق ما لا يقل عن 15 صاروخاً باليستياً تكتيكياً وصواريخ من نوع ذوالفقار ودزفول وزلزال. وهذا يشير إلى أن الصواريخ المعنية قد تم إنتاجها بأعداد كبيرة، وعندما تُستخدم بأعداد كبيرة في تدريب عسكري، فهذا يعني أنها باتت جاهزةً للعمل بشكل كامل.
النقطة الثالثة هي إظهار دقة هذه الصواريخ عدة مرات. ففي هذا التمرين العسكري، تم تحديد بعض الأهداف لصواريخ سلسلة دزفول، وبعض الأهداف الأخرى لصواريخ سلسلة ذو الفقار. وتتضمن الأهداف في هذا التمرين حاويات وبعض النقاط التي تم تمييزها بأقمشة بيضاء وزرقاء، وتبين أن الصواريخ أصابت بالضبط داخل هذه المجموعة من النقاط.
وكانت النقطة الرابعة هي الإطلاق من مسافة قصيرة وتركيز النار على نقطة واحدة. ويبدو أن الهدف في هذا التمرين لم يكن الاستهداف الدقيق، بل تركيز النار على الهدف بمساحة أكبر.
وإذا ألقينا نظرةً أخرى على صور الأقمار الصناعية للهجوم على قاعدة عين الأسد قبل نحو عام، أو على الوضع العام للقواعد الأمريكية حول إيران، فسنرى مزيجاً كبيراً من الخيام ومباني القيادة، وبالطبع حظائر طائرات الهليكوبتر المؤقتة والطائرات والمسيرات في هذه المناطق، ومن خلال تركيز النار في نقطة واحدة - على سبيل المثال باستخدام 5500 كجم من الرؤوس الحربية - ستكون الخسائر والأضرار التي تلحق بالعدو بحد أقصى.
ويُستخدم ذلك بشكل مشابه في مجال المدفعية الميدانية، وعادةً مع قذائف مدفع من عيار 155 ملم تحت عنوان Multiple Rounds Simultaneous Impact، أو MRSI اختصاراً.
وخلالها تُطلق المدفعية عدة رصاصات نحو نقطة ما في زوايا مختلفة من الأنبوب، ما ينظم الوقت الذي تستغرقه الرصاصات للوصول إلى الهدف، بطريقة تنفجر الرصاصات على مسافة قصيرة جدًا من بعضها البعض وفي وقت قريب، ويسبب أقصى ضرر للهدف.
وفيما يلي النقاط التالية حول هذه التدريبات العسكرية. كانت المسألة الأولى هي الجودة العالية للصور التي نشرت من هذه التدريبات العسكرية، لدرجة أنه تم استخراج حتى الصور عالية الجودة للرؤوس الحربية المنفصلة عن الصواريخ، وفي الفترة القصيرة ذاتها التي مرت منذ نشر الصور، شهدنا انتشارها على نطاق واسع ليس فقط في وسائل الإعلام المحلية ولكن أيضًا بين المهتمين ووسائل الإعلام الأجنبية.
وهذا الإجراء يعتبر في الواقع خطوةً محسوبةً في لعبة الحرب النفسية والتصدي لأفعال مثل الإعلان في وسائل الإعلام عن وجود القاذفات أو الغواصات النووية في الخليج الفارسي.
لكن هناك نقطة مهمة أخرى، والتي تعتبر من أهم رسائل هذه المناورات، وهي رؤية الوضع الخاص للرأس الحربي لإحدى الصواريخ المستخدمة في المناورات. حيث تُظهر هذه الصورة الرأس الحربي للصاروخ منفصلاً عن الجسم ومتحركاً بسرعة عالية نحو الهدف، مع نوع من اللهب يبرز من جوانب الجسم.
الصور الرسومية من وقت الكشف عن صاروخ ذو الفقار، تُظهر أن الرأس الحربي لهذا الصاروخ مزود بنظام دفع مستقل. ونظرًا لامتلاكه مدى أطول وحقيقة أن صاروخ دزفول مشابه لصاروخ ذو الفقار من حيث التصميم العام، وخاصةً في قسم الرؤوس الحربية والأنف، فمن المحتمل أن يكون الرأس الحربي لصاروخ دزفول مجهز أيضاً بنظام الدفع هذا.
والسبب في ذلك، كما ورد في قسم تعريف هذه الصواريخ، هو الوصول إلى سرعات تصل إلى 5 ماخ وما فوق، والدخول في مجال الأسلحة فوق الصوتية، من حيث السرعة.
ولكن لماذا هذه النقطة مهمة؟ يتمتع صاروخ "باتريوت 3"، باعتباره السلاح الرئيس المضاد للصواريخ الباليستية حول إيران، بالقدرة القصوى على الاشتباك مع صواريخ ماخ 5.
إن قدرة هذا الصاروخ علی اعتراض صواريخ ذات سرعة منخفضة أو 5 ماخ، هي موضع نقاش، ولكن عندما يتعلق الأمر بسرعة تتجاوز 5 ماخ، فإن صاروخ باتريوت قديم وسيفقد قوته الاعتراضية عمليًا، وفقًا للشركة المصنعة.
في الوقت نفسه، تجدر الإشارة إلى أن صواريخ سلسلة فاتح لم تخرج من الغلاف الجوي للأرض، وأن نظامًا مثل "ثاد" لم يكن مصممًا في الأصل للتعامل معها، وصواريخ هذا النظام صممت للاشتباك مع أهداف تدخل من خارج الغلاف الجوي وفي الفضاء الفوقي لصواريخ باتريوت.
مع العلم بهذه المسألة وهذا العرض الدقيق والواضح، تم إرسال رسالة إلى باتريوت وعملائها في جميع أنحاء إيران، مفادها بأن أموالكم قد ذهبت سدی! رغم أن أحداثًا مثل الأضرار الجسيمة التي تعرضت لها قاعدة عين الأسد، أظهرت أيضًا مدى سوء وضع صواريخ باتريوت والادعاءات المتعلقة بها.
أما النقطة السابعة والأخيرة فتتعلق بسلسلة صواريخ زلزال في هذه المناورات. عند دراسة صور هذه المناورات، يمكن رؤية المقذوفات التي لم تنفصل رؤوسها الحربية، والقذيفة تغوص تمامًا نحو الهدف.
هذه المقذوفات الکاملة هي في الواقع صواريخ زلزال، ونظرًا لدقتها في إصابة الهدف، فمن الواضح أنها من النوع المطوَّر من حيث الدقة. وبالنظر إلی الدقة المتزايدة فيها، تعدّ هذه الصواريخ خياراً مناسباً للقتال قصير المدى وحتى للدخول في الخدمة في وحدات مدفعية الصواريخ التابعة للحرس الثوري الإيراني والقوات البرية للجيش.
باختصار، يمكن القول إن مناورات سلاح الجو التابع للحرس الثوري الإيراني وتفاصيلها المنشورة في وسائل الإعلام، تظهر أن القوة الصاروخية لجمهورية إيران الإسلامية أكبر مما تم عرضها من قبل، وفي الواقع أصبحت ضغوط ترامب لتقويض القوة العسكرية الإيرانية، فرصةً لمزيد من التطوير لهذا الجزء من القوات المسلحة وصناعة الدفاع، من خلال الكشف عن مثل هذه المكاسب والإنجازات.