الوقت- أدت ست سنوات من القتال العنيف والهجمات الوحشية التي شنها تحالف العدوان السعودي على الأراضي اليمنية، والتي أسفرت عن استشهاد وجرح عشرات الآلاف من الأبرياء في اليمن، إلى استهداف قوات الجيش واللجان الشعبية اليمنية بشكل متكرر لمناطق حساسة داخل أراضي العدو السعودي باستخدام مجموعة واسعة من الصواريخ والطائرات الانتحارية المسيرة. وشملت هذه الأهداف قواعد عسكرية رئيسة في الرياض ومطارات في جنوب السعودية، ومنشآت نفطية في أجزاء مختلفة من البلاد، ولقد تم استهدافها بصواريخ باليستية وصواريخ كروز وطائرات مسيرة انتحارية من طرازات مختلفة.
من مضخات "العفيف" النفطية إلى ميناء جدة
وقعت أولى هجمات "أنصار الله" على منشأة أرامكو النفطية في 14 أيار 2019 في منطقتي "العفيف والدوادمي". وكانت هذه المناطق في الواقع محطات لضخ النفط والغاز المكرر في مصافي شرق السعودية، وكانت تقع على طريق خط الأنابيب الواصل بين ميناء "الجبيل" على ساحل الخليج الفارسي و ميناء "ينبع" على ساحل البحر الأحمر، والتي تبلغ سعتها التخزينية 3.2 ملايين برميل يوميًا وينقل الغاز المكرر إلى محطة التصدير الغربية في المملكة العربية السعودية.
ولقد أوقف ذلك الهجوم لفترة وجيزة صادرات النفط والغاز المكرر إلى مصافي "بقيق وخريص" و"الشيبة" في المملكة العربية السعودية، وكان في الواقع ذلك الهجوم تحذيرًا لشن هجمات كبيرة على مصافي النفط المختلفة في المستقبل القريب. ومع استمرار المقاتلات السعودية في مهاجمة البنية التحتية الحيوية للشعب اليمني، قرر أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية توجيه ضربة ثانية للعدو. وفي ذلك الوقت، لم يكن الجيش الإماراتي قد غادر اليمن بعد، وفي تلك الأثناء قرر القادة اليمنيون اختيار هدف ذكي ومهم، إضافة إلى توجيه ضربة موجعة للسعودية، لإرسال رسالة مهمة إلى مشيخات الإمارات في أسرع وقت ممكن بأنه يجب عليهم مغادرة اليمن.
وهذه المرة، تم اختيار مصفاة "الشيبة" الكبيرة الواقعة في شرق صحراء الربع الخالي، المتاخمة للحدود السعودية الإماراتية. ولقد أعلن المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية العميد "يحيى سريع"، صباح 17 آب 2019، أن 10 طائرات مسيرة من طراز "صماد 3" دمرت جزءًا من مصفاة "الشيبة" شرق السعودية، والتي تقع على بعد 1200 كيلومتر من الحدود اليمنية. ومصفاة "الشيبة" هي واحدة من ثلاث مصاف رئيسة في السعودية حيث أظهرت صور الأقمار الصناعية طائرات من دون طيار يمنية تضرب المنشأة بنجاح وتضرم النيران فيها. ولأن هذه المصفاة كانت قريبة من أراضي الإمارات، فقد تلقى قادة هذه الدولة رسالة هامة، مفادها أن الطائرات المسيرة التي قطعت 1200 كيلومتر إلى منشأة "الشيبة" وضربت الهدف بنجاح وبدقة عالية، يمكن أن تدخل أراضي الإمارات ومناطقها الحساسة إذا لزم الأمر.
ولكن الهجوم الثالث والأكثر ذكاءً على منشأة "أرامكو"، كان الهجوم على مصفاتين رئيسيتين واقعتين على طول طريق خط الأنابيب "شرق – غرب" السعودي، وهما "بقيق وخريص". وفي 14 سبتمبر 2019، كانت جميع القنوات التلفزيونية ووكالات الأنباء الرائدة في العالم تغطي هجوم الجيش اليمني على أكبر مصفاة نفط في العالم في السعودية. ولقد أفادت وسائل إعلام يمنية أن وحدة الصواريخ في البلاد استخدمت مزيجًا من الطائرات الانتحارية بدون طيار وصواريخ كروز من طراز "القدس 1" لمهاجمة مصفاتين في السعودية.
ولقد حاول المسؤولون السعوديون، الذين حاولوا دائمًا التقليل من أهمية ضربات الطائرات بدون طيار لقوات الشعب اليمنية، اتباع سياسة مغايرة للتعامل مع الوضع، نظرًا لاتساع نطاق النيران ونشر صور الأقمار الصناعية المذهلة للأضرار التي لحقت بمجمعات المصافي في البلاد وقاموا بالتعتيم على هذه الهجمات لأنها سيكون لها تأثير سلبي على سوق النفط العالمي، وسوف تجذب انتباه الرأي العام العالمي.
وسرعان ما تم الكشف عن مزيد من التفاصيل حول كيفية تنفيذ تلك الهجمات اليمنية في معرض خاص اقامه عدد من القادة العسكريين السعوديين. ووفقًا لمسؤولين سعوديين، فقد تم في هذه الهجمات إطلاق ما مجموعه 18 طائرة مسيرة انتحارية من طراز غير معروف و 7 صواريخ كروز من طراز "قدس 1" على تلك المنشآت النفطية. ولقد ضربت 18 طائرة من دون طيار منشأة "البقيق"، بكفاءة عالية، وخاصة خزانات الغاز الطبيعي المسال وأعمدة التقطير في المركز، ووفقًا لمسؤولين سعوديين، فإن 4 من صواريخ كروز من أصل 7 صواريخ أصابت أيضًا منشأة "خريص".
والقضية الرابعة والأخيرة لهجمات "أنصار الله" الكبرى على منشأة أرامكو مرتبطة بالهجوم ليلة 22 نوفمبر من هذا العام، ففي وقت كانت تنتشر فيه شائعات عن وصول رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" إلى السعودية لتطبيع العلاقات مع السعودية، اختارت الوحدة الصاروخية التابعة للجيش اليمني هذه المرة موقع تخزين وتوزيع المنتجات البترولية في ميناء جدة كهدف، ولقد تمكن هذا الصاروخ الجديد، المسمى "قدس 2" ، أصاب هدفه بسهولة والمرور عبر جميع الحلقات الدفاعية للجيش السعودي.
ما هي الأهداف المستقبلية المحتملة للجيش اليمني؟
تمتلك شركة "أرامكو" للنفط ما مجموعه ثماني مصافي نفط وغاز كبرى في المملكة العربية السعودية، وإذا قمنا بترتيبها على أساس حجم الإنتاج، فقد نفذت القوات اليمنية حتى الآن ثلاث هجمات ناجحة على أهم مصافي في القائمة السعودية، وهي "البقيق" بطاقة استيعابية 7 ملايين برميل في اليوم، و"خريص" بطاقة استيعابية 1. 5. ملايين برميل يوميا و"الشيبة" بطاقة استيعابية مليون برميل يوميا. وباستثناء الحالات المذكورة، فإن مصفاة "المنيفة" للنفط بالقرب من حدود الكويت بطاقة استيعابية 900 ألف برميل، ومصفاة "القطيف" بطاقة استيعابية 800 ألف برميل، ومنشآت "الخرسانية وحرز والنعيم" بطاقة استيعابية 500 و 300 و 100 ألف برميل نفط على التوالي، يمكن أن تكون ضمن أهداف قوات "أنصار الله" اليمنية في هجماتها الانتقامية القادمة.